
شطَحاتُ الدكتور الفايد
إدريس أبو الشَّمائل
عجيبٌ غريبٌ أمرُ الدكتور محمد الفايد ..أصبح يقول أشياء ما عَهِدنا مثلَها منه وعنه . وأكبر دليلٍ على أنه انتقل من حالٍ إلى حال ، أن أشباه العلمانيين الذين كانوا بالأمس يهاجمونه بشراسة ، أصبحوا يؤيدونه الآن ويُثنون عليه الثناءَ الحسن . وذلك شأنُهم وشأنُه ، فذلك لا يَضِيرُني في شيء ، ولكني ألاحظ أن الرجلَ كان في حالٍ وأصبح في حال ..صحيح أنه متعصبٌ لرأيه دائما ، ولكنه لم يكن سليطَ اللسان ولا متطاولاً على علماء الأمة .. فقد أصبح الآن يعتبر نفسَه أعْلمَ منهم في مَجالِهم لا في مَجالِه ، حتى انتهى به الأمر إلى عدم اعتبارِ العلوم الدينية علوما أصلاً .. فالعلوم في رأيه هي علوم الاختراعات والتقنيات والرياضيات فحسب. وهو بهذا يكون قد أخذَ بأضيقِ مفاهيم العلم ، في وقتٍ أصبحتْ كلُّ حقولِ المعرفةِ تقريبا تُضافُ إليها لفظةُ ” لُوجْيَا ” ، أو ما يقوم مقامَها ، لإضفاء الطابع العلمي عليها صِدقاً أو باطلاً . سبحان الله ، هل هذا يعني أن كل المعارف تَصلُح أن تكون عِلماً إلاَّ المعارف الدينية ؟
على كلٍّ فهذا الموضوع شاسعٌ ويتطلّبُ منا الكثيرَ من الوقفاتِ والأخْذِ والرَّد ، ولكننا نكتفي بكتاب الله حَكَماً فاصلا ..أو ليس الدكتور الفايد يقول إنه يحفظ القرآن الكريم ؟ فلْنَرَ إذن هل المعارف الدينية علمٌ أو ليست علماً . وما سنورده هنا هو قليلٌ من كثير ، لأن جذرَ “علم” ومشتقاته في كتاب الله هي بالمئات ، مع التسطير بالأحمر تحت المئات حتى لا يُظَنَّ أن المقصودَ بها الكثرة فقط .
يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 120 : ” وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ” .. وفي الآية 145 من السورة نفسها : ” وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ” . إذنْ فالله سبحانه وتعالى أوحى لرسوله ب “عِلْم” ولم يوحِ إليه باختراعات ولا رياضيات ، ولا غيرها مما يعتبره صاحبنا عِلماً . وليس للدكتور الفايد أن يقول عكسَ ذلك إلا إذا أراد أن يتدارك على الله .
وفي سورة آل عمران ، الآية 7 يقول الله سبحانه وتعالى : ” وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ “..إذن فالإيمان بالله هو رسوخٌ في العلم بيقين . لأن العلوم والتقنيات لن تُوصِلَك إلى الله لو لم يكن لك استعدادٌ فطري ورغبةٌ أيضا لمعرفة الله ، لسبب بسيط هو أن الله لا يخضع للتجربة ، ولكنه بادٍ في تجلياته . لهذا كان العربي البسيط في الصحراء يستعمل فطرتَه في معرفة الله فيقول إن الخطوةَ تدل على المسير ، والبَعرةَ تدل على البعير! لهذا يحاسبنا الله تعالى على عدم استعمال حواسنا في الإدراك ، فيقول مثلا تَعْريضاً بمَنْ لم يفعلوا ذلك : ” وكانوا مسْتَبْصرين” ، أي عقلاء وذوي بصيرة فلم ينفعهم استِبْصارُهم .
ومع ذلك أرسل الله الرُّسلَ رحمةً بعباده ، من جهة ، ولكي لا تكُون عليه حجة بعد الرسل من جهة أخرى . وإذنْ فقد أرسل الله هؤلاء الرسل ب “عِلم ” شاء من شاء وأبى من أبى !. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة سبأ ، الآية 6 : ” وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِىٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ ” ، أي العلم الذي أُنْزِلَ إليك ، اكتفى سبحانه وتعالى هنا ب ” الذي” حتى لا يكونَ هناك تكرارٌ لِمَذكورٍ واضح .
ويقول في سورة يوسف الآية 22 : ” وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيْنَٰهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ ” . ويقول في سورة الكهف الآية 65 عن العبد الصالح الذي يُعْتَقد أنه السيد الخضر عليه السلام : ” فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَٰهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ” . فهذا العلم لم يكن يعلمه حتى موسى عليه السلام مع كونه نبيا ورسولاً . وهذا واضحٌ بيِّن لمن شاء أن يرجع إليه بتفصيل في سورة الكهف . وفي سورة الأنبياء الآية 74 يقول الله تعالى : ” وَلُوطًا ءَاتَيْنَٰهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍۢ فَٰسِقِينَ ” . وفي سورة مريم ، الآية 43 يقول ربنا على لسان إبراهيم عليه السلام ، وهو أبو الأنبياء وخليلُ الرحمان : ” يَٰٓأَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِىٓ أَهْدِكَ صِرَٰطًا سَوِيًّا ” . وأبو إبراهيم ، بالمناسبة ، كان في قومه صاحب صناعةٍ وحِرَف ، ومع ذلك لم يعتبر الله ذلك علماً بالمفهوم الذي يُتَوصَّلُ به إلى معرفة الله : ” يَٰٓأَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ “. ويقول الله تعالى في سورة النمل ، الآية 66 ، عن أولئك الذين ليس لهم من نصيبٍ من العلم إلا مثل هذه الأشياء : ” بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ” .. ” بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ “. ما أقوى كلمة الاِدِّرَاك هذه !
ومع ذلك فالأمرُ يجب أن يُفهَمَ في سياقه ، لأن القصدَ هو أن الاختراعات والعلوم بمعناها المتداول حصْراً ، إذا كانت علوما نافعة في هذا العالم بكيفية أكيدة ، فهي لن تكون كذلك هناك إلا لو اقترنت بالإيمان ، فنفعها حينئذٍ ليس بوجودها ، بل بما قدمه أصحابها من مصالح للعباد .
والحديث سيطول بنا أكثر لو أوْرَدْنا أيات أخرى ولهذا سأكتفي بهذا القدر ، وأختم بالحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه الرسول الأكرم عليه السلام : “إن العلماءَ ورثةُ الأنبياء ، إن الأنبياءَ لم يُورِّثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورّثوا العلم ، فمنْ أخذَه أخذَ بحظٍّ وافِر “. رواه الترمذي وغيره .
بقلم إدريس ابو الشمائل
الدكتور محمد الفايد بزاااااف عليكم. متوصلولوش حتى فوسخ رجليك
الدين نقل وليس علم.copier coller.
احسنت القول ماشاء الله جزاك الله عنا كل خير وجعله في ميزان حسناتك .
في رأييئ, الخلط يبن كلمة ” علم ” التي تعني ” معرفة ” =connaissance و علم التي تعني =science.. و هذا راجع إلى اللغويين , إبان ظهور الرياضيات , الفيزياء, الكيمياء, لم ” يخترعوا كلمة تفرق بينهم و اعتبروا الكل ” علما”……ومن الأخطاء الفادحة عند اللغويين هو اعتبار كلمة ” أمي , أمية ” = جهل و عدم معرفة القراءة و الكتابة…و الحقيقة أنها لا تعني ذلك بتاتا…
مقال جميل في المستوى
الدكتور محمد فايد أستاذ و عالم مغربي مقتدر نظراً لما أسدى للمغرب من ثروات علمه الكثير . فهو عالم جد مُتمكّن من علم التغذية و بلا منازع . و لكن بعض الحاقدين يريدون المساس بمعارفه الغزيرة و تلويث سُمعته إلّا أنهم لن يتحقق لهم ذلك .