تارودانت.. هنا تكمن الفوضى والتطاول على مضامين الدستور

طارق عبلا_ هبة بريس

هل مشرعو القوانين اجتهدوا لكي تحمي هذه الأخيرة حقوق العباد وتنظم العلاقات فيما بينهم؟ أم أن القانون جاء ليحمي أصحاب النفوذ والمال والسلطة في مواجهة البسطاء والفقراء ممن لا سند لهم ولا جاه؟

فمع دستور 2011، الذي جاء بعد مخاض عسير، وزخم الشعارات التي رفعت إبان الربيع العربي والتي طالب من خلالها مرددوها بضرورة القطيعة مع الفساد والمحسوبية والزبونية، والعمل على حماية الحقوق وتكريس الديمقراطية والشفافية والمساواة وضمان حرية التعبير والمحافظة على الأمن والسكينة والنظام العام، وهو الدستور الذي جاء بعد رؤية حكيمة لملك البلاد محمد السادس نصره الله، الذي التقط الإشارات والأصوات المطالبة بالتغيير نحو الأفضل.

دستور جد متقدم وازى بين الحقوق والواجبات وضمان الحقوق لأفرادها، حتى وصف بدستور الجيل الثالث الذي نال ثقة المنتظم الدولي، وجنب البلاد الانزلاق نحو حافة الفوضى على شاكلة دول عدة.

فمع تنزيل مضامين الدستور الجديد، يرى كثيرون أن بعض المواطنين من أصحاب الشكارة والسلطة والجاه، لازالوا يغردون خارج السرب، لازالوا مستمرين في غيهم وطغيانهم وعدم احترام ما نص عليه الدستور من ضمان حرية السكن والطمأنينة في بيئة سليمة بعيدة عن الفوضى والهرج والمرج وأوكار الدعارة.

مربط الفرس، ومنطلق الحديث، هنا، يتعلق بتجمعات سكنية بجنوب المغرب، وخاصة بإقليم تارودانت وعلى وجه التحديد منطقة أولاد برحيل، هنا تتجلى مظاهر العربدة وعدم احترام القانون وضرب مضامين الدستور عرض الحائط، هنا يتجلى “قانون الغاب” أو منطق القوي يأكل الضعيف.

كي نحدد المشكل بالضبط، ونضع الأصبع على الداء، إليكم شكايات عدة لمواطنين اتخذوا من الحي الجديد بمنطقة أولاد برحيل موطنا لهم ولأسرهم، ولعائلاتهم، ضاقوا من ألم الفوضى والعربدة ما لا يتخيله البعض، فوضى عارمة، وموسيقى ليلية تنبعث من مقهى، أضحت ملجأ للمراهقين والمراهقات ومرتعا للفساد والدعارة، أمام أعين الدرك الملكي والسلطات المحلية وعامل الإقليم.

الساكنة المكلومة التي أحست بالظلم والجور، لم تقف مكتوفة الأيادي، بل راسلت الجهات الوصية عبر شكايات قانونية موثقة بتقارير عن مفوض قضائي سبق وأن عاين حجم الفوضى والعربدة والموسيقى الليلية وذلك بتاريخ 24/05/2021، وثق ذلك بصور وفيديوهات، طبقا للمادة 15 من القانون 03.81 المنظم لمهنة المفوضين القضائين.

السكان المتضررون، رفعوا شكاياتهم ووضعوها على طاولة كل من عامل إقليم تارودانت، وأمام تمادي الوضع على ماهو عليه، قاموا بمراسلة مكتب وزير الداخلية، وبعدها رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، شكايات تحمل في طياتها مطالب مشروعة أصحابها لا يطالبون بالمستحيل، بقدر ما تتلخص مطالبهم في توفير الأمن الروحي والمادي، والطمأنينة وخلق بيئة سليمة بعيدة عن مظاهر التعفن الأسري وبراثين الدعارة وتعاطي المخدرات.

أصحاب الشكايات مواطنون مغاربة، رفعوا تظلماتهم ووضعوها على طاولات المسؤولين محليا واقليميا ووطنيا، وكلهم أمل أن تتم الاستجابة إليها بروح وطنية تتناغم ومضامين الدستور والقوانين الجاري بها العمل في هذا الصدد.

معاناتهم هاته، ارتأوا أن تكون هبة بريس منصة لها خاصة وأنها تحمل شعار “صوت الشعب”، فماكان للجريدة إلا أن استجابت لدعوتهم وقامت بزيارة ميدانية للحي المسمى “الحي الجديد بأولاد برحيل إقليم تارودانت”، وهنا رصدت جانبا من مظاهر الفوضى المتمثلة في احتلال الملك العمومي من قبل المقهى المذكورة، ناهيك عن عدم التزام صاحبها بالضوابط القانونية والاجراءات الاحترازية، فضلا عن الأصوات الصاخبة المنبعثة من داخلها والتي تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، ومشاهد للمراهقين ومراهقات من مدمني المخدرات يقصدونها ويجدون فيها ضالتهم وحمايتهم من أعين الدرك الملكي والسلطات المحلية التي لا تقوم بأي تحرك يذكر، مما يطرح علامات استفهام عدة؟

من يحمي صاحب هذه المقهى، ومن الذي يحول بينه وبين تدخل رجال الدرك للقيام بعملهم؟ ولماذا لم تتم الاستجابة لشكايات المواطنين المصوتين على الدستور؟ أسئلة وأخرى، تبقى رهينة بمدى تجاوب الجهات المعنية مع هذا المقال…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بلدي المغرب قوي بمكوناته البشرية وكل ااجيهات المكونة له تعيش تنميةمستدامة وديموقراطية ونطلب من الله تعالى ان نكون بسلام. ونعيش بحب بعيدين عن الفوضى وعن مايقع في دول شقيقة الحمد لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى