بن شماش : “افريقيا ” تمتلك اليوم إمكانيات اقتصادية ديموغرافية وطبيعية هائلة

أكد رئيس مجلس المستشارين، عبد الحكيم بن شماش، اليوم الخميس بالرباط، أن إفريقيا تمتلك اليوم إمكانيات هائلة تمكنها من التموقع الإيجابي في النظام العالمي الجديد لما بعد كوفيد-19 .

وأوضح بن شماش، في كلمة بمناسبة افتتاح لقاء تشاوري لرؤساء البرلمانات الإفريقية، أن إفريقيا “تمتلك اليوم إمكانيات اقتصادية، ديموغرافية وطبيعية هائلة توفر مجتمعة، مع بزوغ جيل جديد من القيادات المستوعبة لمسؤوليتها التاريخية، فرصة ثمينة للتموقع الإيجابي لقارتنا في النظام العالمي الجديد لما بعد كوفيد-19”.

وأبرز في هذا الصدد، أن مسار التعافي والتنشيط الاقتصادي يجب أن يكون مبنيا على التعاون والثقة والتكامل، قائلا إنه “من الصعب أن تنجح بلداننا في هذا المسار بالاعتماد على مقوماتها وإمكانياتها الذاتية فقط، خاصة وأن كل دولة ستحتاج بالضرورة إلى أسواق كبيرة وتدفقات استثمارية خارجية هامة ومنظومات لوجستية تنافسية”.

وأضاف بن شماش أن اجتماع رؤساء البرلمانات الإفريقية يأتي “في ظروف إقليمية ودولية صعبة واستثنائية، جراء التبعات السلبية لجائحة كوفيد-19 على المستويات الاقتصادية والاجتماعية”، مسجلا أنه “من المرتقب أن يعيش عالمنا أسوء كساد اقتصادي منذ 90 سنة، مع وصول نسبة المديونية العامة العالمية لمستويات قياسية وغير مسبوقة من الناتج الداخلي العالمي”.

ومن المتوقع أيضا، يضيف رئيس مجلس المستشارين، “أن تتسع رقعة الفقر العالمية ب 150 مليون شخص في هذه السنة (8 من عشرة منهم سيكونون في الدول ذات الدخل المتوسط)، وخصوصا بدول الجنوب ولاسيما منطقتنا الإفريقية”.

وأكد بن شماش أنه “إذا كان هذا المعطى الواقعي يكشف حجم التحديات غير المسبوقة المطروحة على الأجندة الاقتصادية والاجتماعية لدولنا وقارتنا الإفريقية، فإنه من جهة ثانية يشكل فرصة وضرورة ملحة لتجديد أساليب التفكير وتسريع مسارات التغيير، وابتكار صيغ متقدمة لتعزيز وتوطيد آليات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف”.

وأضاف أنه “حين نقر بهذه الضرورة الملحة، فإن الأمر يستلزم، في المقام الأول، التعامل الصارم والحازم مع الجماعات والجهات المهووسة بحنينها إلى أساليب الزمن البائد، وزرع الدسائس عبر محاولات التفرقة وتفتيت الدول ورعاية الانفصال وممارسات قطاع الطرق، وفي مقام ثان المضي قدما في جعل مصالح شعوب قارتنا فوق كل اعتبار، وألا نخطئ الموعد والهدف مرة أخرى”.

من جهة أخرى، قال رئيس مجلس المستشارين “إننا كبرلمانيين مغاربة، حين نتحدث عن الفرص والضرورات السالفة الذكر، وحين نقر بأهمية وحتمية التعاون والتكامل والوحدة الإفريقية في مختلف مستوياتها، فإننا ننطلق من مرتكز أساس في السياسة الخارجية للمملكة المغربية كجزء لا يتجزأ من الفضاء الإفريقي، وباعتبار إفريقيا الامتداد الطبيعي جغرافيا وسياسيا للمغرب، مرتكز قوامه دعم التعاون جنوب- جنوب الذي يقوده ويرعاه جلالة الملك محمد السادس”.

وقال في السياق ذاته “كما ننطلق من روح المبادئ التي وسمت علاقات المملكة المغربية مع أشقائها الأفارقة، القائمة على التضامن ونصرة قضايا الشعوب الإفريقية، بدءا من دعمها واحتضانها لحركات التحرر الإفريقية، وصولا الى المقترحات البناءة والمبادرات التضامنية للمغرب، بتوجيهات ملكية سامية، مع البلدان الإفريقية من أجل مواجهة جائحة كوفيد- 19 والخروج من تداعياتها العصيبة”.

وأشار إلى أن “المغرب بعد عودته إلى أحضان أسرته في الاتحاد الإفريقي، وإصراره الدائم والمبدئي على التمسك بجذوره الإفريقية، فقد سعى بكل صدق ومصداقية، إلى تطوير شراكات قوية مع عمقه الإفريقي وفق مبادئ تنبني على توجهات التنمية المشتركة، ووفق منهجية تستهدف تعزيز تدفقات استثمارية قوية والنقل المستمر للخبرات وتعزيز آليات الخلق المشترك للقيمة المضافة، من أجل وضع أسس صلبة لانبثاق سلسلة قيمة إفريقية قادرة على التموقع القوي في منظومة سلاسل القيمة العالمية”.

وأبرز السيد بن شماش أنه “وفي هذا الإطار، يسجل انتقال الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية من 907 ملايين درهم سنة 2007 إلى 5.4 مليار درهم سنة 2019، بجانب مساهمة المغرب في تعزيز منصات التكوين وتقوية المنظومات البنكية وتعزيز مشاركة الممارسات الفضلى في السياسات القطاعية لتطوير نجاعتها وآليات الحكامة، مع العمل على الاستثمار في الرقي بالسيادة الغذائية الإفريقية من خلال توطين مجموعة من مصانع الأسمدة بالقارة بهدف تطوير الإنتاج في أفق ضمان الأمن الغذائي لمجموعة من الدول الإفريقية، وهذه التوجهات تجعل من المغرب مستثمرا استراتيجيا موثوقا به بالقارة الإفريقية”.

وأشار إلى أن المغرب عمل على توسيع نطاق الشراكات لتشمل قطاعات استراتيجية جديدة كقطاع الطاقة “حيث أن الشراكة المغربية النيجيرية ستمكن من إنجاز أحد أهم أنابيب الغاز بالعالم، وهو ما يشكل تحولا عميقا في الخريطة الطاقية العالمية، وتوجها ذكيا لربط نيجيريا ومعها 13 دولة إفريقية أخرى مع المنظومة الطاقية الأوربية بممر طاقي استراتيجي سيمكن من تثمين قوي للقدرات الطاقية بالقارة الإفريقية وفتحها على أحد أهم الأسواق بالعالم”.

من جهة أخرى، سجل رئيس مجلس المستشارين أن “القناعات والضرورات السالفة الذكر، وكل ما يرتبط بها من تحديات جسام، مقابل ما تتوفر عليه قارتنا من مقومات النهضة والتنمية، يستوجب حضور مؤسسة برلمانية إفريقية جديرة بحمل هذا الاسم، قادرة على الاضطلاع بمهامها التاريخية ومسؤولياتها الأخلاقية والسياسية (..) ينصب عملها على بلورة التصورات واقتراح الأفكار وبرامج عمل ملموسة كفيلة بوضع أجندة مشتركة للتعافي الاقتصادي والرفاه الاجتماعي”.

وأضاف أن المؤسسة البرلمانية يجب أن تكون كفيلة بإيصال صوت الشعوب الإفريقية والإنصات لهمومها والاستجابة لتطلعاتها، وفضاء لإبداع الحلول والمبادرات، من قبيل إحداث آلية برلمانية إفريقية لتتبع تنفيذ الالتزامات الخاصة بمنطقة التبادل الحر للقارة الإفريقية، وتسريع مسار تنزيل أهدافها من أجل أن تشكل آلية عملية لتقوية مسار التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة كوفيد-19.

وسجل أنه “لم يعد الوضع ولا الظرفية الدقيقة التي تجتازها الشعوب الإفريقية، تسمح لمن ما زال يحن إلى الممارسات والأساليب والأطروحات المتهالكة وليدة مخلفات الحرب الباردة، أن يجعل من البرلمان الإفريقي مؤسسة فارغة، أو فضاء للسجال العقيم؛ ولم يعد مقبولا البتة، ولا مسموحا لمن أعماهم الحقد والضغينة أو النزوات الشخصية، ولا لمن جعل نفسه رهينة وأداة في يد أطراف خارجية لا تريد الخير لإفريقيا ولشعوبها، أن يعيد تلك الممارسات المشينة واللاديمقراطية التي استعملتها داخل البرلمان الإفريقي، خصوصا في دورته العادية الرابعة التي انعقدت خلال شهر مايو الماضي”.

وخلص السيد بن شماش إلى القول “إننا مدعوون قبل أي وقت مضى، لتوحيد الصف البرلماني الإفريقي، وملزمون لخدمة هذا المسعى النبيل، باتخاذ الإجراءات والتدابير، واقتراح الحلول والبدائل الكفيلة بتأهيل العمل البرلماني الإفريقي، ليكون جسرا متينا وحلقة وصل أساسية في مسار تكريس التكامل الإفريقي”

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أقوال إنشائية فقط ،الله إخلي لينا سيدنا اللي بالرؤية ديالو الاستراتيجية ،المغرب أصبح ربّان إفريقيا بامتياز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى