حينما تستضيء السياسة بالمال

 

ترامبيزم Trumpism

 

يعني مصطلح ترامبيزم في القاموس السياسي الحديث  : ” فلسفة سياسية لاتقليدية ، أو النهج الذي تبناه الرئيس الأمريكي ترامب ومعاونوه ، فعبارة Trumpism يمكن أن تكون قد استعملت مباشرة للإشارة إلى بيان فظ  ذاتي الحساسية صادر عن الرئيس ترامب ” ؛ ذلك أن الوضع الاقتصادي العالمي لم يكن حاضرا بقوة في تقييم العلاقات الدولية مثلما هو عليه الآن ، وخاصة في ظل الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب الذي جعل من كل مراسيمه الموقعة وتصريحاته أو تغريداته تكريسا لمبدأ “بكم” والذي يعني في ظل ترامبيزم الجديدة New Trumpism تكميم السياسة والاقتصاد معا في لغة أرقام والتي تفضي ؛ في الأخير ؛ إلى مقدار ” الربح أوالخسارة ” ، وكأن أخلاقيات السياسة الخارجية الأمريكية تختزل في حجم مدى استفادة كبريات الشركات العابرة للقارات ، ثم الخزينة الأمريكية من المنتوجات المروجة، وعلى رأسها الأسلحة.

وقد لا حظ العالم أجمع ؛ من خلال تبادل الكلمات بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي مانويل ماكرون كيف حرص الأول على صياغة كلماته عبر أرقام بحجم الأرباح والخسائر التي تحصدها السياسة الأمريكية في معاملاتها عبر تدخلاتها في العديد من القضايا والملفات الدولية وحضورها داخل المنظمات والأحلاف والشركاء بمن فيهم دول محسوبة على ” الدول الصديقة ” وتحديدا دول الخليج التي تراها عين أمريكا بمثابة مخزون كبير لاستدرار مزيد من مليارات الدولارات في صورة اقتناء متجدد للعتاد الحربي الفائض عن الحاجة ، لكن وفي جملة مدوية اهتزت لها عروش الحكام العرب ، صرح ترامب : ” أن لولا وجود أمريكا .. لما استمرت دولة بالمنطقة أكثر من أسبوعين !” ؛ ويشير هذا بصريح العبارة إلى  أن الوضعية الجيو سياسية التي عليها معظم دول الشرق الأوسط والخليج خاصة هي من الهشاشة في قدرتها على ردع أو مواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في رقع جغرافية واسعة والتي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة ، ويعني من وجهة نظر بعيدة المرامي أن أمريكا ؛ بمعنى أو آخر ؛ هي التي تتكفل بحماية هذه الأنظمة وتدفع عنها جحيم التنظيمات العسكرية المناوئة .

وغني عن البيان أن دولا عربية عديدة تخصص المليارات من الدولارات لتلميع صورها داخل المحافل الدولية أو لكسب الدعم الدولي بخصوص ملفات وقضايا معلقة .

 

هل ما زالت للسياسة أخلاق ؟!

 

إن مقاربة هذا الموضوع يستدعي الاستئناس بأحداث الحروب المستعرة في مناطق عديدة من الشرق الأوسط ، وتحديدا فلسطين واليمن والعراق وسوريا ، فالدول الغربية ؛ وإن كانت هي المزود الرئيس للأسلحة ؛ فإنها من الوجهة الإعلامية الموالية والمهيمنة ؛ تهدد بالامتناع عن بيع الأسلحة لدول المواجهة ، لكن من الوجهة المالية الصرفة ـ كعقيدة لتاجر الأسلحة ـ أمر عادي بالنسبة إليه ؛ لا يرعوي ولا يبالي بالخسائر البشرية ولا بموجات تشريد وتهجير سكان المنطقة حتى ولو كانت تعد بالملايين ؛ وخاصة الصور البشعة للأطفال والنساء والشيوخ وهم يتساقطون تحت قصف نيران دول التحالف العربي !

وقد غدت لغة الخداع والنفاق السياسي أو ازدواجية النظرة الغربية الأكثر هيمنة وطفوحا على أخبار الميديا حينما يتعلق الأمر بالقصف العشوائي لفلسطينيين في عمر الزهور وهم يتعرضون لوابل من الرصاص ؛ وتحت أنظار العالم أجمع ؛ من طرف القوى الإسرائيلية الغاشمة ، لتعقبها احتجاجات وصيغ استنكار محتشمة من لدن حكومات ومنظمات دولية تدعو إلى “عدم الاستعمال المفرط للسلاح” ، والحال أن العدو ماض في غطرسته غير مبال بارتفاع عدد الضحايا ولا بأصوات الاستنكار التي تمطره بها جهات “غربية” … فمن خلال هذه الصور التراجيدية ، يتساءل الباحث : هل أخلاقيات السياسة ذهبت إلى غير رجعة ، أم أنها تحضر في حالات إرهابية بدول غربية ، وتغيب فيما عداها وخاصة إذا تعلقت بمقتل وتهجير عشرات الآلاف من العرب !

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى