بنكيران واليوسفي …الفلسنكي والزاهد الكتوم

سعيد سونا – باحث في الفكر المعاصر

يقول دوستويفسكي ” من عادتي السيئة أنني دائماً ما أرى نهاية الأشياء منذ بدايتها ومع ذلك أكمل الطريق حتى آخره لأتأكد من ذكاء غبائي ” هذا هو ديدن الباحث الذي لايريد أن يذبح فخامة الحقيقة في رحاب التاريخ ، فالقلوب إن صفت رأت ،،، فالابتعاد عن القراءات الاندماجية ، هو الإكسير المجرب لفك طلاسيم معضلات الزمان ،،، فلهذا لن تنتهي الخصومة الأبدية بين المفكر والسياسي ، نعم إن التعميم يقتل التحليل ، فهناك السياسي الزاهد الكتوم القادم من التاريخ ، وهناك السياسي الفلسنكي ” valasanki” القادم من المجهول… الحكيم عبد الرحمن اليوسفي والفلسنكي عبد الإله بنكيران عملة نصنا هذا ،،، الذي يجعل المقولة ” بمضداتها تعرف الأشياء ” أليته تفجير المعاني والقيم بين هاته الشخصيتين…

لاشك أن المقارنة بين المرحوم عبد الرحمن اليوسفي ، والجاثم على نفس المغاربة عبد الإله بنكيران، مغرية للغاية ، مع مراعاة السياق ، وتبيئة جميع الخلاصات التي سنخرج بها ، حتى لانتهم بأن نوايانا مبيته للاطاحة بالواحد على حساب الآخر ،،، فزادنا أن التاريخ رجل لاينسى ، فبنكيران لم يفهم أن التاريخُ يستضيف طويلًا من يُحسن تقدير ضيافته ،
ويلفُظ سريعاً من يستهتر بمقامه … ولهذا فإذا كان اليوسفي كالتاريخ لايتكرر أبدا ، فبنكيران مر على المغاربة كضيف ثقيل الظل ،،، فلقد قتل الزعامة وأهدر دم الشهامة ، لهذا قيل الأحمق يتكلم بما سيفعل، والمغرور يتكلم بما عمله ، أما العاقل يعمل ولا يتكلم … فلهذا ليس عجبا أن تكون سورة المنافقين في القرآن أطول من سورة الكافرين .

لقد أقسمت عزائمي ألا أخطأ موعدي مع التاريخ ، فاليوسفي أدرك أن الصمتُ بليغًا حين يشتد وَطِيسُ الكلام في شوارعِ الفراغ…أما انت فقد استبسلت في ازعاج المغاربة بثرثرتك الفلسنكية ، إن كثرة التشكي الذي يسعى إلى تغييب ذكاء المغاربة ، يريق دم الوجه ، ويسيء لصورة المؤمن الذي يشتكي لله وحده في سكون الليالي ، لقد جعلت من نفسك سلعة بائرة كاسدة، فاليوسفي لم يحول خلوته إلى جلوة، فالنخوة عنده قبل القهوة ، بالله عليك هل كنت تظن أن المغاربة سيصدقونك ؟؟؟ عندما قلت لهم ” طيلة رئاستي للحكومة لم أقوى ماديا سوى على تأثيت الصالون وبيت النوم ” !!!!! صلو على رسول الله يمن تكرهون كذب الإبل ،،، شخص يتلقى راتبا باذخا بقيمة سبعة ملايين سنتيم ، بالاظافة إلى مدارسه الخاصة ، ويرفل في الغنى والترفيه، ويدعي الفقر والحاجة بدون حمرة خجل ، جل المغاربة باستطاعتهم تأثيت صالوناتهم وبيوت نومهم ،،، فهل هذا يعنى أنك وهم سواء في المعيشة !!! آهاته هي عفة المؤمن ، يامن زايدت وكابرت بمرجعيتك الإسلامية، على الجميع ، وكأن باقي الأحزاب المغربية وتعبيرات المجتمع المغربي ، غارقون في البوذية ،،،، إن الدين الإسلامي يدخل ضمن المشترك المقدس عند المغاربة ، فهو الدين الرسمي للمغاربة كما نص على ذلك الدستور المغربي في ذباجته ، وإن صاحب الجلالة هو أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ،،، فما بالك تتعقب طيفا وهميا لايوجد الا في عقلك الفلسنكي، أما سيدي عبد الرحمن كان يفسح الأمل ويبسط الرجاء ، ولو كان الظرف وقت كراهة ،،، فلقد صدق من قال أن متصنع الود أخطر واخبث من صريح العداء ،،، فتلك التقية التي تستعملها في سعيك الفاشل لإقناع المغاربة بأن الجميع خونة وأنك أخر صيحة في الوطنية الحقة في زمن الخذلان ؟؟؟ لم تعد تنفعك بعدما أصبحت مفضوحا عند عوام الناس ، ثم ماهذا الإمعان في المن على المغاربة بأشياء غريبة ،،، من قبيل انك من أنقذت الاستقرار في المغرب إبان تنصيبك رئيسا للحكومة سنة 2011 ؟؟؟ المغرب ليس جمهورية موز ، ياسيدي ، فهل وجدت المغرب غارق في حرب أهلية إلى أذنيه، حتى تدعي انك حملته من الدماء إلى الاستقرار ،،،، فالمملكة الشريفة كانت وستبقى واحة إستقرار ربانية في عالم متشنج، فتلك بركة الله وحكمة ملوكنا العظام ، وولاء شعب له بيعة لولاة أمره في عنقه ، فلهذا فإن كثرة غمزك ولمزك بهذا الادعاء الكاذب ، فيه ابتزاز للملك والدولة بكل مؤسساتها وللشعب المغربي ، هذا الثلاثي الذي استطاع تدليل كل الصعاب ، والقفز على كل الفخاخ ، التي مرت بها المملكة المغربية ، عبر تمتين الجبهة الداخلية للبلاد ، فإذا كنت تزعم هذا الزعم الآفاك ،،، فماذا يقول المرحوم عبد الرحمن اليوسفي، الذي كان معارضا شرسا للملكية ، وحكم عليه بالإعدام في فترة سابقة ، لكن عندما احتاجته بلاده إبان مرض المغفور له الحسن الثاني ، وفي فترة حساسة ، شهدت انتقال العرش بطريقة هادئة، بفعل وطنية اليوسفي الذي كون حكومة التناوب التوافقي ، واعتنق العمل في صمت ، وكفر باللغو والكلام والشعبوية المقيتة ، لتكون المحصلة أعلى معدل نمو في تاريخ المغرب %6,5 ،،،، ولما طلب منه أن ينسحب غادر في صمت ، ولم يصل إلى مسامعنا أن الرجل يظهر في الناس ، ويدعي أنه هو من أنقذ العرش في المغرب بعدما ساهم ايجابا في انتقاله بطريقة مميزة ، بل التزم الصمت واعتبر ماقام به واجبا اتجاه وطنه ، لذلك كان الرجل وسيبقى رجل دولة عظيم ، لن ينساه التاريخ ،،، عفوا سيدي عبد الرحمن رحمك الله ،،، فعقلي الصغير لايتحمل كل هذا ، لقد حكمت بالتعب على كل من سيأتي بعدك ،،، لم يطلب الرجل تقاعدا كما فعل بنكيران رغم فقره ، بل بقي وافيا لعفته شامخا كجبل أحد ،،، فعلا الخطوب محك القلوب ، كما قالت اسماء ابنة أبي بكر في حضرة الحجاج الذي قتل ومثل بجثة ابنها الزبير ،،، لذلك لاعجب أن يأتي صاحب الجلالة ويقبل رأسه، في مشهدية رهيبة ، تؤكد أن الملوك يقدرون رجالات الدولة النزهاء ، ويعرفون الزاهد من الفلسنكي، غادر اليوسفي الحياة بعدما ساهم بتقاعده في صندوق تنمية الأقاليم القروية والجبلية ، وأوصى زوجته بأن تسلم للدولة مكتبته التي لايملك غيرها ،،،، لقد كان ثريا بأخلاقه كبيرا بتواضعه ، وإنها الوطنية عندما تختزل في شخصية رجل خرج من بطن الحركة الوطنية المناضلة … فالحكمة بالخلوات أما بالعلن كلنا ملائكة .

أما انت أيها الفلسنكي تركت إقامة رئاسة الحكومة ، وقررت الإستقرار في منزلك الشخصي ، حتى تحتفظ بمليونين سنتيم ثمن التعويض عن السكن ، ليصل راتبك إلى سبعة ملايين سنتيم ، ورغم ذلك لم تصمت ولم تتعفف، بل مزقت أذانينا بكثرة التشكي ، وبعثت ابنك وابنتك ليدرسان في الخارج على حساب الدولة ، ولما فضح أمرك أجبت بكل وقاحة انك لاتعلم بهذا المعطى !!!! عافاك الله سيدي لقد اغتصبت ذكاء المغاربة ، فهل يوجد رجل لايعرف أين يقرأ أبنائه وبأي إمكانيات ؟؟؟ الله الله ربي لا أشرك به شيء ،،، هذا هو الفلسنكي ” valasanki ” الشخص الذي يكثر من الشكوى ، رغم سعة عيشه ، فهذا النوع لايجد حرجا وأية غضاضة بأن يخبرك اذا بعثته إلى البحر ، أن البحر قد نشف ” تسيفطو لبحر يقوليك لقيتو ناشف ” أما داهية الدواهي هي عندما راسل صاحب الجلالة وطلب منه تقاعدا خاصا لأنه في حالة مادية صعبة ؟؟؟!!!! هي فعلة لم يفعلها اي رجل دولة مر في أية وزارة في تاريخ المغرب ،،، ياسيدي لديك تقاعدين ومشاريع خاصة وتدعي الفاقة، إنه المسخ بعينه عفانا الله ، أما عندما يريد الرفع من منسوب الابتزاز يرخي شفتيه بكل خبث قائلا ” أما قضية عبد الله باها كل حاجة بوقتها ” كلام يدفع بالشك ليرتمي في صدور المغاربة ، والمنتظم الدولي ، المرحوم توفي والنيابة العامة عممت بيانا يشرح تفاصيل الواقعة ، ولانملك إلا أن ندعو له بالرحمة والمغفرة وجنة الفردوس ،،،، على بنكيران أن يتفقد يمينه وشماله ثم يتكلم ، يقول المثل العامي ” ناس بكري قالو قبل ما ترمي المعنى على الذيب ، شوف نعاجك وين يسرحو ”

نعم عام الجيفة سمانو لكلاب … فالكلب المسعور لابد أن يؤذي أهله ،،،، لذلك كان بنكيران لايحفظ أسرار الآخرين، رغم أن المجالس أمانات، فأي كلمة يقولها له الملك أو أي شخص يزوره في بيته أو يلتقي به ،،، لاتستقر نفسه حتى يفشي سرها للعامة ، أين الرزانة واين الأمانة والايمان … لذلك كنت وستبقى صغيرا في نظر المغاربة والتاريخ …

ألم تستحيي عندما تخرج علينا هاته الايام بخرجات شاذة ،،، ” باش تبوحط ” وتكذب على المغاربة كأن ذاكرتهم مثقوبة ،،، بالله عليك ياحاطب الليل من المسؤول عن كل الكوارث التي يعيشها الشعب المغرب حاليا ،،، من رفع الدعم عن المحروقات ؟ ومن أفرغ صندوق المقاصة من مبلغ 56 مليار درهم إلى 12 مليار درهم ؟ ومن شطب على 12 مليار درهم من ميزانية الاستثمار ؟ ومن أضر بصندوق التقاعد ؟؟؟ على المغاربة أن يعلموا أن كل الأسعار المرتفعة حاليا ، ماكانت لتكن لو لم يرفع بنكيران الدعم عليها ،،، هاته حقيقة ساحقة ماحقة، لايمرق منها إلا جاحد ، وهي مناسبة لنقول أننا لانقف عند باب أحد، نحن ندافع عن الحقيقة العلمية ، أما اخنوش أو غيره ، نحن لا نتربص بهم حتى يفشلون ، نحن نتمنى لهم النجاح ، فنجاحهم هو نجاح الوطن ، وبالتالي ضمان العيش الكريم للمغاربة ، وبعد انتهاء ولاية أي أحد منهم ، لن نرحمه إذا قصر في حق الشعب المغربي …لكن التاريخ لاينسى أن حزب التجمع الوطني للأحرار هو الذي أطال في عمر حكومة بنكيران ، عندما خرج حزب الاستقلال إلى المعارضة ، ولن ننسى أن بنكيران كان يصف اخنوش برجل الدول الخجول ” وولد الناس ” … لكنه عندما تبدل الحال غير الحال ، اتهم بنكيران أخنوش بأنه حصل على رئاسة الحكومة بالتزوير ، فإذا كان الشك هو المعيار ، فنحن كباحثين نشك كذلك في نتيجة الانتخابات التي أوصلتك لرئاسة الحكومة سنة 2011 بعدما وصفت شبان حركة 20 فبراير ” بالدراري الصغار ” ورغم ذلك ركبت على نضالهم السلمي ، الذي تجاوب معه صاحب الجلالة ، لتكون ملحمة دستور 2011 عرسا استقرت له نفوس الجميع …

إن الجدال النزواتي، مذموم عند الله عز وجل ، بل هو ركن من أركان فساد الحج ، وتفريق القلوب ، وزرع الكراهية ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد وعد الله المسلمين بربض الجنة ، ولما سئل عن ربض الجنة ، قال لهم هو وسط الجنة للذين يتركون الجدال ولو كانوا على حق …. أما بنكيران رغم تمسحه بالدين الإسلامي ، فهو مجادل في أتفه التفاصيل التي تجعل المرء منبوذا ،،، يبقى أن نذكر الجميع أننا لانكفر أحد ولانتأله على الله ، فالجنة والنار اختصاص الاهي مطلق ، نحن نجتهد ولله الكمال .

لقد حاولت وأن تخون وتزرع الشك في محيط الملك ، وتصفهم بالتماسيح والعفاريت ، أن تسيطر على الدولة عبر تشكيك الملك في رجالاته ، وتقديم حزب العدالة كبديل لهؤلاء بمعنى ” اسيدنا حنا لنصلحو ليك أما محيطك فاسد ” وكانت النتيجة أن الشعب المغربي قذف بكم لمزبلة التاريخ ، بعدما أمهلكم 10 سنوات كانت كلها كلام بدون محصول ، ساهم فيها زميلكم سعد الدين العثماني ، لكنه كان رجلا موقرا يشتغل بحكمة دون ضجيج …

الفلسنكي بنكيران كان يظن أن هاته الدولة بلاتقاليد ، لذلك راوغه خياله ، وظن نفسه زعيما للشعب المغربي ، بخطاب لم يساهم في تقوية الاقتصاد المغربي ، بل ساهم في تهريب النقاش وفضفضته، على حساب العمل على الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة …

إن صاحب الجلالة بعد مخرجات النموذج التنموي الجديد ، تيقن على أن خلاص المملكة، يتجلى في بناء الدولة الاجتماعية بكل أركانها، التي تفضي للعيش الكريم للشعب ، وإلى تقليص الفوارق المجالية ، والتوزيع العادل للثروة …

سيدي بنكيران ،،، اعلم أن من جعل الغراب دليله مر به على جيف الكلاب ،،،، وأن في غَمْرَة الطُّوفانِ ، الماءُ يَرتَدُّ لأصولِهِ كيْ لا يَخُونُ بعضَهُ….ومن يزرع الثوم لايحصد الريحان ،،، وانت أيها الرجل الذي التهمتك الأرض، سيدي عبد الرحمن اليوسفي، لن ينساك الله والمغاربة ودفاتر التاريخ ،،، فقد كنت تدرك أن من يقرأ التاريخ لايدخله اليأس أبدا…ولذلك أيقنت أن النجاح رحلة وليس محطة وصول .

سعيد سونا – باحث في الفكر المعاصر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الحمد لله ان الأيام أظهرته عن حقيقته، المقارنة بين هذا الشخص والأستاذ اليوسفي تبين فوارق كثيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى