رحلة لجهنم.. ساعات رعب فوق السحاب كادت تنهي حياة “الدكالي” (الحلقة3)

“غانمشي ندور و نرجع”، أجاب رشيد بتلعثم و هو ينتظر الأسوء، ليعاود ضابط الأمن سؤاله: “شحال ناوي تبقى تما أولدي؟”، ليعقب عليه “15 يوم إن شاء الله و نرجع”، ليأتي الفرج بختم جواز سفره و السماح له بالمرور نحو قاعة الإركاب.

مرت الدقائق طويلة بقاعة الإركاب، جلس وحيدا في ركن معزول من القاعة يتفحص الوجوه و يحاول أن يخمن ظروف سفر كل واحد من المتواجدين هناك، قبل أن يسمع نداءا صوتيا يشير للمتوجهين لإسطنبول بالتوجه للبوابة قصد ركوب الطائرة.

و أخيرا، الدكالي في ممر السعادة، هذا الممر الذي لطالما سمع عنه روايات عديدة، الممر الذي سيكون آخر ذكرى له في المغرب قبل إقلاع الطائرة، توجه نحو المضيفة التي طلبت منه تذكرته و أشارت له نحو مقعده المحاذي للنافذة الصغيرة يمين الطائرة.

جلس رشيد ينتظر لحظة الإقلاع بترقب، حرص على التقاط أول صورة له داخل الطائرة، و ما هي سوى لحظات حتى شرعت مقصورة القيادة في توجيه بعض التوجيهات للركاب إيذانا بانطلاق الرحلة.

تحركت الطائرة ببطء ، و رفعت سرعتها تدريجيا، ومعها ارتفعت دقات قلب الدكالي الذي أحكم قبضته على كرسي الطائرة، ارتفعت الأخيرة شيئا فشيئا عن الأرض و تضاعف ضغط رشيد، قبل أن يتنفس الصعداء دقائق بعد ذلك حين أخدت الطائرة مسارها الطبيعي.

من خلف النافذة جلس مشدوها يراقب منظر البنايات من أعلى و منظر الطائرة و هي تخترق الضباب، عجز عقله الصغير عن استيعاب تطور العلم الذي سمح للإنسان بكل هذا، و بين الفينة و الأخرى يراقب ساعته اليدوية و يتحقق من حزام السلامة الذي لم يفارقه طيلة الرحلة.

سنصل مطار اسطنبول بعد لحظات، عبارة بمجرد ما سمعها رشيد حتى عادت الروح له بعد رحلة دامت قرابة الخمس ساعات ظل جامدا متسمرا في مكانه، يقرأ تارة ما تيسر من آيات يحفظها و تارة يتذكر دعاوي الأم التي فارقها و يعيد ترديدها.

“لقد نزلنا بسلام و لله الحمد، المرجو البقاء في أماكنكم حتى التوقف التام للطائرة”، لقد اجتاز رشيد أصعب لحظات حياته و هو فوق السحاب و بالأخص لحظة إقلاع و نزول الطائرة، الآن مستقبل آخر ينتظره و حياة جديدة سيقبل عليها، تركيا ستكون البوابة نحو حلم أوروبا، الحلم الذي بدأ يكبر شيئا فشيئا…(يتبع).

*تلتقون مع حلقة جديدة لسلسلة “رحلة لجهنم” يوميا بعد الزوال طيلة شهر رمضان على موقعكم هبة بريس، و للاطلاع على الحلقة السابقة فقد كانت بعنوان: رحلة لجهنم.. سؤال ضابط الأمن الذي كاد ينهي مغامرة الدكالي في المطار (الحلقة2).

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى