قراءة في اعلام المديرية العامة للامن الوطني

صدر إعلان عن المديرية العامة للأمن الوطني تعلن عن الاحتفاظ بحق اللجوء إلى القضاء وسلك المساطر القانونية والقضائية في مواجهة كل شخص أو جهة تروج عمدا لاتهامات كيدية في حق مصالحها، وذلك محاولة لإقحامها في تدابير ليست من صلاحيتها والمساس الاعتباري بموظفيها، مذكرة بأنّ رجال الأمن يباشرون مهامهم تحت سلطة النيابة العامة وينفذون أوامر السادة قضاة التحقيق وهيئات الحكم المختصة كما يخضعون للرقابة القضائية والإدارية مما يعزز مرتكزات الحكامة الأمنية والتطبيق السليم.

هذا الإعلان هو وثيقة تعكس تطورا جديدا في الممارسة الأمنية عبر مؤسساتها وأشخاصها يتميّز بالشجاعة في تدبير ما سمّاه بالحكامة الأمنية، وفي هذه الوثيقة نقرأ عددا من الإشارات المهمّة وهي كالتالي:
-1 دافعت المؤسسة الأمنية عن نفسها بلغة القانون والحرص على تنمية الممارسة الأمنية في إطار الحكامة الأمنية
-2 قدمت المؤسسة الكثير من المواقف إزاء ما ينتاب بعض الممارسات التجاوزية خلال الشهور السابقة مما يعزز جدية المساعي لتنمية هذا القطاع
-3 دافعت المديرية عن نفسها بناء على لغة القانون وأيضا بلغة ديمقراطية عززت من الطبيعة التنفيذية لهذه الإدارة أمام أحكام القضاء

سلامة تطبيق القانون وأيضا الحزم في تنفيذ الأحكام قضيتان تساهمان في خدمة الأمن وهو مقوم أساسي للاستقرار. وقد جاء هذا الإعلان بعد أن تكاثرت بعض الأصوات التي تقوم بنشر أخبار كاذبة واتهامات لامسؤولة لقطاع حسّاس ، تقوم بذلك في إطار الدعوة إلى دولة الحق والقانون، مع أنها تنتهك بالليل والنهار هذا الشعار من خلال التشويش على المؤسسة المعنية بإدارة الأمن انتهاكا سافرا ومن دون تحقيق. فإذا كانت المديرية قد أعلنت أنها تعمل تحت إشراف قاضي التحقيق فإن التهم التي تروجها بعض الجهات والأشخاص تأتي مرسلة من دون تحقيق. فكيف ستقوم دولة الحق والقانون إذا كان الداعي لها يرسل شعاراته من دون تحقيق ويجعل من المؤسسة الأمنية ضحية للعبث السياسوي والتحريض والفوضى؟ واتضح خلال الشهور الماضية أن الكثير من التهم التي يتم ترويجها كانت خاطئة فمن سيدفع ثمن التشويش على الإدارة الأمنية لا سيما وأنّ الطعن في مصداقيتها هو سبب من أسباب الفوضى نفسها؟

إن المغرب يعيش وضعا خطيرا هذه الأيام من حيث الترويج للإشاعة التي طالت كل مؤسساته ورموزه ولا أحد اليوم بمنأى عن هذا الترويج الذي يؤدي إلى زرع التيئيس في المجتمع وإحداث هوة فاصلة بين الأمن والمجتمع. ويستطيع المنصف أن يرى اختلالا فيما تروج له هذه الجهات والأشخاص، لا سيما وأن البعض يحاول أن يقدم دروسا في الديمقراطية والقانون وحتى الأمن وهو يجهل أنّ ما يقوله ليس وجهة نظر أو رأي بل هو عدوان وإساءة إلى مؤسسة هي عماد استمرار استقرار الدولة. فمن قرأ هذه الإشاعات يشعر وكأن المغرب على حافة الانهيار الكامل وأن انهياره هو مسألة وقت بينما يجهل هؤلاء المحترفون لترويج التّهم بأنّ استقرار المغرب هو نتيجة جهود كبيرة تقوم بها المؤسسة الأمنية مسنودة بنظيراتها وكل ذلك في إطار من الانضباط بأحكام القضاء. ففي البلدان المتقدمة لا يجرأ أحد على أن يشكك في مصداقية المؤسسات الأمنية بهذه الطريقة التي تروج الآن في المغرب. وتحرص الإدارة على عدم الدخول في هذا البوليميك السياسوي لأنها لا ترى نفسها طرفا في صراع مع المجتمع بل هي تنفذ أحكام القضاء حسب إمكاناتها المتاحة وصلاحيتها المحددة مع مواصلة الرقابة لتنفيذ هذه الأحكام وهو ما كشفت عنه المديرية العامة مرارا وتناقلته وسائل الإعلام. يبقى السؤال المطروح: كيف سنرقى بدولة الحق والقانون مع غياب الاعتراف بمنجزات المؤسسة الأمنية التي ساهمت في تفكيك الكثير من خلايا الإرهاب التي تهدد الأمن المغربي وفي ذات الوقت احتواء الخطر بتنفيذ ديمقراطي يقضي بتنفيذ أحكام القضاء. إعلان المديرية العامة للأمن الوطني إعلان يخدم الديمقراطية والحكامة الأمنية وهو في نفس الوقت يحرر المجتمع من حالة الرعب والإرهاب الرمزي الذي تقوم به جهات وأشخاص لتلغيم العلاقة بين الأمن والمواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى