محلل سياسي : التقدير أن الأمين العام الأممي، سيجنح الى تهدئة الاوضاع بالصحراء

قال المحلل السياسي بلال التليدي،  إنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يندلع فيها التوتر بين المغرب وخصومه في ملف الصحراء، فقد صار مألوفا أن يعرف شهر مارس وأبريل من كل سنة ديناميات غير مسبوقة في تأجيج التوتر ضد المغرب

واضاف التليدي “لكن هذه المرة، يبدو أن أوراق اللعب تغيرت بشكل كبير، من الطرفين. بالنسبة إلى المغرب، فقد مضى إلى السرعة القصوى من خلال وضع تنمية الأقاليم الجنوبية ضمن إستراتيجية بعيدة للامتداد الجيوستراتيجي في إفريقيا، بما يعني ذلك رغبة المغرب في إحداث تحول مفصلي في هذه الأقاليم يجعلها تختص بنموذج تنموي يدمج أبناءها فيه، ويوفر لهم الفرص الاقتصادية الكافية، ويحصنهم من إغراءات دعاة الانفصال في الداخل والخارج، ويقوي ورقة المبادرة الذاتية للحكم الذاتي كأرضية جدية وذات مصداقية في التفاوض للحل السياسي.”

وتابع المحلل السياسي في مقال نشر بـ ” القدس العربي “ أما جبهة البوليساريو، ومن ورائها الجزائر، فالمؤشرات التي تم ملاحظتها في السنوات القليلة الماضية، تكشف بأن اللعب بتكتيك ورقة حقوق الإنسان تراجع لفائدة تكتيك آخر يعتمد ورقة الثروات، وهو التكتيك الذي استخدم ضد المغرب لعرقلة اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي حتى اصدرت محكمة العدل الأوربية قرارها بهذا الشأن، كما استعمل لدفع حكومة جنوب إفريقيا لحجز سفينة الفوسفاط المغربية، وإصدار المحكمة العليا قرارا يقضي ببيع هذه الشحنة في المزاد العلني، فضلا عن محاولات توريط الاتحاد الإفريقي في معارك قانونية مع المغرب لعرقلة تبادلاته التجارية.

و أوضح التليدي في مقاله، أن “التوتر الأخير، والذي نشأ على خلفية تحركات رصدها المغرب لجبهة البوليساريو داخل المناطق العازلة، فتكشف أن وراء اللعب بورقة الثروات بعدا آخر، يتمثل في محاولة تغيير قواعد الصراع على الأرض، وذلك، بالتحول من التراب الجزائري إلى المنطقة العازلة، وذلك باستحداث بنيات أمنية وعسكرية بهذه المنطقة، لخلق احتكاك مباشر مع المغرب، يجعل ورقة الثروات أكثر فاعلية بالمقارنة مع استعمالها من داخل التراب الجزائري”.

وكشف ذات المصدر، أن الواقع تكتيك تغيير الخريطة على الأرض، وإعادة التموقع في المنطقة العازلة، ليس معطى جديدا، فقد سبق للبوليساريو أن حاولت تحريك هذا التكتيك منذ سنة 2007، وبلغ بها الأمر سنة 2015 إلى اتخاذ قرار بالقيام بمناورات في هذه المنطقة فضلا عن تنظيم احتفالات، والقيام بتحركات ببئر لحلو وتافرتيتي، ناهيك عن التطور الخطير الذي سجل السنة الماضية بالتحرك العسكري لإغلاق طريق الكركرات والتحكم في هذا المعبر الاستراتيجي.

و أسترسل التليدي، أن المغرب، أنتج تقريبا نفس رد فعل السنة الماضية، بلغة حازمة وصارمة، ورسالة شديدة اللهجة إلى الأمين العام الأممي، فضلا عن اتصال هاتفي للملك، يعبر للأمين العام عن قلقه الشديد من التطورات التي تشهدها المنطقة، وتحميله الأمم المتحدة مسؤولية تحصين المنطقة العازلة والحفاظ على وضعيتها، مع إبداء غير قليل من الجاهزية العسكرية للتدخل في حال لم يقدم الأمين العام الأممي إلى وضع النقاط على الحروف.

و أشار المحلل السياسي، أن رد الأمم المتحدة اتخذ شكلين، الأول، تم فيه التأكيد على أن بعثة المينورسيو لم تسجل أي تحركات ذات طبيعة عسكرية في هذه المنطقة، بما يعني نفي جانب واحد في الرواية المغربية الرسمية، مع عدم نفي وجود تحركات أخرى ذات طبيعة مدنية، لكن في الرد الثاني، الذي أتى بعد توضيحات وربما كشف أدلة وحيثيات، تذرعت الأمم المتحدة بشساعة المنطقة، واستحالة أن تغطيها بعثة المينورسو بالمراقبة، بما يعني تجاوبا في حدوده الأدنى مع الرواية المغربية.

و أوضح، أن الجزائر، فضلت في هذه الظرفية الساخنة والمشتعلة، أن تصدر قرارا بدعم الملف المغربي لتنظيم المونديال 2026، في موقف غير معتاد منها في سياساتها اتجاه المغرب، بالنحو الذي يدفع إلى قراءة هذا الموقف، كما ولو كان محاولة للتغطية على ضلوعها في سيناريو إشعال التوتر في المنطقة ومحاولة إضعاف الموقف المغربي بالدفع بجبهة البوليساريو إلى عمق المنطقة العازلة، والظهور ليس فقط بمظهر الحياد، ولكن هذه المرة، بمظهر الدولة التي لا تحمل أي حساسية مع المغرب. لحد الآن، لا تزال الأمور تحت السيطرة، وتطورات الموقف تظهر أن قرار الأمين العام المعتاد عقب مناقشة تقرير المبعوث الأممي، لم يعد يهم المغرب كثيرا، بقدر ما يهمه إبطال سيناريو تغيير قواعد اللعب على الأرض، إذ من المحتمل جدا، أن يحسم المغرب الموقف بالتدخل العسكري لإعادة الأمور إلى نصابها إذا لم تتجاوب الأمم المتحدة سريعا مع رسائل المغرب إلى الأمين العام.

و أكد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أنه على المستوى الإقليمي، لا يظهر إلى الآن أي تحول مفصلي في إرادات القوى الدولية، ففرنسا لا تزال على موقفها، وأمريكا هي الأخرى، لا تزال تلعب بالحبلين حبل الحرص على حل سياسي للنزاع، وحل الإشادة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي واعتبارها جدية وذات مصداقية، بما يعني في المجمل عدم وجود تحولات كبيرة في السياسة الدولية اتجاه قضية الصحراء يمكن أن تدفع المغرب إلى التراجع عن تصعيده، بل على العكس من ذلك، فتصعيد المغرب، يعكس خدمة توجهات السياسة الدولية لموقفه، وتأكده بأن نتائج تحركه الدبلوماسي ستكون مماثلة لتحركاته السنة الماضية التي انتهت بإدانة البوليساريو على تهديها لطريق الكركرات.

و أوضح ذات المصدر، التقدير أن الأمين العام الأممي، سيجنح إلى التهدئة، من خلال دعوة جبهة البوليساريو إلى احترام قواعد اللعب، والحفاظ على وضعية المنطق العازلة، والدعوة إلى تجديد ولاية المينورسو لسنة أخرى، مع الإبقاء على ازدواجية الموقف بخصوص القرار الأممي، فيما يشبه استدامة الوضع السابق، بالدعوة إلى حل سياسي يقرر مصير المنطقة مع الإشادة بالمبادرة المغربية وبجهود المغرب، وعدم إدارج أي ملاحظات تزعج المغرب بخصوص قضية الثروات، وتسجيل ملاحظات متبادلة بخصوص الخروقات المسجلة بين الطرفين.التدخل العسكري للمغرب وارد، وليست هناك محاذير تضعها الرباط لتنفيذه، لكن، مرجح أن يكون صدر المغرب أكثر اتساعا لتحمل مزيد من الوقت لإمهال الأمين العام الأممي لاتخاذ قرار إدانة تحركات البوليساريو وإعادة الأمور لوضعها القانوني قبل الإقدام على هذا الخيار.

وختم التليدي مقاله بقوله، دون تدخل الأمين العام الأممي لإعادة الأمور إلى نصابها، سيكون حكم على مهمة مبعوثه الخاص بالفشل، ويمكن أن يكون قد حكم على إدارة الأمم المتحدة للملف بالإخفاق الشامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى