عائدات الخمور في المغرب.. كم تخسر الدولة من الضرائب بسبب “الكرابة”؟

هبة بريس ـ ياسين الضميري

أوقفت قبل أيام عناصر الأمن بالقصر الكبير شخصا يبلغ من العمر 48 سنة، من ذوي السوابق القضائية، وذلك للاشتباه في تورطه في بيع مواد كحولية مضرة بالصحة العامة والتسبب في وفاة عدد من مستهلكيها.

هذا التوقيف تم بعد وفاة عدد من الأشخاص ثبث أنهم اقتنوا مواد كحولية من لدن “كراب” معروف بالمنطقة ينشط في ترويج المواد الكحولية المهربة قبل أن يصابوا بتسمم أودى بحياتهم في نهاية المطاف.

ظاهرة “الكرابة” المنتشرين في عدد من مناطق المملكة، أضحت نقطة سوداء يفترض اجتثاتها خاصة في ظل تنامي حالات التسمم و التسبب في وفيات كما حدث الشهر الفائت كذلك بمنطقة العروي و غيرها كثير.

“الكرابة” الذين يستغلون غفلة عناصر الدرك و الأمن و معهم ممثلي السلطة المحلية و أحيانا تواطؤهم و “صمتهم” المؤدى عنه، لترويج شتى أنواع الممنوعات من حشيش و حبوب هلوسة و مشروبات كحولية منتهية الصلاحية و هلم جرا.

و يعمد “الكرابة” كما يصطلح عليهم لدى العامية أو باعة المواد الكحولية بشكل سري، لمنافسة الفضاءات التجارية التي تعرض الخمور بتخفيض سعر البيع و هو ما يجعل “السكايري” يفضل اقتناء ما يريد من “الكراب” بثمن أقل فضلا على السرية التي تطبع العملية و هو ما يجعل المستهلك يتفادى أعين الفضوليين وفق ما يعتقد الكثيرون منهم.

ترويج الخمور المهربة، بالإضافة للمخاطر الصحية التي تشكلها و التي كان من تجلياتها عشرات الوفيات بالتسمم كما حدث مؤخرا، فهو أيضا يساهم في تضييع الملايير من الأموال على الدولة كان يمكن استخلاصها على شكل ضرائب.

بالأرقام، فإن المغرب، والذي يوجه قرابة 85 في المئة من إنتاجه للاستهلاك الداخلي، ويصدر فقط 15 في المئة، استهلك سكانه أزيد من 40 مليون قنينة خمر خلال سنة 2021.

تنتج المملكة حوالي 77 بالمئة من النبيذ الأحمر، و 6.6 بالمئة من النبيذ الأبيض، و16.4 بالمئة يتم إنتاجها عبارة عن نبيذ وردي ورمادي، وتعتبر مكناس من أشهر المناطق في إنتاج الخمر في المغرب، حيث أن 60 في المئة من قنينات الخمر التي ينتجها المغرب سنويا، يكون مصدرها جهة فاس مكناس التي تضم مساحات شاسعة لزراعة العنب المعد للخمر.

و سجلت عائدات الرسوم المفروضة على استهلاك الخمور بالمغرب، خلال السنة المنصرمة، ارتفاعا قيمته حوالي 360 مليون درهم عما كان متوقعا في قانون المالية، وذلك حسب تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية.

و وفق تقرير تنفيذ قانون مالية السنة الماضية، فإن المغرب سجل عائدات بقيمة 810 ملايين درهم عن الرسم المفروض على الكحول والخمور، ومليار درهم عن الرسم المفروض على أنواع الجعة، في حين كان قانون المالية لـ2021 يتوقع عائدات بقيمة 651 مليون درهم فقط للرسم الأول، و800 مليون درهم للرسم الثاني.

و حسب تقارير سابقة كذلك، فالمغاربة يستهلكون في العام الواحد ما مجموعه 131 مليون لترا من الخمور تشمل 400 مليون قنينة جعة و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شامبانيا.

بخصوص سوق الخمور بالمغرب المعتمد رسميا، يصل عدد نقاط البيع المرخص لها إلى 60 ألفا، بمعدل 4 نقط بيع لكل 1000 نسمة “مبلية” بالوسط الحضري، أكثر مما هو الأمر في فرنسا مثلا التي لا يتعدى فيها المعدل نقطة واحدة لكل 10 آلاف نسمة.

هاته الأرقام تخص الدراسات و الاحصائيات الرسمية دون ما يقدمه “الكرابة” من خدمات، و بالتالي فالأرقام الحقيقية ستثير الهلع بلا شك إذا علمنا أن في كل مدينة عشرات الباعة السريين.

بناءا على مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، فإن التصريح بالشروع في الاستغلال أو التوقف عن الإنتاج أو تفويت مقاولات إنتاج الخمور (الكهوف والأقبية والمستودعات ومراكز التعبئة في القوارير) المنصوص عليه في الفصل 4 من الظهير الشريف رقم 1.77.340، يتعين إيداعه قبل العملية المزمع القيام بها بخمسة عشر يوما كما يجب أن يبين فيه مجموعة من المعطيات التفصيلية.

كما ينص ذات القانون، على أن يلتزم منتجو الخمور بأن يوقعوا كل سنة لدى الإدارة، قبل بداية كل صنع للخمر وقبل 10 أكتوبر من كل سنة على أبعد تقدير، على التصريح بالشروع في الاستخدام الذي يتضمن الحجم التقديري للخمور المراد إنتاجها والمنصوص عليه في الفصل 187-1 من مدونة الجمارك المشار إليها أعلاه، و بمجرد انتهاء صنع الخمر وقبل 10 نونبر من كل سنة على أبعد تقدير، على التصريح بالإنتاج المنصوص عليه في الفصل 187 المذكور.

كما نص ذات القانون على إجبارية وضع العلامات الجبائية فوق القنينات الخاصة بشتى أنواع الخمور بواسطة آلات توفر جميع الضمانات لعمليات الإلصاق.

غير أنه في الواقع، و بمجرد زيارة لأي “كراب”، تجد قنينات الجعة و الخمور المهربة تفتقد للملصقات المذكورة آنفا، و هو ما يعني أن استهلاك المغاربة للخمور أكبر بكثير مما تشير له المعطيات الرسمية.

منافسة “الكرابة” للمتاجر و نقاط البيع المرخصة في ترويج الخمور، يضيع على الدولة عائدات ضريبية مهمة جدا، قدرتها تقارير غير رسمية في حوالي 500 مليون درهم أي ما يزيد عن خمسين مليار سنتيم تضيع سنويا بسبب “الكرابة”، و هو ما يفرض على الدولة التحرك لوقف هذا النزيف ليس فقط على مستوى الخزينة العمومية بل حتى كذلك لما يشكلونه من خطر على الصحة العامة…

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. ليس المغاربة من يستهلكون الخمر. لاكن حثالة الشعب .. أما المغرب فدينه الإسلام الذي ينهى عن شرب الخمر.

  2. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حرام أن تضيع على الدولة 50 مليار سنتيم، كأن الخمر من أركان الدين الذي يضيع مع ضياع عائدات الخمر الطيبة، التي هي أم الخبائث تحفظ لنا القيم والأمن والتنمية…

  3. كم تخسر الدولة من الضرائب بسبب الكرابة عفوا عفوا كم تخسر الدولة من ارواح المواطنين ومن التكاليف الاستشفائية بسبب الخمر ومن انحطاط الاخلاق ومن المشاكل الاجتماعية والاسرية بسبب الخمر وووووووو وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصف الخمر بام الخبائث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى