لا تنسى الوعود لمن استقبلوك بالورود…

انتهت الانتخابات، واجتمع القوم ليؤسسوا مجالسهم المنتخبة ديمقراطيا طبعا، كل حزب بما لديهم فرحون، فريق في الأغلبية وفريق اختار المعارضة موطنا له.

مجالس عقدت في جلسات مغلقة، وأخرى تم السماح لرجال الصحافة والإعلام بتوثيقها صورا وفيديوهات بطعم الصراعات العراك والنرفزة…
حركات تسخينية وكولسة ولمز وغمز وتدافع نحو تقلد دواليب التسيير، وتحالفات طُبخت على نار هادئة في أماكن حُجزت فيها حتى هواتف المرشحين الناجحين.

جاء اليوم الموعود، واستنفرت مختلف الأجهزة الأمنية عناصرها على أبواب القاعات والمرافق المحتضنة للنزال الانتخابي لاختيار الرئيس…
نُصبت الحواجز الحديدية، وانتشر خبر تحديد موعد اختيار الرئيس، حضره المواطنون والمواطنات، وجيئ ب ” الطبالة والغياطة والدقايقية والورود الزاهية”، وغابت التدابير الاحترازية في مواجهة كورونا من قبل أنصار المتنافسين، وكُثر العناق والنفاق، حتى من كان يطبل للآخر “قلب وجهه” وأضحى تابعا لأولي نعمته الجديد إنه الرئيس المنتظر..

خرج الرئيس منتشيا ملوحا بشارة النصر، بدون كمامة طبعا ارتمت عليه حشود الناس من كل حدب وصوب، يأملون فيه التغيير وينشدونه انشادا ولحنا وزغاريدا…وهو يتصبب عرقا ويلوح بديه يمنة ويسرة ولسان حاله يردد ” ماكين غير التغيير”.

سار الرئيس خطوات إلى الأمام، استقبلته النسوة بالثمر والحليب، وألسنتهن تهلل بذكر اسمه ” داها وداها والله ماخلاها”…وراءه سار الركب من شباب الحي أو الدوار، وساروا جميعا، نحو فناء كبير، هناك نُصبت الخيام وذُبحت رؤوس الأغنام والماعز طوعا أو كرها، ووزعت موائد الطعام على أولئك القادمين المهللين المتصببين عرقا.

ووقف الرئيس، يحصي ويعد، ويحكي عن مشواره المليئ بالمغامرات السياسية قبل الانتخابات وبعدها، وحتى في زمن الخلوة رفقة باقي مكونات أغلبيته…يحكي ويقول ويذكر الجمع، بأن السياسة فن المراوغة والمكر والخداع إلا من رحم ربي…” أنصحكم بالابتعاد عنها يقول رئيسنا”.

خُتمت المجالس دعاء وتعهدا، وانتشرت الحشود مودعة ولسان حالها يقول ” الله يخلف أالرئيس” ومن بين ثنايا الحاضرين انسل الحديث همسا وغمزا لاسيما مع بداية غسل اليدين من دسم الأطباق، وجاء موعد الانصراف من خيمة الحفل….كثُر السؤال عن المستقبل وما يحمله من مستجدات وانتظارات وآمال للساكنة التي عانت الويلات تماشيا ومقولة ” الكرش ملي تشبع تقول للراس غنّي”..

استفسر البعض وطرح سؤاله المتعلق سواء بالوضع الصحي مع غياب المستوصفات أو ضعف الخدمات بها وقلة التجهيزات والموارد البشرية….مع التعليم وهشاشة البنيات التحتية للأقسام والحجرات والممرات الطرقية المؤدية إليها….مع الشغل وانتشار البطالة في الحي أو في الدوار، مع النقل بمختلف أنواعه سواء العمومي أو المدرسي…مع المسالك الطرقية والإنارة العمومية…

مطالب كبيرة وعديدة، يقابلها كلام معسول من الرئيس القادم، الذي يقول ” كل شيء يهون في سبيل تحقيق الوعود”…غير كونوا هانين….

إليك يارئيس أقول، يا من استقبلوك بالورود والثمر والحليب وزغاريد النسوة البريئات…إليك أقول: لا تتنكر لوعودك لهم وأنت في أبهى حلتك ونشوتك…لا تكن كضيفا خفيفا عليهم لا تظهر إلا مع قرب موعد الانتخابات…تذّكر أيها الرئيس برنامجك الانتخابي الذي حملته أمانة في عنقك لتكون مدافعا عنه وعن تنزيله… وأنت الذي وعدت وتعهدت بتحقيق الأفضل…لا تكن من الذين ارتأوا تغليب مصالحهم الشخصية على مصالح الناس العامة…

فاعلم أن كل مريض يئن في منزل بمنطقة نائية يعاني وسيلة نقل أو سيارة اسعاف أو وعورة مسالك، فذنبه في رقبتك…يُحاجِجُك به غدا أمام رب العزة…

إليك يارئيس بلدية أو جماعة قروية…أحكي وأقول: لا تنسى كرم الناس عليك وفرحتهم بنصرك وفوزك يوم خروجك وأنت تتصبب عرقا…فهم قابلوك على باب النصر بالثمر والحليب والورود، فقابلهم أنت بالوعود وحققهم أملهم المنشود..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى