بودن : قرار محكمة العدل الأوروبية ليس له مفعول الزامي

قررت محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاق الزراعة والصيد البحري مع المغرب؛ بناء على طعن تقدمت به جبهة البوليساريو الانفصالية‎.

ويأتي هذا القرار، الصادر صباح اليوم الأربعاء، بناء على طعون تقدم بها التنظيم الذي يرعاه النظام الجزائري.

الأكاديمي و المحلل السياسي محمد بودن قال تفاعلا مع القرار ” في الواقع قرار محكمة العدل الأوروبية رغم كونه ابتدائيا وليس له مفعول الإلزام الفوري الا انه يمثل نهجا مخالفا لروح الشراكة المغربية الأوروبية و المسار الذي تسلكه العلاقات الشاملة بين الطرفين فضلا عن كونه قرار لا يكرس مبدأ اليقين القانوني في العلاقات بين المغرب و الاتحاد الأوروبي نظرا لكون الاتفاق الزراعي و اتفاق الصيد البحري ناتجين عن مسار قانوني و دبلوماسي معزز بشرعية عبر عنها البرلمان الأَروبي اثناء تجديد الاتفاقين المذكورين و لذلك يخشى ان يكون اثر هذا القرار سلبيا على الامن التعاقدي ”

و توقف رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية عند ملاحظات عددها على الشكل الاتي :

-اولا : قرار محكمة العدل الأوروبية يتضمن تفسيرات ابعد ما تكون عن الاقناع و يقدم استدلالات قطعية مغلوطة بخصوص الصحراء المغربية و لذلك يمكن وضعه موضع ” ريب”، وهذا لا يعني ان القرار يمثل وجهة نظر مختلف المؤسسات الأوروبية كما انه لا يعني ان هناك سوء نية اوروبية وبالعودة لتصريحات سابقة لرئيس المجلس الأوروبي و رئيسة المفوضية الأورربية حول أهمية المغرب كشريك محوري وحتى التصريح المشترك للسيدين ناصر بوريطة و جوزيب بوريل يمكن التأكد من ارادة اعطاء دفعة اخرى لاستمرار العلاقات في المستوى الذي يراد لها، لكن ربما هناك معاني يمكن استخلاصها من قرار محكمة العدل الأوروبية في اطار الواقعية الجديدة للمغرب.

-ثانيا : المعنى الواجب اعطائه لصفة ” ممثل” ليس كما مضت المحكمة المذكورة في توضيحه، بل من منطلق ديمقراطي يعتمد على ابراز صوت ساكنة الصحراء المغربية و ممثليها الذين قدموا تعريفا واقعيا لتقرير المصير داخليا خلال الانتخابات العامة ل 08 شتنبر 2021 بمشاركة مكثفة و ذات دلالة،وهذا دليل على ان فقه المحكمة في هذه المسألة بالتحديد ليس معمقا.

– ثالثا : قرار محكمة العدل الأوروبية تضمن عبارات لا يمكن تفسيرها الا في الاطار السياسي وهي بعيدة عن الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوروبية أو الاطار القانوني لعملها الذي ينبغي ان يكون مصونا عن البروباغندا والقطعية في بعض المفاهيم و الديناميات السياسية.

– رابعا : من المؤكد ان دفوعات الكيان الوهمي ليست مهمة بالنسبة لمحكمة العدل الأوروبية لافتقاده الاهلية القانونية و المسؤولية عن الأفعال و لكن سوابق المحكمة تؤكد ان وظيفتها الحقيقية في هذا الموضوع لا تتجلى فقط في تقرير ما اذا كان هناك نزاع قابل للحل قضائيا بين المغرب و الاتحاد الأوروبي بل بعث رسالة وفق اجندة زمنية تلعب على السياق و المصلحة.

– خامسا : محكمة العدل الأوروبية لم تنقل انعكاس التنمية على واقع عيش الساكنة في الصحراء المغربية و استقرار المنطقة وكيف ان المملكة المغربية عبر شراكات دولية متنوعة و اتفاقات مع عدة اطراف عززت فرص الاستثمار و الاستدامة الاقتصادية و الاجتماعية بالاقاليم الجنوبية ،كما انها لم تنقل الحقيقة بصورة أوفى وبالتالي افتقد قرارها للتمحيص اللازم في العمل القضائي.

– سادسا : محكمة العدل الأوروبية لا يجوز أن تمتد سلطتها لافريقيا و تقوم باصدار حكم بدون الاستماع للمغرب و موقفه السيادي وجعل قضية الأمة المغربية موضوعا للاجتهادات القضائية، فالمحكمة المعنية لم تأخذ كل التدابير اللازمة لتحقيق ولايتها القضائية على الأقل.

– سابعا : الكيان الوهمي ليست له الاهلية القانونية و لا الأركان المعنوية لمباشرة اجراءات التقاضي فضلا عن كونه لا يتقاسم نفس الأهداف مع المجموعة الأوروبية فيما يخص مكافحة الارهاب و التنمية لانه ليس الا اداة وظيفية لدى دولة الجزائر ،ولعل تقارير مؤسسات اوروبية اكدت في اكثر من مناسبة قيام قيادة البوليساريو بالتلاعب في المساعدات الموجهة لساكنة مخيمات تندوف وغياب الشفافية بخصوص ساكنة المخيمات في وضع انساني ينتج المخاطر باستمرار.

-ثامنا : لا يجوز ان تمتد سلطة محكمة العدل الأوروبية للتدخل في شؤون تقع ضمن حدود صلاحيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن حصريا واذا حصل هذا عن ادراك من طرف القضاة فإن المحكمة تكون قد اشغلت نفسها بشواغل بعيدة عن ولايتها.

تاسعا : تنص المادة 275 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU) على أنه ليس لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي اختصاص على الأحكام المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة وهذا ما يضع التفسيرات التي قدمتها محكمة العدل الأوروبية في تناقض مع المادة المذكورة.

عاشرا : يبقي سيناريو استئناف قرار محكمة العدل الأوروبية قائما و يمكن أن يؤدي الى تجاوز وضع الشراكة المغربية الأوروبية تحت الاختبار و التمسك بالمملكة المغربية كشريك استراتيجي لأن الشراكة لا تقتصر فقط على اتفاقي الفلاحة و الصيد البحري و انما تشمل مجالات متعددة ومع ذلك فالمملكة المغربية ينبغي ان تعزز قاعدة تنويع الشركاء اخذا بعين الاعنبار الطابع المتقلب للعلاقات الدولية في المستقبل.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يجب على الحكومة المغربية اعادة النظر في العلاقة مع الاتحاد الاوروبي و تجميد كل الاتفاقيات.علينا توطيد العلاقات مع بريطانيا بعد خروجها من هدا الاتحاد وكدالك الدول الاسوية والامريكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى