زيارة سانشيز للمغرب …منعطف جديد يؤسس لعلاقات جيدة ومتينة

يقوم رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز، بزيارة رسمية للمغرب اليوم الخميس، وذلك استجابة للدعوة التي وجهها له الملك محمد السادس، ردا على الرسالة التي تلقاها من سانشيز، والتي عبر فيها عن موقف بلاده الجديد، والداعم للمقترح المغربي للحكم الذاتي، كمقترح جاد ودو مصداقية ومشروعية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وتأتي هذه الزيارة، لتعيد الدفئ للعلاقات المغربية الاسبانية ، والتي شهدت قطيعة وأزمة خيمت لأزيد من سنة، نتيجة استقبال اسبانيا لزعيم البلويساريو ابرهيم غالي السنة الماضية، الشيء الذي اعتبره المغرب طعنة في الظهر، واستدعى على إثره سفيرته بمدريد، لتعرف العلاقات بين البلدين قطيعة شملت مختلف المجالات الاقتصادية والسسياسة والأمنية وغيرها.

ويعتبر المراقبون والمتتبعون أن هذه الزيارة ستفتح آفاقا جديدة واعدة للعلاقات بين البلدين، سيما وأن اسبانيا انصاعت أخيرا للشروط المغربية، والتي حددها الملك محمد السادس في خطاب العرش للسنة الماضية، والذي ربط فيه إعادة العلاقات الطبيعية وربط الشراكات الاقتصادية والأمنية والسياسية، مع أي دولة بموقفها من قضية الصحراء المغربية، الشيء الذي حدا بالمملكة الاسبانية إلى تغيير موقفها الذي كان يدعم طروحات البوليساريو في كثير من جوانبها.

الزيارة تأسيس لمرحلة جديدة

وفي هذا الصدد، اعتبر عصام العروسي أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه الزيارة مفصلية وتاريخية، ولها العديد من الأبعاد والدلالات ومن أهمها توقيتها، الذي جاء بعد طي الخلاف المغربي الإسباني، الذي دام حوالي سنتين، وعقد مستويات الشراكة التي كانت قائمة بين المغرب وإسبانيا.

وأضاف العروسي في تصريح لجريدة “هبة بريس” الإلكترونية، أن هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات المغربية الاسبانية، واستئناف العلاقات بين البلدين على إثر الموقف الجديد لاسبانيا، والداعم للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، معتبرا ذلك بمثابة اعتراف إسباني بأهمية الشريك المغربي، بين مختلف الشركاء في المنطقة، على اعتبار المكانة الجيوسياسية للمغرب كفاعل اقليمي، وكفاعل دولي خاصة بعذ طي ملف الخلاف مع المانيا، ودعم الاتحاد الأوربي لكل المبادرات المغربية فينا يتعلق بمغربية الصحراء يقول العروسي.

وأردف المتحدث قائلا أن الاعتراف بالحكم الذاتي من طرف اسبانيا، هو بمثابة تدليل صعاب العلاقات بين البلدين، خاصة وأن اسبانيا كانت تتخد موقفا غير إيجابي بالنسبة لقضية الصحراء المغربية، وتعتبر أن هذا الملف الشائك، هو بمثابة حصان طروادة في العلاقة بين المغرب واسبانيا، وكانت تتحكم فيه كثيرا ، من خلال ضلوعها في الصراع بداية من العهد الاستعماري، واحتكارها لإحصاء لإحصاء الساكنة1974، ما لم يمكن المنطقة من إنجاز الاستفتاء، الذي كانت ترجحه المبادرات الأممية في وقت من الأوقات، معتبرا أن هذا التقارب سيكون له أبعاد جديدة على المستوى تعزيز العلاقات التنائية تجاريا واقتصاديا وامنيا وطاقيا.

ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن اسبانيا تكونت لديها قناعة بأهمية المغرب والشراكة معه، ومن لا جدوى تجاهله أو تغييره بشريك آخر في المنطقة مثل الجزائر مثلا، حيث لم تستطع أن تكون بديلا للشراكة المغربية في كثير من المجالات، خاصة بعد إغلاق أنبوب الغاز المغاربي الذي كان بمتابة صاعقة لاسبانيا، اذ كان يقدم الغاز لاسبانيا باسعار معقولة.

وأبرز العروسي أن قضية الصحراء هي قضية مفصلية للمغرب وبالتالي فاستئناف العلاقات بين البلدين، سيتم على أسس جيدة ومتينة، تكون قضية الصحراء المغربية محورية فيه، وإسبانيا أدركت وانصاعت لذلك، خاصة وأن المغرب قوى من قدراته العسكرية والأمنية كثيرا، وأصبح قوة عسكرية كبيرة في المنطقة، وقادر على الدفاع عن نفسه، ولم يعد المغرب كما كان سابقا.

وخلص أستاذ العلاقات الدولية ، إلى أن التنسيق الأمني مسألة مهمة لإسبانيا في ظل كل التحديات الأمنية التي تحيط بالمنطقة، والتوترات التي تعيشها بلدان المنطقة كليبيا وتونس وغيرها، ما يصعب حجم التحديات، ويجعل المغرب قادر على رفعها، خاصة وأنه يعيش على وقع استقرار أمني وسياسي كبير، فضلا عن الدينامية الكبيرة التي يعرفها ويشهدها، بما فيها في ملف قضية الصحراء المغربية.

ثلاث دلالات أساسية للزيارة

يرى أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عابس الوردي، أن لزيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للمغرب ثلاث دلالات أساسية، أولاها طي صفحة الماضي والمضي قدما في إنشاء صفحة جديدة، عنوانها التبادل والتعاون الوثيق بين المملكتين المغربية والاسبانية، مضيفاً إلى أن الدلالة الثانية تتمثل في أجرأة المبادئ الأساسية، التي جاءت في الرسالة التي بعثها رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز الى الملك قبل أيام، سواء ما تعلق منها بالتعاون الاقتصادي والأمني وكل القضايا المشتركة بين الجانبين.

وأضاف الوردي في تصريح لجريدة “هبة بريس” الإلكترونية أن الدلالة الثالثة هي تأكيد للمملكة الإيبيرية لاعترافها بواقعية ومصداقية وجدية ومشروعية الحكم الذاتي، الذي اقترحة المغرب سنة 2007، كحل وحيد وأوحد للنزاع المفتعل حرل الصحراء المغربية.

وخلص المتحدث إلى أن التفعيل الرسمي لهذه المضامين والدلالات، سيكون بالزيارة والاستقبال الملكي لرئيس الحكومة الاسبانية، سانشيز والوفد المرافق له يومه الخميس، معتبرا ذلك منعطفا جديدا سيؤسس لعلاقات جيدة ومتينة، وستساهم في ازدهار البلدين، وتدبير القضايا المشتركة بينهما في جو من التفاهم والاحترام المتبادل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى