إلى أين تتجه العلاقات المغربية الجزائرية؟ قراءة على ضوء تسلسل الأحداث …

.عرفت العلاقات المغربية الجزائرية تطور غير مسبوق مؤخرا، بعد اقدام النظام الجزائري على عدة قرارات اعتباطية وغير متزنة تنم عن تخبط بوصلة النظام. فمن خلال جرد لمختلف القرارات المتسارعة للنظام يتضح أن سياسة اليد الممدودة المتكررة للمغرب يقابلها قرار جزائري على النقيض تماما، يطبعه التشنج وبعيد كل البعد عن الرزانة والأعراف الديبلوماسية المتعارف عليها.
تعتبر أحداث الكركرات التي وقعت يوم 13 نونبر 2020 على حدود الصحراء المغربية وما أعقبها من اعتراف أميركي بسيادة المغرب على صحرائه واستثمار المغرب في ذلك السبب المباشر في تأجيج الوضع والدفع بالتوتر الذي كان متخفيا ومنضبطا بحدود معينة إلى الخروج للعلن، حيث دخلت العلاقة بين الدولتين الجارتين منعطفا جديدا توالت الأحداث بعده.

ففي دجنبر 2020، نددت الجزائر بـ”مناورات أجنبية” تهدف إلى زعزعة استقرارها، متّهمة في ذلك إسرائيل، بعد تصريحات أطلقها وزير الخارجية الاسرائيلي يائير لبيد خلال زيارته الرسمية الأولى إلى المغرب في غشت الماضي حيث أعرب لبيد، في الدار البيضاء، عن “هواجس إزاء الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة وتقاربها مع إيران، والحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي”، بحسب “فرانس برس.

وبعد ذلك جدّدت الجزائر التأكيد أن “قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار”، وأن “حلها يكمن في تطبيق القانون الدولي، فرد عمر هلال السفير الدائم للمغرب بالأمم المتحدة بتأييده للحركة في منطقة القبائل ردا على دعم الجزائر للانفصاليين في الصحراء المغربية والاستفزازات المتوالية. فاستدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب “للتشاور” في 18 يوليوز 2021.

وفي خضم هد التوتر سعى المغرب الى تهدئة الوضع حيث في 31 يوليوز، وفي ذكرى اعتلائه العرش، أعرب العاهل المغربي محمد السادس عن أسفه للتوترات بين البلدين، ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. هذه المبادرة لم تلق صدى لدى النظام الجزائري الذي استمر في سياسة الهروب الى الأمام.
وعلى النقيض من الموقف المغربي وفي 18 غشت، أعلنت الجزائر أنها قرّرت “إعادة النظر” في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، وكذا جريمة التجسس (بيغاسوس) التي استهدفتها، وفق ما نشرته يومية “لوموند” الفرنسية، وأيضا وفق ما صرح به رئيس القيادة العسكرية الجنرال السعيد شنقريحة، الذي اتهم المغرب صراحة بخلق الفوضى في البلاد عبر الترخيص للغرب وإسرائيل بنشر قواعد للتجسس على الجزائر.

ويتوالى مسلسل تصعيدات النظام الجزائري حيث أنه بتاريخ 24غشت، أعلن وزير الخارجية الجزائري قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب “الأعمال العدائية” للمملكة ضدها. ثم منع المغرب من استخدام المجال الجوي الجزائري للطائرات المدنية والعسكرية على السواء”.
وفي هذا الصدد وتعليقا على كرونولوجيا هذه الأحداث صرح لهبة بريس المستشار في السياسات الدولية والخبير في العلاقات الدولية، هشام معتضد، من كندا، بما يلي:
مسلسل تصعيدات النظام الجزائري تندرج في إطار الإيديولوجية الرجعية التي تؤطر فكر حكام الجزائر العسكريين والذين فضلوا دائما المقاربة العسكرية الاستفزازية في تدبير علاقتهم الاقليمية على حساب التوجه السياسي لحسن الجوار ومبادئ الحوار السياسي والفكر الاستراتيجي المدني في نسج العلاقات الاقليمية.

الحكام الفعليين للجزائر المتمثلين خاصة في جنرالات العسكر وضباط القيادة العسكرية المركزية اعتمدوا، منذ التحكم في مفاصل الدولة، على وضع المغرب كعدو تقليدي واستراتيجي وكبوصلة سياسية في التركيبة الخرائطية لبناء السياسية الخارجية للبلاد. لذلك فليس غريب من النظام الجزائري لعب ورقة المغرب في تمويه رأيها المحلي أو تفسير إخفاقاته المتكررة والمستمرة وذلك لكسب المزيد من الوقت وتأجيل إيجاد حلول واقعية وفعلية للمطالب المشروعة للشارع الجزائري والامة الجزائرية.

واخر حلقة في مسلسل تطور هذه الأحداث هو رفض الجزائر الجمعة الماضي على لسان مبعوثها الخاص المكلف بقضية الصحراء المغربية عمار بلاني العودة إلى محادثات “المائدة المستديرة” بشأن الصحراء المغربية بعد أيام من تعيين الأمم المتحدة مبعوثا جديدا للنزاع. وأكد بلاني موقف الجزائر “الرسمي الذي لا رجعة فيه لهذه الصيغة المسماة بالموائد المستديرة”، لاعتبارها “غير متوازنة” بحسب تعبيرها.

يذكر أن محادثات السلام الأخيرة التي رعتها الأمم المتحدة عام 2019 شارك بها مسؤولون كبار من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو. لكنها توقفت بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كولر في ماي 2019. وخلفه أخيرا هذا الشهر الدبلوماسي المخضرم ستافان دي ميستورا.

ويضيف خبير العلاقات الدولية، هشام معتضد، بخصوص هذا القرار:
فعدم رغبة النظام الجزائري في الحل السياسي عبر مختلف قنواته الدبلوماسية والسياسية يبرهن عن مدى تقوقع رؤية هذا النظام في النزعة العسكرية والرغبة في خلق نوع من اللا استقرار السياسي والامني في المنطقة ولو على حساب أطروحات وهمية أو ملفات مفتعلة وذلك من أجل النيل من الرغبة الشعبية المغاربية الطامحة بنهضة تنموية شاملة بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة ذات الاطماع الشخصية.

فالرفض المتكرر والمستمر للنظام الجزائري من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات وفتح نقاش جاد ومسؤول يترجم مرة أخرى الرغبة الكبيرة لهذا النظام التملص من مسؤوليته التاريخية والسياسية وخاصة فيما يتعلق بنزاع مفتعل وأطروحة وهمية ذات أجندة شخصية بأبعاد إيديولوجية خطيرة.

الأكيد أن توالي الأحداث ينذر بدخول المنطقة في مرحلة غير مسبوقة من التوتر لن تتوقف على الأقل في الأمد القصير مادامت نقطة الخلاف الجوهرية أي قضية الصحراء المغربية لم تنضج الظروف الحالية لحلحلتها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ويتعين على شعوب المنطقة تجرع خيبات اهدار الفرص الضائعة من قبل النظام الجزائري لتحقيق الاندماج والتكامل الاقتصادي.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. حكام الجزائر اتخذوا من معاكسة الوحدة الترابية للملكة مواجهات مع المنظمات الدولية والأمم المتحدة وجميع التكتلات العالمية لطمس ما يجري داخل الجزائر منذ للانقلاب العسكر مرورا بالعشرية السوداء إلى الحراك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى