دراسة : 83 في المائة من الشباب المغربي لا يفكر في الهجرة السرية

كشفت دراسة تحليلية إستقصائية، قام بها ” مصطفى تاج “طالب باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون العام والعلوم السياسيةجامعة محمد الخامس، أن حوالي 83 في المائة من الشباب المغربي لا يفكر في الهجرة السرية.

و تطرقت نفس الدراسة، على أن المغرب، عرف في العقدين الأخيرين إصلاحات كثيرة على مستويات عدة، إلا أن ظاهرة الهجرة بأنواعها ظلت فارضة لوجودها، خصوصا في صفوف الشباب، حيث تضاعف عدد المغاربة المقيمين بالخارج بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقل من 1.7 مليون سنة 1998 إلى حوالي 4.5 مليون سنة 2013، ثم إلى 5.8 مليون سنة 2019، أي ما يعادل 14 بالمئة من ساكنة المغرب.

وتعد الجالية المغربية في مجملها شابة، إذ لا تتجاوز أعمار حوالي 70 بالمئة من أفرادها 45 سنة، من بينهم 20 بالمئة تقريبا ولدوا بالمهجر.

وقد أضحت الهجرة بالمغرب خلال العقدين الأخيرين ظاهرة اجتماعية مستفحلة لا تقتصر فقط على الهجرة السرية بقوارب الموت، وإنما بشكل قانوني من خلال عقود عمل وتأشيرات لدول مختلفة يطلبها أطر وكفاءات حصلوا على شواهد ودبلومات بالمغرب، إلى درجة نشوء ظاهرة جديدة سميت ب”هجرة الأدمغة”، بما استتبعها من إقبال كبير على وسطاء الهجرة النظامية إلى دول مثل كندا وألمانيا.

من جهة أخرى، ساهمت أحداث كبرى في إماطة اللثام عن ظاهرة الهجرة وإقبال الشباب واليافعين عليها، ومن هذه الأحداث، بحسب نفس الدراسة، احتجاج شباب الألتراس بمدينة تطوان مساء يوم الجمعة 28 شتنبر 2018 قبل وأثناء وبعد نهاية المقابلة الكروية بين المغرب التطواني والكوكب المراكشي، رافعين شعارات مختلفة كالشعب يريد اسقاط الجنسية، والشعب يريد الهجرة الجماعية. وكذلك ما وقع خلال الثلاث سنوات الأخيرة بشواطئ الشمال من هجرات عن طريق الفانتوم أو الزودياك أو الدراجات النارية البحرية، أو من تجمهر للشباب للهجرة عبر معبر سبتة لما تم فتحه لساعات متتالية من جهة السلطات المغربية في شهر ماي الماضي، ولا زالت بعض الوقائع والأحداث المرتبطة بالهجرة تثير الرأي العام الوطني والدولي، آخرها إعلان وسائل الإعلام بتاريخ 21 دجنبر 2021 عن توقيف البحرية الملكية ل 352 مرشحا للهجرة غير النظامية عبر شاطئ البحر الأبيض المتوسط وتقديم المساعد الطبية لهم.

وخلصت الدراسة، على أن 66 بالمئة من الشباب المستجوب يشتغلون في القطاع العام وشبه العام والخاص وقطاعات أخرى، إلا أن نسبة 58.3 بالمئة منهم تفكر في الهجرة النظامية، فيما نسبة 16.4 بالمئة منهم عبرت عن ترددها بهذا الشأن.

وان ما يزيد عن 77.4 بالمائة من الشباب المستجوب سيهاجر إذا ما أتيحت له فرصة للهجرة النظامية، وهي نسبة عالية يمكن ربطها ب87.9 بالمئة التي تمثل نسبة الحاصلين منهم على تكوين جامعي فما فوق، كما يمكن ربطها ب34 بالمئة التي تمثل نسبة المعطلين ضمن المجتمع المدروس.

وأن 22.6 بالمائة من الشباب المغربي لن يهاجر خارج أرض الوطن ولو أتيحت له فرصة هجرة نظامية، وهي نسبة دالة ومؤشرة على الفئة القليلة من الشباب المغربي التي تعيش في أوضاع اقتصادية واجتماعية مريحة تجعلها لا تفكر في الهجرة خارج أرض الوطن ولو توفرت لها الفرصة النظامية لذلك.

في حين تضيف الدراسة نفسها أن 83.1 بالمئة من الشباب المستجوب لا يفكر في الهجرة السرية بتاتا، وهذا مؤشر إيجابي نربطه بالمجهودات المبذولة على مستوى التنمية ببلادنا، كما يعكس من جهة ثانية التمثلات السلبية والتخوفات التي يحملها الشباب اتجاه الهجرة السرية. خصوصا وأن مختلف الدول المعنية أصبحت لها سياسة أمنية قوية تهدف الحد من هذه الظاهرة. فيما 10.9 بالمئة فقط هم من لازالوا يفكرون في الهجرة السرية، مما يعكس انسداد الآفاق لدى هذه الفئة داخل المجتمع رغم ما تم القيام به من سياسات عمومية طيلة العقدين الأخيرين.

كما أن 83.5 بالمئة من الشباب المغربي لا يوافق على الهجرة السرية ولو أتيحت له الفرصة لذلك، فيما 16.5 بالمئة عبروا عن استعدادهم لها لو أتيحت لهم الفرصة المناسبة، وهذا يتطلب من الدولة التفكير بسرعة في إيجاد حلول ناجعة لتذويب الفئة الأخيرة في المجتمع بالشكل الذي يحد من تفكيرها في الهجرة السرية…فالهجرة السرية اليوم أصبحت سبة في حق دول التصدير، كما أصبحت مقترنة بالموت والضياع والتشرد والوضعيات اللا نظامية واللا قانونية.

كما أن 65.1 بالمئة من الشباب المغربي يفضل العيش خارج أرض الوطن. وبالضبط في دول أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية…وهذا يعكس مدى انبهار الأجيال الجديدة من الشباب المغربي بدول الغرب، وبمستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي فيها، كما يعكس بالمقابل عدم رضى وسخط ضمني على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشونها بالبلاد، ولعل التقارير الدولية المختصة التي تصنف المغرب في أدنى الترتيب على مستوى مجموعة من المجالات لمحفز من المحفزات التي تجعل الشباب المغربي اليوم يفكر في الهجرة، بالإضافة إلى ضيق الأفق وقلة فرص الشغل الكريم.

كل هذا يتطلب من الدولة بالإضافة إلى حلحلة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، الانكباب كذلك على إعداد برامج لتربية الأطفال واليافعين والشباب على القيم الوطنية التي تنتصر للوطن والتي تذكي حب الوطن في النفوس عوض التغاضي عن الروح الفردانية التي بدأت تستشري بقوة في صفوف الأجيال الحالية.

كما أن ما نسبته 4.2 بالمئة من الشباب المغربي يفضلون العيش خارج أرض الوطن على العيش داخله، كيفما كانت وجهة الاستقبال، وهذا مؤشر سلبي جدا، يعكس سخط تام لفئة من الشباب على الوطن، وهو سخط نابع من سخطها على وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية داخله.

في حين أن ما نسبته 1 بالمئة من المجتمع المدروس عبر عن استعداده للهجرة بدوافع ثقافية، فيما أعازها 0.6 بالمئة فقط منهم لأسباب دينية، مما يدحض الكليشيهات الإعلامية الأجنبية التي تسوق بأن الشباب المغربي له مشاكل مع قيمه الدينية والثقافية.

واعتبرت الدراسة أن الأغلبية الساحقة من الشباب المغربي تعزي أسباب الإقدام على الهجرة خارج أرض الوطن لدوافع متعددة، اقتصادية واجتماعية على وجه الخصوص.

كما خلصت الدراسة ذاتها، أن الأغلبية الساحقة من الشباب المغربي تدعو الدولة إلى توفير فرص العيش الكريم، وذلك بتبني إصلاح اجتماعي عميق والاهتمام بالدرجة الأولى بقطاع التشغيل.

مقالات ذات صلة

‫22 تعليقات

  1. أنتم الصحافة تضهرون الجانب الأخر تخفون الحقيقة وتدافعون عن ما هو كذب لهاذا مأواكم جهنم هل تعلمون مرتبتكم عند الله مرتبتكم هي المنافقون وابحثوا عن عذاب هذا النوع و شكرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى