بالخط الأحمر : هل تحولت مهمة برلماني ومستشار الى “ريع ” يتجدد كل ولاية؟؟

يستعد الشعب المغربي في الاشهر القليلة القادمة إختيار ممثليه في الغرفتين ( البرلمان والمستشارين) وهي فرصة ل ” محاسبة” هؤلاء إن تم تجديد ترشيحهم من طرف أحزابهم .

سنحاول خلال مقالنا اليوم تقديم دور البرلماني ومهامه وكذلك الخوض في محاولة الاجابة هل مهمة البرلماني أصبحت ريع يتجدد كل ولاية إنتخابية ؟؟ .

– ما هو دور البرلماني ؟

مصطلح “البرلمان مشتق من كلمة فرنسبة أي “تكلم” وبالتالي فإن الدور الأصلي للبرلمان هو مناقشة القضايا التي تواجه المجتمع، وتحديد القواعد التي يعيش بها المواطنين.

وفقا للدستور المغربي (المادة 70)، البرلمان مسؤول أيضا عن “ممارسة ” السلطة التشريعية”، مما يعني أنه يسن القوانين بالإضافة إلى “التصويت على تطبيق القوانين”.

و ينص الدستور كذلك على أن البرلمان “يراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية.” بعبارة أخرى، البرلمان هو تقييم أثر السياسات المعتمدة من طرف الحكومة و وزاراتها، و تقييم أدائهن في تنفيذ هذه السياسات.
ماذا يمكن للنائب البرلماني عن منطقتي أن يقوم به ليمثلني؟

البرلمانات لديها عدد من القوى التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. وهنا بعض الطرق التي يمكن للنائب أن يمثلك عن طريقها:

اولا : تعديل القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ. في المغرب، تقترح الحكومة معظم القوانين، ولكن يكون للبرلمان فرصة تعديلها. هل توافق على قانون السير؟ قد يكون لممثلك فرصة لتعديل هذا القانون في المرة القادمة التي يتم فيها مراجعته.

ثانيا : الموافقة على القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ. إلا إذا صدر مرسوم من قبل الملك، يجب أن يتم الاتفاق على جميع القوانين من قبل البرلمان. هذا يعني أن ممثلك في البرلمان لديه فرصة للتصويت على أي قانون تتم مناقشته. هل أنت مهتم بشأن مشروع قانون التعليم الذي قرأت عنه في الصحف؟ يمكنك ان تطلب من ممثلك كيف يعتزم التصويت لهذا القانون وبالتالي إسماع صوتك.

ثالثا : مساءلة الوزارات حول الكيفية التي يتم بها تنفيذ السياسات. ممثلك ” البرلماني” لديه القدرة على طرح الأسئلة الشفوية على الوزراء كل يوم أربعاء خلال الدورة التشريعية (وعلى رئيس الحكومة مرة واحدة في الشهر). يمكن له أن يطرح أيضا أسئلة كتابية في أي وقت من السنة. يمكن للأسئلة الشفوية والكتابية أن تكون وسيلة فعالة لمعرفة المزيد عن الكيفية التي يتم بها تنفيذ القوانين والتأكد من أن الحكومة تستخدم الأموال العامة بمسؤولية. هل تتساءل لماذا يفتقر مستشفى منطقتك للأدوية الكافية؟ يمكنك ان تطلب من ممثلك استفسار وزارة الصحة حول هذا الموضوع.

رابعا : تشكيل لجنة تحقيق. هل تذكر الاحتجاجات التي شهدتها سيدي إفني؟ و الاضطرابات التي وقعت في مدينة العيون؟ والحسيمة ؟؟ البرلمان لديه صلاحية تشكيل لجان تحقيق لمعالجة أي قضية ليست قيد التحقيق الجنائي. إذا كنت تعرف قضية تحتاج الى التحقيق، يمكنك اعلام ممثلك بها.

خامسا : رفع الوعي حول قضية تواجه الدائرة الانتخابية. هناك العديد من القضايا التي لا يمكن أن يعالجها النواب بصفتهم أعضاء في البرلمان. النواب لا يمكنهم إصلاح الإنارة أو تبليط الشارع – هذه وظيفة البلديات المحلية. مع ذلك، عندما يثير مواطن قضية تهم الشأن العام، يمكن للنائب أن يستخدم موقعه للمساعدة في رفع الوعي حول تلك القضية. للعديد من النواب علاقات مع وسائل الإعلام والمسؤولين المحليين، كما لهم القدرة على تشجيع النقاش أو ايجاد حل لقضية معينة باستخدام هذه القنوات.

سادسا : الإدلاء بملتمس الرقابة أو رفض الثقة للحكومة. يمكن لهذا أن يحدث مثلا لما تكون مردودية أو نشاطات قسم وزاري أو حتى الحكومة محل تساؤل.

بعد معرفة دور البرلماني، لابد من تسليط الضوء هل فعلا يقوم هذا الاخير بواجبه تجاه من أدلو له بأصواتهم ، نأخد على سبيل المثال الولاية التشريعية الحالية .

من المعلوم أن كل المغاربة، يلاحظون شيء أساسي، هو أن أغلب القوانين التي ضربت قدرتهم المعيشية تم تمريرها بسهولة، ومن جانب أخر يرون أن نواب الأمة يحضرون جلهم لجلسة وحيدة كل سنة، و هي جلسة افتتاح البرلمان في دورته الخريفية، والسبب معروف.. لأن الملك هو من يفتتح البرلمان.

لكن ماذا يقع بعد خلال السنة التشريعية؟؟ ما يقع هو أن أكثر من نصف نواب الأمة يتغيبون عن جلسات التشريع، ولا يحضرون أشغال اللجان ولا الجلسات العامة. حتى عندما يعرض أهم قانون في السنة، وهو قانون المالية، فإن هؤلاء السادة البرلمانيين الكسالى لا يتجشمون عناء الحضور إلى البرلمان، لأنهم لم يترشحوا ليساهموا في التشريع، ولا ليراقبوا الحكومة، ولا ليدافعوا عن المصلحة الوطنية، ولا ليدعموا الممارسة الديمقراطية. أغلب سكان الغرفتين الأولى والثانية ترشحوا لخدمة مصالحهم الشخصية ومصالح بعض “زبنائهم” في الدائرة. إنهم صرفوا ملايين الدراهم من أجل التوفر على راتب شهري، وعلى بطاقة برلماني، وعلى صفة يدخلون بها إلى مكاتب الوزراء والولاة والعمال ومؤسسات الدولة والقضاء، وكذلك لاكتساب شيء من الحصانة والهيبة والعلاقات العامة التي تعود عليهم بالمنافع المادية والرمزية .

تقارير تقول أن 49 برلماني لم يطرحو ولو سؤال واحد خلال الولاية التشريعية الحالية، فيما تقارير أخرى تقول أن هناك العديد من نواب الامة مستواهم الدراسي لم يتجاوز الابتدائي او الاعدادي ، مقابل هذا لازالت الأحزاب متشبتة بهؤلاء ” الاعيان” وتعرف أن جلهم أمي أو شبه أمي، وأنه لن يحضر إلى البرلمان سوى مرة واحدة في السنة باللباس التقليدي الأبيض ليستمع إلى خطبة الملك، ويصفق عند الضرورة، ثم يأكل الحلوى وينصرف إلى حال سبيله، وإذا أتيحت له الفرصة، فربما يلتقي وزيرا يسلمه ملفا خاصا أو طلبا عائليا، ثم يرجع إلى شركته ودائرته ومنزله .

– لماذا لا يمنع هؤلاء من دخول مؤسسة التشريع؟

واقع الحال يقول أن الاحزاب اليوم تبحث عن ” برلماني جاهز” لأنها تستفيد من هذا النوع من البرلمانيين، لا يزعح أحدا وكلما طلب منه أمر يستجيب، ولعل بعض الطرائف التي وقعت بسوس هو أن عدد من الفلاحين قد إحتجوا على تضييق وكالة الحوض المائي بسبب فرض بنود قانون 10 / 95 ، وطلبوا لقاء مع البرلمانيين من أجل تبليغهم للجهات الوصية احتجاجهم على هذا القانون، والمضحك أن البرلمانيين صوتوا بدورهم على القانون وجلسوا مع الفلاحين يعلنون احتجاجهم على نفس القانون. والطرائف كثيرة من هذا القبيل لا يسع الوقت لتعدادها .

الى زمن التسعينيات من القرن الماضي، كان الباحث المغربي يفرق بين هوية الاحزاب ( الوطنية و الإدارية) ، اليوم الصورة تبعثرت فأصبحت الاحزاب الوطنية أشبه بأحزاب الإدارة. هذه الأحزاب لا تتعب نفسها بالنضال اليومي ولا بالتأطير السياسي المستمر، ولا بإقناع النخب، ولا بعناء وضع البرامج والخطط والقرب من الناس. كل هذا يكلف مالا وجهدا وفكرا وموارد بشرية.

– من هم برلمانيو اليوم؟؟

برلمانيو اليوم هم أشخاص لديهم المال أو الجاه أو هما معا. لهم ارتباطات مصلحية أو قبلية مع جزء من الساكنة أو مع السلطة، ويحصلون على المقاعد البرلمانية بطرقهم الخاصة، ولا يتعبون الحزب في الرباط ولا قيادته بأي شيء. لا يعطون برنامجا ولا وعودا لناخبيهم، ولا يهمهم أن يكون الحزب في اليمين أو اليسار أو الوسط، إن كان هناك وسط أصلا… إن هذا النوع من البرلمانيين بمثابة «ريع سياسي» تقدمه الدولة لجل الأحزاب السياسية، وإذا انقطع هذا الريع بتغيير نمط الاقتراع أو التقطيع أو الإشراف على الانتخابات أو العتبة، فإن 80 في المائة من هذه الأحزاب ستنقرض.

– ماذا يقع بعد هذا الريع ؟؟

هذا الريع المقدم للأحزاب نحصل من وراءه على تجربة ديمقراطية هشة، وإبقاء البرلمان مؤسسة ضعيفة حتى يبقى القرار الاستراتيجي بيد الدولة، وحتى تبقى الأغلبية مشتتة بين قبائل الأحزاب، وتبقى الحكومات مرهونة في يد من يضمن الأغلبية ، وصارت الحكومات الائتلافية من الثوابت الدستورية في المغرب، ولا أحد، اليوم أو غدا، يمكن أن يتجرأ ويطالب بنظام انتخابي يستطيع أن يفرز أغلبية واضحة تحكم، وأقلية واضحة تعارض، كما في الديمقراطيات الحقيقية. إذن، وإلى أن تتغير قواعد اللعبة، فإن أصدقاءنا البرلمانيون ينعمون في الريع إلى إشعار آخر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. و هل عندكم ادنى شك ان صفة برلماني او مستشار هي اسهل طريقة للوصول الى الجاه و الثروة و ‘لا لماذا يتهافت هؤلاء على اصوات الناخبين بل و يذلون انفسهم امام الناس حتى اذا تمكنوا من الهدف صاح حالهم ومقالهم :يا ارض اشتدي ما عليك احد قدي و النتيجة مئات قضايا الفساد و ما خفي أعظم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى