العلاقات المغربية الإسبانية من الانكماش الى الانفتاح

بعد ازيد من أربعة عقود من علاقات المد والجزر بين الرباط ومدريد، كان أشدها أزمة جزيرة ” ليلى” وبعدها أزمة إستقبال زعيم جبهة البوليزاريو ” بن بطوش”، وجدت العلاقة بين البلدين الجاريين, انفراج كبير في الآونة الاخيرة بعد اعتراف مدريد منح حكم ذاتي للصحراء المغربية بأنه “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل القضية، كما تعهدت اسبانيا بدعم موقف المغرب من مسألة الصحراء.

وبعدها احتضنت الرباط في 7 ابريل من السنة الماضية، لقاء ين الملك محمد السادس، ورئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز أعرب الجانبان عن “استعدادهما لبدء مرحلة جديدة تقوم على أساس الاحترام والثقة المتبادلة والتشاور الدائم والتعاون الصريح والمخلص” .

وكان رئيس الحكومة الإسبانية سانشيز، قد أكد حينها على الموقف الذي أعربت عنه مدريد بأن مقترح المغرب هو اكثر واقعية ومصداقية لحل القضية المفتعلة. كما إتفقا الجانبين على “خارطة طريق واضحة تسمح بإدارة الأمور محل الاهتمام بطريقة منسقة، بروح طبيعية وحسن جوار، دون مجال لأفعال أحادية الجانب”.

وتشمل خارطة طريق تحسين العلاقات بين البلدين “الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستويين البري والبحري، وكذلك إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين.

– توقيع 20 اتفاقية جديدة بين الرباط ومدريد

بدأت العلاقات بين الرباط ومدريد، تأخد منحى جيد في تأسيس شراكة إقتصادية بين البلدين، حيت انعقدت اليوم الخميس 2 فبراير الجاري، بالرباط أشغال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغرب – إسبانيا، برئاسة مشتركة بين رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز.

وسيعرف الاجتماع توقيع نحو عشرين اتفاقية بين البلدين، مما سيعزز الشراكة بين البلدين الى مستقبل مشرق، حيت ستهم الاتفاقيات عدد من المجالات الحيوية، بعد أن أعلن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش على هامش هذا الاجتماع رفيع المستوى، جرى أمس الأربعاء بالرباط تنظيم منتدى اقتصادي مغربي – إسباني، أعلن خلاله رئيس الحكومة الإسبانية عن بروتوكول تمويل جديد بقيمة 800 مليون أورو، يهم مشاريع مشتركة في المغرب.

– ملفات الهجرة والأمن بين الرباط ومدريد

من أهم الملفات ذات الاهتمام المشترك بين الرباط ومدريد ( الهجرة و الأمن) حيت سبق لوزير الخارجية ناصر بوريطة في ندوة صحفية جمعته مع نظيره الإسباني مانويل ألباريس نهاية السنة المنصرمة، أن وصف تعاون المملكة المغربية مع إسبانيا في ملف الهجرة، بأنها “قصة النجاح الوحيدة للتعاون” في ذلك المجال بالمنطقة المتوسطية، مشيرا إلى أن هناك توافقا عالميا بأن ما يقوم به البلدان “يشكل نموذجا يحتذى به”.

مدريد اعتبرت أن التعاون المغربي الاسباني قد قلص الهجرة غير النظامية من إفريقيا بنسبة 20 في المائة، وجاء في تقرير لوزارة الداخلية المغربية، أن “السلطات الأمنية ضاعفت في 2022 مجهوداتها للتصدي للشبكات الإجرامية التي تنشط في ميدان تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر”.

وتحدث التقرير نفسه عن “إفشال 40 ألفًا و589 محاولة للهجرة السرية (غير النظامية) منذ بداية عام 2022، وتفكيك 124 شبكة إجرامية تنشط في ميدان الهجرة غير القانونية”، بحسب التقرير.

كما أن الحكومة المغربية قد شجعت الرجوع الطوعي للمهاجرين في وضعية غير قانونية، وذلك بالتعاون مع الهيئات الدبلوماسية لبلدانهم المعتمدة بالمغرب”.

وخلال العام الجاري، وفق التقرير، “تم ترحيل 2326 مهاجرًا إلى بلدانهم الأصلية، بتنسيق مع المنظمة العالمية للهجرة بالمغرب”.

وفي 2020، أوقف السلطات المغربية، 12 ألفًا و231 مرشحًا للهجرة غير النظامية وفككت 150 شبكة إجرامية تنشط بتنظيم الهجرة غير النظامية.

وتتزايد محاولات مغاربة وأفارقة من دول جنوب الصحراء الهجرة بطريقة سرية إلى أوروبا بحثًا عن حياة أفضل، في ظل حروب واضطرابات أمنية وأوضاع اقتصادية متدهورة في دول إفريقية عديدة

وأمام هذا الوضع، تبقى نجاعة هذا التعاون وصموده لاسيما في الحد من الهجرة غير الشرعية، رهينة بعدة عوامل وفق خبراء الهجرة، الذين اعتبروا أنه من الصعب مناقشة ملف الهجرة دون استحضار دعم الاتحاد الأوروبي وتطورات المنطقة.

– تعاون بين الرباط ومدريد ليس بجديد

يعتبر التعاون بين المغرب وإسبانيا في ملف الهجرة، ليس وليد اليوم وإنما يرجع إلى بداية التسعينات حيث وقع البلدان مجموعة من الاتفاقيات بهذا الخصوص.

كما أن ملف الهجرة غير الشرعية لا يمكن تدبيره من طرف بلد واحد لأنه يهم حدودا برية بين الجانبين رغم أن الرباط لا تعترف بها، رغم أن الاتحاد الأوروبي يعترف بهذه الحدود مما يجعل عملية التعاون بين البلدين مرتبطة على المستوى الدبلوماسي والأمني أيضا.

وتشكل قضية الهجرة واقع متغير ومتطور مما يجعل التزامات تنفيذ خطط مكافحتها بدورها تتغير، وهو ما يستدعي من إسبانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، الاعتراف أن المغرب يتحمل بشكل كبير فاتورة قانونية وحقوقية وأمنية واقتصادية مما يلزم الاتحاد بالرفع من التزاماته المادية والقانونية”، لأن مواجهة قضية الهجرة على مستوى علاقات ثنائية بين المغرب وإسبانيا لن تكفي، بل يجب أن يتسع هذا التعاون كي يشمل الاتحاد الأوروبي،لأن افريقيا
تعرف متغيرات أمنية تهم الاستقرار والأمن مما ينعكس سلبا على اتجاهات الهجرة من شمال أفريقيا نحو أوروبا ويزداد الضغط على المغرب كبلد عبور، و لايمكن التحكم في قضية الهجرة لكونها ليست ثابتة وفي ازدياد مستمر”.

– اسبانيا تتحرك بخطوتين على فرنسا

في الوقت الذي حققت فيه العلاقات بين الرباط ومدريد تقدم ملموس، مقابل هذا لازالت باريس تسابق الزمن من أجل استعادة المبادرة في علاقاتها مع المغرب الشريك التقليدي وتقليل التداعيات السلبية لسياسة قصر فيرساي.

وفي الوقت الذي تسير فيه علاقات باريس بالجزائر باتجاه التحسن، تبدو العلاقة مع الرباط في وضع أشبه ما يكون بغرفة انتظار. إذ يسود غموض كبير حتى على موعد زيارة يريد الرئيس ماكرون القيام بها إلى الرباط.

فالمغرب الذي طالما شكل حليفا استراتيجيا تقليدية لفرنسا، يبدو أنه يتجه لمراجعة هذه الشراكة، فيما يؤشر إلى أن السياسة الفرنسية مقبلة على اختبار كبير في المرحلة المقبلة.

ورغم تأثير تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة على التطورات الأخيرة في علاقات فرنسا المغاربية، إلا أن نظرة فاحصة في مسار هذه العلاقات تقود إلى رصد عوامل أخرى محلية وعالمية قد يكون تأثيرها ليس أقل أهمية من المعطيات الراهنة المرتبطة بحرب أوكرانيا.

تكشف أجندة اللقاءات الثنائية بين الجزائر وفرنسا كثافة في الملفات بين الاقتصاد والطاقة والأمن والهجرة وقضايا إقليمية ذات طابع استراتيجي، كما ينطوي بعضها على أبعاد معقدة وحسّاسة في العلاقات، مثل قضايا الذاكرة الوطنية أو التعاون العسكري والاستراتيجي إضافة لملف الصحراء بين المغرب والجزائر.

وبقدر ما تبدو العلاقة مع الجزائر في حالة بحث عن محركات للنهوض بها، فإن محركات أساسية في علاقات الشراكة القوية مع المغرب تبدو مهددة بالجمود. إذ باتت التساؤلات تطرح بأصوات عالية في الرباط عن مآلات تطور العلاقة مع فرنسا، وعن جدوى تمتع الشركات الفرنسية التي تعتبر المؤسسات الأجنبية الأكبر عددا في البلاد، بوضع تفضيلي في السوق المغربية، إذا لم تقدم باريس للرباط أكثر مما تحصل عليه من شركاء غربيين آخرين لا يتمتعون بنفس الوضع التفضيلي الذي تستفيد منه فرنسا. وبات من الواضح أن باريس تصطدم في حقيقة الأمر بتطلعات الدول المغاربية التي أصبحت تتجاوز سقف السياسة التقليدية التي اعتادت فرنسا إدارة سياستها المغاربية بها.

والآن باتت باريس تحت وطأة انتظارات متزايدة باتجاه مسايرة تطلعات الرباط والجزائر، من أجل الحفاظ على مصالحها في منطقة نفوذها التقليدي؛ حتى ولو كان بشكل أقل مما كان عليه وضعها في السابق. وهو ما قد يفرض عليها تقديم تنازلات.

فكما تبدو اهتمامات فرنسا كبيرة من أجل الحصول على مواقع متقدمة في قطاع الطاقة والبُنى التحتية بالجزائر والتي تهيمن فيها الصين كشريك أول، ثم إيطاليا وألمانيا بدرجة أقل، أو في قطاع التسليح الذي تعتبر روسيا الشريك الرئيسي فيه، أو تسعى للحصول على تسهيلات لوجستية وعسكرية وأمنية لتدارك تراجعاتها في ليبيا ودول الساحل والصحراء.

مقابل هذه الاهتمامات، يمكن أن تكون فرنسا تحت ضغوط جزائرية تعتمد مثلا على الطاقة كسلاح دبلوماسي، من أجل الحصول على تنازلات فرنسية في ملفات تحظى بالأولوية في سلم “الأمن القومي الجزائري” أكثر من أي وقت مضى، مثل ملف الصحراء المغربية.

لكن الأجواء بين المغرب وفرنسا، باتت تتسم ببرودة ملحوظة، كما تواجه فرنسا أسئلة بوتيرة متصاعدة من شريكها المغرب، حول قضايا أساسية في منظور “الأمن القومي المغربي”، وعلى رأسها ملف الصحراء، الذي وصفه الملك محمد السادس في خطاب سامي سابق، بأنه بمثابة “النظارات” التي يرى بها المغرب علاقاته الخارجية وشراكاته وبأنه لن يقبل بالتعامل مع “المواقف الرمادية”. وكانت تلك، برأي المراقبين، رسالة واضحة لفرنسا، مفادها أن الحفاظ على امتيازاتها في السوق المغربية سيتحدد في ضوء الموقف الذي ستتخذه من ملف الصحراء.

ورغم أن فرنسا تعتبر داعما تاريخيا لموقف المغرب سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري، إلا أن الرباط باتت تريد من شركائها دعما أقوى من أجل حسم النزاع على مستوى الأمم المتحدة اعتمادا على مقترح الحكم الذاتي الموسع الذي طرحته منذ سنة 2007، وحصل على دفعة قوية باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية في عهد إدارة الرئيس السابق ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء، وأعقبته مؤخرا مواقف أوروبية (إسبانيا، ألمانيا، هولندا) داعمة لمقترح الحكم الذاتي كأساس “واقعي” لتسوية النزاع الذي عمر لأزيد من نصف قرن.

-ملف سبتة ومليلية وجزر الخالدات هل أصبح معلقا لوقت لاحق؟؟؟

تعد المدينتان المغربيتان ( سبتة و مليلية” من أقدم المستعمرات تحت السيادة الإسبانية، و مع نشوب كل أزمة في العلاقات المغربية الإسبانية، تتجدد مطالب الرباط باسترجاع ما مدينتي سبتية ومليلة، فما قصة تلك المدينتين الموجودتين في الشمال المغربي والخاضعتين للسيادة الإسبانية منذ قرون؟

* مستعمرات قديمة .

تعتبر مدينتا سبتة ومليلة من أقدم المستعمرات في شمال أفريقيا، حيث استغلت القوات الأوروبية ضعف إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي، ليقوم البرتغال باحتلال سبتة، والإسبان مليلية، وأصبحت سبتة تحت النفوذ الإسباني على إثر احتلال إسبانيا للبرتغال.

وسيطر الرومان على مدينة سبتة عام 42 ميلادية، وفي نحو عام 442 تمكنت قبائل الوندال من طرد الرومان من المدينة إلى أن سيطر عليها البيزنطيون ثم القوط القادمون من إسبانيا، وفي القرن الثامن الميلادي شكلت مدينة سبتة قاعدة الغزو الإسلامي لإسبانيا بقيادة طارق بن زياد، إلى أن احتلها البرتغال، وعلى إثر اعتراف إسبانيا باستقلال البرتغال تنازلت الأخيرة عن سبتة لإسبانيا بمقتضى معاهدة لشبونة لعام 1668.

و تعتبر قضية سبتة ومليلية بحسب مؤرخين من مخلفات المواجهة بين العالم الإسلامي وأوروبا الصليبية، فهما أقدم المستعمرات في العالم، بالنسبة إلى سبتة فقد احتلها البرتغال 21 أغسطس (آب) من عام 1415، وقد كانت أوروبا تريد احتلال المغرب برمته بروح صليبية مندفعة، في سياق رد الفعل على الوجود الإسلامي الطويل في الأندلس، ذلك أنه قبل سقوط مدينة غرناطة، آخر الممالك الإسلامية، قام البرتغاليون باحتلال مدينة سبتة”، معتبراً ذلك إبرازاً للقوة أمام الغرناطيين الذين كانوا لا يزالون يقاومون من أجل البقاء، وانتقاماً من المسلمين في إطار ما سمي “حروب الاسترداد”، حيث تمكن البرتغاليون حينها من احتلال سبتة والقصر الصغير وطنجة وأصيلة والجديدة.

وتعاقب على احتلال مدينة مليلية كل من الفينيقيين في القرن السابع قبل الميلاد، ثم القرطاجيين ومملكة موريتانيا ثم الرومان، إلى أن خضعت للسيادة الإسبانية عام 1497 على إثر احتلال إسبانيا للبرتغال، كما تحتل إسبانيا حتى الآن الجزر الجعفرية الثلاث، وجزر الكناري، وصخرة الحسيمة، وصخرة قميرة، وجزيرة المعدنوس (ليلى)، وجزيرة البران.

تقع مدينة سبتة في أقصى الشمال المغربي مطلة على مضيق جبل طارق، إذ تبلغ مساحتها نحو 19 كيلومتراً مربعاً، بينما يبلغ تعداد سكانها 77 ألف نسمة، وهم خليط من النصارى والمسلمين وقليل من اليهود والهندوس، فيما تقع مدينة مليلية في شمال شرقي المغرب، تبلغ مساحتها 12 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ تعداد سكانها نحو 79 ألف نسمة، 65 في المائة منهم مسيحيون، و35 في المئة مسلمون، مع وجود أقلية يهودية.

وعملت إسبانيا على تكريس الوضع القائم على إثر منح المدينتين حكماً ذاتياً بموجب قرار البرلمان الإسباني الصادر في عام 1995، ويعتمد اقتصاد المدينتين على حيوية قطاع النقل، إضافة إلى استفادتهما من فضاء للتجارة الحرة، الأمر الذي أسهم في جعلهما قاعدة لتهريب السلع نحو المغرب لسنوات قبل أن يتوقف هذا النشاط في السنوات القليلة الماضية، كما يرتكز اقتصاد المدينتين على الميناءين البحريين اللذين تحتويهما، واللذان يستخدمان بالأساس كمراكز صيد الأسماك وفي نقل النفط.

وكانت السلطات الإسبانية تولي أهمية قصوى لمستوى الرفاهية بالمدينتين إلى حد تفوق تلك التي توليها للمدن الإسبانية الأخرى، بهدف منع نشوب أي نزعة لدى السكان المغاربة الأصليين من أجل العودة لوطنهم، حيت انه بعد استقلال المغرب من الاستعمار الفرنسي عام 1956 عملت السلطات الإسبانية على إيلاء أهمية للمدينتين بخصوص البنية التحتية ومستوى المعيشة لدى السكان، إضافة إلى مجالات الصحة والتعليم والنقل، حيث يستفيد سكان المدينتين وبالخصوص الإسبان من امتيازات لتشجيعهم على الاستيطان بالمدينتين، بالتالي حتى لا يكون للسكان المغاربة سبق على المستوى الديموغرافي.

هذا الاهتمام الإسباني بتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مدينتي سبتة ومليلية له أهداف تتمثل في “منع قيام أي نزعة مغربية نحو استقلال السكان الأصليين، خصوصاً أن الفرق في مستوى المعيشي بين المدينتين المحتلتين وضواحيها

” مطالب باسترجاع المدينتين

تتوالى مطالب شعبية ورسمية مغربية باسترجاع مدينتي سبتة ومليلة، وذلك تزامناً مع تفجر كل أزمة جديدة بين المغرب وإسبانيا، ومنذ استقلاله عام 1956 يعارض المغرب السيادة الإسبانية على المدينتين حيث يعتبرهما امتداداً لترابه، وكانت زيارة الملك الإسباني السابق، خوان كارلوس لمدينة سبتة في نونبر من عام 2007 أثارت غضب المغرب مما أسهم في تجديد مطالبته باسترجاع المدينتين.

وفي عام 2015 اعتبر رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، أن الوقت لم يحن بعد للمطالبة بالمدينتين، وفي عهد رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني التي أثارت تصريحاته غضب إسباني، حيث صرح العثماني بأن “سبتة ومليلية من النقاط التي من الضروري أن يُفتح فيها النقاش. إن الملف معلق منذ خمسة إلى ستة قرون، لكنه سيفتح في يوم ما”.

وضعية مدينتي سبتة ومليلة “هي نتيجة للأخطاء التي ارتكبتها الحكومات المغربية المتوالية، أولها أنه لما انضم المغرب إلى الأمم المتحدة بعد حصوله على الاستقلال، لم يعبر عن تحفظه على المبدأ القائل إن الحدود الاستعمارية التي رسمها المستعمر يجب أن تظل كما هي، بالشكل الذي جعلها قانونية دولياً، وهي الحدود التي رسمها الموظفون والعسكريون الأوروبيون في مكاتبهم، وألحقت أضراراً بالحدود الترابية التاريخية للمغرب”.

كان على المغرب ألا يقبل ذلك المبدأ ويرفضه، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لما أنشئت اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار، لاحظنا أن إسبانيا بمجرد حصولها على العضوية في الأمم المتحدة، سجلت مباشرة قضية جبل طارق على أساس أنها جزء لا يتجزأ من المملكة الإسبانية، لكن المغرب لم يعمل إبان تلك الفترة على تسجيل الأقاليم المستعمرة في الشمال والجنوب على أساس أنها محتلة، ويطالب باستقلالها، وتأخر الأمر حتى يناير 1975 حيث طرح الموضوع على الأمم المتحدة”.

الخطأ الثاني الذي ارتكبه المغرب، متعلق بالفترة التي كانت إسبانيا منكبة على وضع دستورها الجديد بعد سقوط نظام فرانكو الديكتاتوري، ذلك أنه لما وصلنا من أصدقائنا الإسبان عزم اللجنة المكلفة بوضع الدستور، التنصيص على أن سبتة ومليلية إسبانيتين، باعتبارهما جزءاً من التراب الإسباني، طالبنا بالتحرك ضد هذه الخطوة، غير أنه وللأسف فإن الحكومة المغربية لم تحرك ساكناً حينها، ومرت القضية كما أراد الإسبان ومن دون أن يتوقعوا ذلك”.

وعن المطالب الرسمية حول المدينتين المحتلتين سبق للراحل الملك الحسن الثاني، أن تقدم بإقتراح في أواخر الثمانينيات على ملك إسبانيا تشكيل لجنة مزدوجة للتفكير في إيجاد حل للمدينتين، بما في ذلك التفكير في الحقوق المشروعة للمقيمين الإسبان في المدينتين، إلا أن الملك خوان كارلوس لم يكلف نفسه عناء الرد على المقترح المغربي إلى اليوم، ورغم تجديد الدعوة إلى الفكرة ذاتها من قبل محمد السادس على الملك ذاته، حتى تكون العلاقة بين البلدين واضحة فيما يخص هذا الموضوع، فإن الإسبان للأسف يعتبرون أنفسهم موجودين هناك بالقوة، وليسوا في حاجة للتفكير أصلاً في الموضوع، لقد كرّسوا وجودهم الاستعماري بروح صليبية ظاهرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى