جدري القرود ..”تقرير غربي مرعب” وحمضي ل”هبة بريس “: وتيرة انتشار الفيروس بطيئة “

هبة بريس-ادريس بيكلم

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، دراسة منسوبة لمؤسسة “بيل گيتس”، أنجزت قبل ثلاث سنوات، تتحدث عن إمكانية ظهور وتفشي فيروس جديد قديم “جدري القرود” في منتصف شهر ماي من سنة 2022، وهو الأمر الذي حصل فعلا إذ أعلنت عدد من الدول الأوربية اكتشاف حالات مصابة بهذا الفيروس في أراضيها وذلك لأول مرة في منتصف هذا الشهر، كما وسبق أن حدده التقرير.

ويواصل التقرير الذي يقع في 36 صفحة، معطياته المرعبة بتوقع عدد هائل من الإصابات في العالم تتجاوز 3 مليار ونصف مليار إصابة، فيما قدر عدد الوفيات بأزيد من 271 مليون وفاة حول العالم بسبب هذا الفيروس الجديد.
وبمجرد تداول هذا التقرير على وسائل التواصل الاجتماعي، انطلقت التأويلات والنقاشات حوله، خاصة لدى فئات عريضة تؤمن بنظرية المؤامرة، وتعتبر هذا التقرير الذي صدر قبل نحو ثلاث سنوات دليلا آخر على تدخل الإنسان، أو جهات معينة في صنع ونشر الفيروسات لأهداف متعددة، فيما شكك آخرون في مصداقية هذا التقرير، بينما اعتبره البعض عملا بحثيا علميا عاديا، تقوم به مختلف مراكز البحث والدراسات العلمية في العالم.

جريدة “هبة بريس” حاولت استقصاء الحقيقة حول هذا التقرير المرعب، ومدى مصداقية مضامينه، وإمكانية حدوث توقعاته الكارثية، المتصلة بعدد الإصابات والوفيات في العالم بهذا الفيروس، الذي وفجأة بدأ يحتل المساحة الرئيسية في كل صفحات الأخبار والنشرات، مزيحا فيروس كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا في المشهد، ومخلفا الرعب في عالم لازال يئن تحت وطأة مخلفات جائحة انهكته كثيرا.

وفي هذا السياق تواصلت الجريدة مع الباحث في السياسات والنظم الصحية الدكتور الطيب حمضي، للتعليق على هذا التقرير واستجلاء الحقائق حوله من وجهة نظر علمية وطبية، وبعيدا عن نظرية المؤامرة والتكهنات التي أثارها ظهور هذا التقرير.

و اعتبر الباحث في السياسات والنظم الصحية أن هذه الدراسات عادية جدا، وتقوم بها عدد من مراكز البحث العلمية المتخصصة، وكذلك أجهزة استخبارات عالمية، وهي محاولات لتنبيه البشرية إلى احتمالات ظهور أوبئة وفيروسات فتاكة والاستعداد لها قدر الإمكان.

وكشف حمضي في تصريح لجريدة “,هبة بريس” الإلكترونية أن عددا من هذه المراكز تقدم سيناريوهات محتملة لهذه الأوبئة والفيروسات، سواء من حيث الظهور أو الانتشار أو حتى أعداد الإصابات والوفيات، مذكرا في هذا الصدد بالفيلم الذي أنتج سنة 2015 تحت اسم « la pandémie « والذي يحاكي تماما ما وقع سنة 2021 عن جائحة كورنا، موضحا أن ذلك راجع إلى الاحتمالات والسيناريوهات التي تضعها عدد من هذه المراكز وتشتغل عليها.

وبخصوص هذا التقرير نفى المتحدث أن يكون صادرا عن مؤسسة تابعة للملياردير الأمريكي “بيل جيتس”، بل صدر عن مؤسسة ” NTI ” و هي مؤسسة بحثية تعنى بدراسة المخاطر النووية والكيميائية والبيولوجية، مشيرا إلى أن “بيل جيتس” قدم مثالا قبل عدة أشهر حول فيروس الجذري وإمكانية عودته للعالم رغم السيطرة عليه واختفائه من العالم منذ عشرات السنين بسبب التلقيح، معتبرا أن عودته واردة لكن بصيغة أخرى، وقد يكون ذلك بسبب تسرب لها في أحد المختبرات أو عبر إرهاب بيولوجي.

ولفت الدكتور حمضي إلى أن السيناريو الذي يتحدث عنه هذا التقرير يقدم فقط مثالا افتراضيا على هذا الفيروس وليس واقعيا، مشددا على أن السيناريو الذي يحدث اليوم لا علاقة له بهذه التوقعات التي أدرجها التقرير، وهو تصور متخيل يقدم صورة قصوى لما يمكن أن يحدثه الفيروس، ليجعلنا نتساءل عن مدى قدراتنا في التصدي أو التعامل معه، والواقع حسب حمضي أن هذا الفيروس ليس قاتلا بهذه القوة ولا يمكن أن يؤدي لوفاة هذا العدد الهائل الذي ذكره هذا التقرير.

وقدم المتحدث مثالا عن بعض التنبؤات التي قالها الوزير الأول الفرنسي “ادوارد فليبس” في إحدى الحوارات التلفزية له سنة 2018، حينما تساءل عن احتمال قدوم فيروس مجهول ليضرب البشرية، وبعد أشهر فقط اجتاح العالم فيروس كورونا، كما وأنه في نفس البرنامج تساءل كيفية التعامل وتصور ألا يمكن اجتياح روسي لبولونيا ، وبعد أعوام اجتاحت روسيا اوكرانيا، وهذا ناتج عن كون العلمي والسياسي يضع توقعات وسيناريوهات ويتم العمل عليها، كما تفعل عدد من اجهزة الاستخبارات العالمية .

وختم المتحدث بالقول أن هذا التوقع، توقع وفرضية نظرية وضع لها هذا الإسم، ولا علاقة له بالفيروس الذي يتحدث عنه العالم، مجددا التأكيد على أن وثيرة انتشاره بطيئة، وليس بفيروس قاتل حتى يحدث كل هذه الوفيات التي تحدث عنها التقرير.

تسلل الفيروس للمغرب

وفي ما يخص تسلل الفيروس للمغرب، اعتبر الطيب حمضي أن الفيروسات حينما تنتشر، تستطيع دخول أي دولة، وتبقى المسألة مرهونة فقط بمدى قدرة الدول على تأخير تسلل الفيروس إلى أراضيها، الى حين محاصرته في مكان معين أو الاستعداد لمواجهته بعد معرفة مخاطره، والمغرب كما جميع الدول يقول حمضي بأنه مهدد هو الآخر بتسلل فيروس جدري القرود إليه.
وكشف الطبيب حمضي أن مخاطر الفيروس أقل كثيرا من الذي يروج، حيت أن وثيرة انتقاله بطيئة جدا، ويفترض احتكاكا طويلا بين المصاب والإنسان غير المصابـ، أو في حالة استعمال ملابس شخص آخر مصاب، مضيفا أن مخاطره قليلة جدا ولا تصل حد الوفاة، بقدر ما يشفى المصاب به بدون تناول أية أدوية أحيانا في غضون العشرين يوما بعد الإصابة به.

ولفت حمضي إلى أن الانتشار الكبير للفيروس في الآونة الأخيرة هو ما أدى إلى هذا الخوف والهلع في العالم، مشيرا إلى أن الأبحاث ستبين في الأيام المقبلة أسباب هذا الإنتشار والتفشي، واحتمال ارتباط ذلك بمناسبات أو حالات معينة، حيت أن فيروس من هذا القبيل لا ينتشر بهذه السرعة من تلقاء نفسه، وسيتم تحديد أسباب ذلك قريبا، يقول المتحدث.

وفي حالة تسلله للمغرب يقول الطبيب والباحث في النظم الصحية، أن المغاربة باتوا يعرفون أعراض هذا المرض، وإن ظهرت على شخص فعليه التوجه للمصالح الطبية، منوها إلى أن هناك فيروسات وأمراض أخرى لها نفس الأعراض تقريبا مثل المعروف محليا ب “بوشويكة”، وبالتالي فضرورة الاستشارة الطبية واجبة حتى يتم الكشف عن طبيعة المرض، كما أن الأطباء تم إعلامهم جيدا بأعراض هذا المرض وكيفية التفريق بينه وبين الأمراض الأخرى المشابه له.

واستبعد حمضي أن يتحول هذا الفيروس إلى جائحة عالمية، قائلا أن الخبراء يستبعدون ذلك، رغم أن الحالات ستتزايد في فترة الصيف بفعل الحركية والسفر وغير ذلك، لكن لا يمكن أن تتزايد بالآلاف أو عشرات الآلاف، وسيتم السيطرة عليه قريبا. يقول حمضي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عشنا كورونا
    عشنا متحوراتها
    هاهو فيروس جدري القردة
    قد ينتهي كما قيل في ديسمبر 2023
    ونتساءل ما نوع الفيروس الذي سيطلق بعد ذلك ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى