الويل لأمة تضرب معلمها وفي محرابه

رأيت الشريط الذي يوثق ليوم تمنيت فيه لو لم يخترع الإنسان كاميرا لا تفلت صغيرة ولا كبيرة، تمنيت أن يكون الخبر شفاهيا تتناقله الألسن فما نظنه سوى باطلا أو إفكا، لكنها الحقيقة، الحقيقة التي يجب أن تلسعنا جميعا بل تلزمنا على إخفاء رؤوسنا في الوحل كي لا ننظر لوجوهنا في المرايا، حقيقتنا التي اتخذناها مصعدا فهبطنا بها تحت الدرك الأسفل من الانحطاط والسفول والنزول، حقيقة أن فينا وبيننا ومنا من فكر ودبر، ثم عزم فقتل كيف دبر، وخطط ليقفز من فوق جسر المدرسة، من أجل ماذا؟ من أجل ضرب معلم…

كان الخبر والشريط صاعقة وزوبعة، أنضرب معلما وهو في محرابه، وأمام تلاميذه؟ أنضرب رسول المعرفة والحكمة والعلم؟ أنضرب الملقن والمدرس والمؤدب؟ .

قلنا عن المعلم النكت المهينة، ونسبنا له الأحداث المشينة، وأكلنا لحمه مع سبق الإصرار، واتخذناه هزءا ورميناه بالمهانة لما يسع العالم كله، ولم نشف غليلنا فيه ومنه، لكن أنضربه؟ هل فينا ومنا وبيننا من تطاوعه يده لتضرب معلم ابنه أو ابنته؟ هل نسينا كيف دخلنا المدرسة أول مرة لا نفرق بين الحروف ولا نفقه الأرقام، وفينا ومنا اليوم المفكر والمنظر والعالم، أكان ليكون على ما هو عليه لولا بركة معلمه أو معلمته؟

مكانة الأمم من مكانة المعرفة في قلوب أهلها، ومكانة المعلم من مكانة تلك المعرفة، ومن يضرب المعلم فهو يصفع المعرفة، ويتبول على العلم والحكمة، ويجرنا جميعا نحو زريبة الغابة حيث التناسل الجماعي وحيث المجتمع يقسم ما بين عاشب ولاحم، من يضرب المعلم يضرب أباه و أمه أو جده، يضرب إمام المسجد وأعظم، فالمدرسة تغذي المسجد، والمعلم ينتج الأئمة والوعاظ…
هل يكفي معلمنا المضروب تغريدة وزير، أو زيارة مسؤول، أو اعتقال الجاني كي يندمل جرحنا جميعا؟ هل تكفينا زيارة كل الشعب للمعلم فنجثو على الركب نستسمحه ليس لجبر خاطره، بل لجبر خاطر التاريخ والوجود والمنطق وكل ما هو إنساني وحضاري؟ فهذه أمتنا التي أنجبت للمعلم معتديا، أمتنا التي صنعت للمعرفة مبيدا، أمتنا التي أدمنت التفاهة واتخذتها عقيدة، ونبتت من بين تربتها مخلوقات لا تكتفي بالعيش تحت القاع بل تجر معها كل الأمة لتحيا تحت القاع.
أيها المعلم الشامخ الكبير العزيز الشديد، أنا لا أعرف شخصك، لكن أعرف شأنك ومنزلتك وقيمتك ومرتبتك، وأعرف أننا نحن جميعا الذين وهبنا الله اليوم القدرة على تفكيك لغب القول ومستشكله، إنما بفضل وسعي وجهد ومشقة منك أيها الفاضل أصل الفضل ومنتج الفضلاء.
اعذرنا ولا تؤاخذنا بما فعله في بعضنا الطيش والنزق والخرق والهراء ، فذلك الذي ضربك ضربنا جميعا، وقد كُذِّبت من قبلك رسل، واضطُهِدت ،وضُربت بل وقُتِلت، وفني قتلة الرسل واندثروا، وكتبهم التاريخ في خانة المذنبين الآثمين المغضوب عليهم، لكن رسائل الرسل استمرت…

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. والله مهزلة كبيرة..!!؟ مهزلة يندى لها الجبين أن يقوم تلميد بضرب معلمه أو أن يقوم مقامه اباه أو أحدا من أقربائه، فهدا مما لايستسغه العقل، فالمعلم هو باني هدا الوطن وهو الباب الأول للمعرفة والعلم وهو نبض المجتمع الدي لا يقبل الظلم والطغيان واستبداد المستبد، فعلا قد جو في نفسي أن تؤول الأمور إلى ماهي عليه بعد أن أصبح المجتمع كالغابة لا تجد فيه الا الضباع والكلاب ..بعد أن تجرد من السلاح المحصن الدي هو الاخلاق.. وبدون هده الوصفة العجيبة ضاع مقود الأمة فتاهت وضاع امل سفينتها في بحر التيه والظلمات، السؤال المطروح هو : من اوصل المعلم و التعليم إلى مالا نحبه ونرضاه لهما أبدا ؟ من السبب في انحطاط اخلاق التلميد حتى يتجرأ على معلمه ؟ من أوصلنا إلى هدا الانحطاط الخلقي عامة الدي لم نشهده أبدا في حياتنا ؟ من نظم وخط لجيل السراويل المفتوحة المرقعة والمتقوبة ؟ من الدي وضع اللبنة الأولى لجيل الوشم و الرؤوس دات الخرائط ..!؟ تحياتي استادي فأنت دائما في القمة، فلا تهتم لهم فانت فقط مستهدف..!!

  2. سيدي الكريم يبدو أنك بالغت في احاسيسك ومشاعرك اتجاه المعلم والحال ان المعلم مثله مثل باقي الناس يخطئ ويصيب قد يرتفع لديه مؤشر الذكاء أثناء عمله المبجل في القسم مع أبناء الوطن الصغار فيبدع ويجتهد، وقد يرتفع لديه مؤشر السيطرة فينقص الذكاء وتكثر الكوارث والمآسي داخل القسم وفي ادمغة ونفوس الصغار وربما ينشأ في وطننا جيل بلا شخصية ضائع هائم يصبح عالة على الدولة والمجتمع بدل أن يكون أحد أسسها الصلبة

  3. هنتك تضارب في الاتهامات وردة فعل ذلك الشخص وخا غلط ماجاتش صدفة لان الاخبار تقول بانه اعتدى على الابنة تاعو فعلا كاين قانون ولكن المعلم ليس بالرسول لانه كان في الماضي اما اليوم القليل لي صالح اغلبهم طالحون فلننتظر ماسيقول القضاء وكفى من التمجيد الفارغ لانه كم استاذ اغتصب بريئة من اجل النقط

  4. عندما تتحدث عن المعلم فليس شخصا با هيئة واطار. وبداية المهنة والاطار اكبر من اي شيئ اخر

  5. كل يمجد ليلاه، كان المعلم رسولا للعلم، عندما كان همه العلم والتعليم، اما وقد تحولت مهنة او وظيفة التعليم إلى تجارة تدر أموال إباء التلاميذ، وتورث الغنى، عبر الساعات الإضافية خارج إطار المهنة والمدرسة وضدا على كل القوانين والاخلاق، فقد تغير الحال، وبدل ان يكون المعلم رسولا، أصبح في المدرسة كسولا، وفي دروس الدعم المؤدى عنها باطلا، أصبح فحلا.

  6. معذرة لقد بالغت اخي الفاضل في الحديث عن نموذج غاب عن فضائنا التربوي ودخله مرتزقه همهم الوحيد الترقيات والادماج، وافتقدنا القدوة ، …انني اتحدث اليك من المنظومة وليس خارجا عنها ، لقد عايشت اساسا تستحي الانتساب إليهم، يرتدون عباءة مقدسة ، ويعيثون في الفضاء فسادا ، تتغذى منه الناشئة مع كامل الأسف فتضيع جهودها ،وتتماهى مع جلاديها ، اوتثور ، فتتعرض للانتقام …….!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى