في زمن عيدهن.. عاملات النظافة مهام متعددة بأجور هزيلة

في زمن عيدهن العالمي الذي يوافق الثامن من مارس من كل سنة، لابد أن نقف وقفة تأمل لتسليط الضوء واماطة اللثام عن واقع العديد من نون النسوة ممن ساهمن في صناعة الأجيال وبناء المجتمعات، كرسن حياتهن لخدمتي وخدمتك وخدمة الوطن، كل واحدة منهن من موقعها… في عيدهن يحق لنا جميعا أن نقف وقفة احترام وتقدير للدور الريادي والجوهري الذي تلعبه المرأة في بقاع العالم والمغربية على وجه الخصوص وعلى كافة المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية والرياضية وغيرها، لنُحصي انجازاتهن الرائعة ومساهماتهن الفعالة في بناء أركان المجتمع والوقوف على المكاسب التي حققنها على امتداد عام كامل.

في زمن عيدهن، اخترنا لكم من بين ثنايا اللغط الذي يصاحب هذه الذكرى كل سنة بطعم توزيع الورود والهدايا، (اخترنا) فئة تعيش على إيقاعات البؤس والشقاء بمهام متعددة و أجور هزيلة، إنهن عاملات النظافة بالعديد من المرافق العمومية والخصوصية منها، نساء اختلفت أعمارهن وتوحد مصيرهن، رمت بهن الأقدار وظروف العيش القاسية ليجدن أنفسهن أمام مصير مجهول من أجل الحصول على لقمة العيش.

آدميات وفي نشوة الاحتفالات، تجدهن بقلب مقرات عملهن قبل الموظفين والموظفات…ينظفن.. يغسلن يمسحن.. يستعملن كل أنواع المواد الكيمياوية للنظافة.. يتعرضن لخطر الأمراض المعدية في المستشفيات وفي كل أماكن العمل ذات الخطورة… كادحات بكل ما في الكلمة من معنى بأجور هزيلة لاتسمن ولا تغني من جوع، كثير منهن لا يتمتعن بتغطية اجتماعية ولا ولا .. معرضات للطرد التعسفي في كل الأوقات…تتولى تشغيلهن شركات ضمن قطاع المناولة، معظمهن غير منظم وغير مصرح بهن…بريئات يعانين في صمت ومنتشرات في كل المؤسسات العمومية والخاصة…

آدميات في زمن تبادل التهاني والتبريكات، يعشن معاناة ذات أوجه متعددة، انطلاقا من التوقيت، مرورا بظروف العمل، ووصولا إلى الأجرة الهزيلة…. يشتكين النقص الحاد في التغطية الإجتماعية والصحية والتأخير المتكرر في صرف رواتبهن، من هن من يقطعن أميالا وأميالا مشيا على الأقدام للوصول إلى مقرات عملهن، تزداد محنتهن شتاء بسبب البرد القارس، يشتغلن 8 ساعات وأحيانا 12 ساعة ليلا أو صباحا حسب المطلوب منهن.. كثيرات منهن يشتكين من غياب التغطية الصحية، الضمان الاجتماعي، أما الأجرة فحدث ولا حرج، في ظل معاناة تصعب على الوصف.

آدميات شقيقات الرجال، يتقاسمن رغيف خبز كل صباح ضمن معركتهن من أجل البقاء والعيش اليومي بتكاليفه الباهظة (لقمة العيش، الملبس، الكراء، فواتير الكهرباء، والمرض…)، أما مصاريف المناسبات (رمضان) والأعياد .. فتلك قصة أخرى… هاهن يبسطن أمامكم وأمامكن في زمن عيدهن، (يبسطن) تفاصيل حياتهنّ ويومهنّ وشهرهنّ، وكلهن أمل في إنصافهن وتنظيم وتقنين عملهن عبر تطبيق شروط الصحّة والسلامة المهنية…فهن يشتكين غياب الأمن الوظيفي الذي يضمن لها أبسط حقوقها المهنية والإمكانيات المادية واللوجستيكية اللازمة لإنجاح مهامها بحيث يقبع العاملات في أغلب الشركات تحت ظروف مزرية لا يحسدن عليها، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، ولا تحترم فيها حتى القوانين المنظمة لهذه الشركات، لا من حيث ساعات العمل، ولا من حيث المستحقات الشهرية، ولا أيضا من حيث طبيعة العمل الذي يخرج في الكثير من المؤسسات عن المهمة الأساسية الموكولة لهن.

آدميات وبعزة نفس، قدمن نموذجا رائعا في صمود المرأة العربية والمغربية على وجه الخصوص في مواجهة الأزمات، وصناعة الأجيال وبناء الأوطان بشرف، وهن اللواتي تعلقن بوطنهن وبتربته والعيش تحت سقف سمائه…..لم تًرْكن يوما للذل والهوان والتوسل عند الحاجة، بل استطعن اثبات ذواتهن على مر العصور والأزمة والأزمات، فكان لهن الفضل علي وعليك وعلى الوطن…

آدميات في زمن عيدهن العالمي، وجهن رسائل ذات قيمة ومعدن أصيل، إلى كل شقيقاتهن من النساء اللواتي يتقلدن المناصب، بأن يكن نموذجا في التضحية والعزة والثبات على الطريق الصحيح، وأن لا يستسلمن لليأس و الظلم، بل تجابههن بعنفوانهن وأنفتهن رافعات رؤوسهن شامخات للأعالي في زمن ضاعت فيه القيم وغابت عنه مكارم الأخلاق وتطاولت فيه الرويبضات في البناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى