رحلة لجهنم.. نفاذ الماء و الزاد في الطريق لتيسالونيك اليونانية (الحلقة9)

هبة بريس - ياسين الضميري

عاد الدكالي للمكان الذي رمى فيه الحقيبة التي تحمل كل معدات الرحلة و في مقدمتها الأكل و الماء الذي يفي لبضع أيام، فوجدها كما هي بعدما كان يظن أن أيادي “الكاغول” قد طالتها بعد عودتهم من مطاردته.

استبشر خيرا و حمل الحقيبة على ظهره و شد الرحال من جديد نحو جوانب الطريق السيار الذي يقود مباشرة لقلب اليونان و بالضبط لمدينة سالونيك و التي تشتهر لدى “الحراكة” بتسمية “تيسالونيك”.

كان رشيد وحيدا خلال مسار رحلته بعدما اعتقل مرافقه القنيطري، فآثر أن يمشي في ساعات الليل و الاستراحة بالنهار لتفادي الوقوع في قبضة الأمن رغم ما يشكله الأمر من خطر في ظل العتمة و صعوبة الطريق و وجود عصابات قطاع الطرق.

مر اليوم الأول و الثاني و الثالث على استكماله الرحلة وحيدا و لم تنتهي الطريق الطويلة بعد، وحده الزاد و الماء الذي كان يتسلح بهما قد نفذا من الحقيبة مما بدأ يثير قلق و مخاوف الدكالي في طريق كلها مصاعب و متاعب.

تزايد عطش رشيد بعدما نفذ منه الماء، فقرر أن يرتوي من ماء نهر صغير يمر من وسط الغابة المجاورة للطريق السيار، بدا له طعم الماء مختلفا في الأول لكن سرعان ما أنساه الظمأ في كل التفاصيل، ليشرب حتى تمتلئ بطنه و يملأ معها القنينات التي كانت بحوزته.

أما الجوع حين اشتد، فقد اهتدى الشاب القادم من دكالة للحقول المجاورة هناك حيث أشجار التفاح و الرمان بكثرة، فكان يأكل و يخبئ ما تيسر في الحقيبة لوقت الشدة.

رشيد لم يكن لديه مشكل في النوم مادام يتحوز “ساكوشاج” اقتناه من اسطنبول التركية، فقد كان يختار أماكن بعيدة عن أعين الناظرين وسط الغابات و ينزوي في ركن معزول و يغط في نوم عميق بانتظار ساعات الليل ليواصل المسير.

لكن استكمال الرحلة وحيدا كان يشكل عائقا أمام رشيد، كان طول الوقت يفكر فيمن سينقذه إن أصابه مكروه أو لدغته حشرة سامة، كان يؤنس وحدته خلال مسار الرحلة بقراءة القرآن تارة و بدندنة مقطوعات يحفظها عن ظهر قلب لمعزوفات شعبية بآلة الوتار يتغنى بها المحفوظي فنانه المفضل…(يتبع).

ما رأيك؟
المجموع 6 آراء
0

هل أعجبك الموضوع !

+ = Verify Human or Spambot ?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
close button
إغلاق