معلومة(8).. لماذا سميت مدينة “تطوان” بهذا الإسم أول مرة؟

هبة بريس ـ ياسين الضميري

كثيرة هي المدن و المناطق و القبائل المغربية التي يجهل سكانها سبب تسميتها، خاصة في ظل شح المصادر التوثيقية التاريخية مما يفتح باب التأويلات على مصراعيه لتتعدد الروايات و تختلف التفسيرات، و من بين هاته المدن و المناطق نذكر تطوان.

تطوان أو الحمامة البيضاء، المدينة الساحرة بجمالها الخلابة بطبيعتها، الفاتنة بشواطئها و الكريمة بطبع أناسها، مدينة التاريخ و العراقة و التعايش، هناك بين ثنايا دروبها تحس و كأنك في الحقبة الأندلسية لما يتميز به معمار المدينة من خصائص و مقومات.

تاريخ تطوان ضارب في القدم ففي غرب موضع المدينة الحالي وجدت مدينة موريطانية تسمى تمودة، وجدت حفريات وآثار من مدينة تمودة يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، و دمرت تمودة حوالي عام 40 م على إثر أحداث ثورة إيديمون، وأقيم حصن روماني ما زالت أسواره ظاهرة إلى الآن.

أما إسم تطوان فهو موجود حسب المراجع منذ القرن الحادي عشر الميلادي، و في أوائل القرن الرابع عشر وتحديدا عام 1307 م، أعيد بناء المدينة كقلعة محصنة يقال أن هدفها كان الانطلاق منها لتحرير مدينة سبتة، وفي خضم تلك الحروب دمر الملك الإسباني هنري الثالث المدينة عن آخرها سنة 1399 م.

بدأ تاريخ المدينة الحديث منذ أواخر القرن الخامس عشر، عند سقوط غرناطة سنة 1492 على يد الملوك الكاثوليك فردناند وإيزابيلا أي منذ أن بناها الغرناطي سيدي علي المنظري، وهو إسم أصبح رمزا ملازما لمدينة تطوان، حيث خرج آلاف من المسلمين وكذلك اليهود من الأندلس ليستقروا في شمال المغرب عموما وعلى أنقاض مدينة تطوان، فعرفت هذه المدينة مرحلة مزدهرة من الإعمار والنمو في شتى الميادين فأصبحت مركزا لاستقبال الحضارة الأندلسية.

المواجهات العسكرية مع إسبانيا والبرتغال في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث كانت أساطيل تطوان تشكل خطرا دائما على مصالح العدو الخارجي، كان لها الأثر البالغ خاصة من الناحية العمرانية حيث بنيت قلاع وأسوار للدفاع عن المدينة، كذلك تجارة المغرب مع أوروبا و بالأخص إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا، و خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، كانت كلها عبر مدينة تطوان التي كانت آنذاك من أهم الموانئ المغربية حيث كانت البواخر تقوم برحلات بين تطوان وكل من جبل طارق، مدينة الجزائر، مرسيليا و ليفورونو.

اختلف الناس قديما وحديثا في كيفية النطق باسمه تطوان والتي تعني العيون أو السواقي وفي صفة كتابته بلغ ذلك سبع صور في المراجع والوثائق الرسمية، فكتبت أحيانا تطوان، و أحايين أخرى تطاون أو تطاوين أو تيطاوين أو تطاوان أو تيطاون أو تيطاوان.

و بخصوص تطوان يكتب جل الناس إسمها الآن كما يظن بعض الناس، بل كانت مستعملة في القرن الثامن، إذ وردت في كتاب القرطاس المؤلف عام ألف وعشرين وسبعمائة، و وردت كذلك في كتاب دوحة الناشر لابن عسكر المتوفي سنة 986، و كذلك في ترجمة ابي عبد الله الكراسي والشيخ الجاسوس و وردت أيضا في كتاب درة الحجال لابن القاضي المكناسي المتوفي سنة 1025 وفي كتاب نزهة الحمادي لليفراني كما وردت أيضا في كتاب الدولة السعدية.

هذه الصيغ السبع لنطق كلمة تطوان كلها أمازيغية صرفة ولا يعرف لها معنى في اللغة العربية، أما في اللغة الأمازيغية فمعناها عيون، وسكانها الأقدمين من الأمازيغ من قبائل غمارة الأمازيغية والاعتقاد الراجح أنهم سموها بذلك لكثرة العيون التي بها.

وصف المؤرخ محمد داود –ابن المدينة- روح التطواني فقال في ختام كتابه تاريخ تطوان “عرفت المدينة كيف تعيش عزيزة الجانب، موفورة الكرامة، حسنة السمعة، فكان القليل فيها مقنعا، والضعيف لطيفا ظريفا، والصغير نقيا نظيفا، والغني مقتصدا مدبرا، والحياة وديعة يسيرة، والأعمال متقنة منظمة، لذلك كان سكانها آمنين مطمئنين، راضين مرضيين”.

تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كل المدن المغربية اسمائها تقريبا اسماءامازيغية ولكن تما تعريفها وتنزورها مثل مركش امور نكوش هو الاسم الحقيقي

  2. يمكن القول أن اسماء المدن المغربية امازيغية كلها الا انه تم تحريفها لتتناسب مع الاسم العربي لها فمدينة تطوان هي كما في النص تطاوين التي تعني العيون وواد زم هي واد ازم الدي يعني واد كانت تتواج به الأسود ودكالة التي تعني داووكال اي تقع تحت سطح البحر الصويرة التي يناديها سكانها الأصليين تصورت وزيد الى ما لانهاية له .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق