بالخط الأحمر : واقع الشباب المغربي اليوم يعكس فشل برامج الحكومة

– أرقام صادمة ومستقبل مقلق للشباب المغربي

يشكل الشباب المغربي أهم مخزون ديموغرافي، لكن مقابل ذلك لازال يعيش واقعا مأساويا في غياب سياسة مواكبة لتطلعاته وحاجياته في تجاهل تام لوعيه المتزايد بحقوقه.

ملف هذا الاسبوع يحمل أهمية قصوى باعتبار الشباب أهم محرك للمجتمع ، وسنعمل على تسليط الضوء على واقعه المعاش مقابل هل حضي الشباب المغربي بأي برامج فاعلة في عهد حكومة العثماني ، وسنستند في ذلك على تقارير لمراكز ومؤسسات دولية وأغلبها مأخوذ من تقارير مؤسسات مغربية رسمية رغم نسبيتها لتغطية الواقع المرير للشباب .

– نسبة الشباب في الهرم السكاني المغربي

يشكل الشباب نسبة مهمة في الهرم السكاني المغربي، حيث كشفت إحصائيات حديثة أن نسبة الشباب -الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة، أي تمثل أزيد من 34 في المائة من التركيبة السكانية المغربية. أي من الناحية العددية 11.7 مليون شاب.

هذه المؤشرات الرسمية، تؤشر على وجود رأسمال بشري شبابي مهم ومخزون استراتيجي يمثل حاضرا حيويا ومستقبلا واعدا للبلاد، ومصدرا متجددا للمجتمع إن أحسن استثماره وأتيحت له الفرصة للمساهمة الفاعلة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

واقع حال الشباب المغربي يقول عكس ذلك بالنظر إلى ما يعشه من مشاكل بنيوية تعاني منها كل فئات المجتمع المغربي، في ظل نسق سياسي لم يسمح بتمثيلية للشباب في الشأن الحزبي، مما جعل مستقبل هذه الفئة غامضا.

– التعليم والتشغيل: تكريس للفوارق وإنتاج للفشل وهجرة نحو المجهول

يبلغ معدل الشباب خارج التعليم او التدريب و العمل ما نسبته 28.5 بالمائة أي 1.7 مليون شاب يعيشون عالة على أسرهم لا يتواجدون بورشة للعمل او معهد للتكوين أو جامعة مما يعد رافدا خطيرا لكل أنواع الاحترافات ، في حين أن أغلب البرامج الحكومية تقتصر على خلق الترفيه .

كيف ضاع هذا الكم من الشباب ليكون رافعة للتنمية السوسيو اقتصادية ؟؟

لن يجد الباحث والمتتبع عناء ولا مشقة في جرد أهم الأعطاب الأساسية التي تعاني منها منظومتنا التعليمية، والتي جعلتها مصدر معاناة وتيئيس للشباب منذ صغره ، بدل أن تشكل مصدرا للتشجيع ومنبعا للإلهام وفتح الآمال الواعدة التي تزين مخيلة كل شاب وشابة في مرحلة الدراسة والتحصيل.

– ثلث الشباب المغربي لا يعملون ولا يدرسون

يزداد تصنيف التعليم في المغرب تقهقرا في كل التقارير الدولية. بل إن الإقرار بهذا الفشل بات يتردد على كل لسان من أعلى سلطة في البلاد إلى أبسط تلميذ أو طالب يعيش مأساته.

حيث أظهرت مؤشرات قياس مستوى التعليم بالمغرب أن 270 ألفا من الفئة العمرية ما بين 15 و34 تغادر المدرسة سنويا، ونسبة البطالة تصل إلى ضعف المعدل الوطني فيها، أي 20 في المائة، فضلا عن أن الفئة التي تتوفر على مناصب شغل 50 في المائة منهم لديهم وظائف ضعيفة.

وفي مؤشر جد دال فإن 29.3 في المائة، هي نسبة الشباب المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين . وهي النسبة التي تعادل 4 ملايين شاب من أصل 11 مليون في الشوارع بلا شغل ولا تعليم.

– شباب يعاني البطالة والارقام في تزايد

أكدت بعض الدراسات الحديثة أن عدد العاطلين قد ارتفع بالوسط الحضري، مما زاد من حجم البطالة ، تفوق تلك التي عرفها حجم التشغيل بالبلاد ، وأن أعلى معدلات البطالة والشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24سنة ب 26,5 في الماىة، وحاملي الشهادات ب 17,9 في المائة .

– نسبة الشباب المغربي في الوظيفة العمومية ضئيل جدا

حسب تقرير حول الموارد البشرية،، فإن أكثر من 45 في المائة من الموظفين المدنيين تتراوح أعمارهم من 40 إلى أكثر من 55 سنة، هذا فيما لا تتجاوز نسبة الموظفين الشباب أقل من 25 سنة 9 في المائة، ونسبة الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة 35 في المائة ، رغم أعداد الموظفين المحالين على التقاعد وأعداد الشباب الموظفين بالتعاقد.

– هجرة الشباب المغربي

كشفت دراسة حديثة اشتغلت على عينات شبابية لمؤسسة بحثية تابعة للاتحاد الأوربي أن 20 في المائة من الشباب المغربي يرغب في الهجرة من بينهم حملة الشهادات وذلك بسبب شعورهم بالإحباط، وأوضحت أن السبب الرئيسي الذي يدفع بهؤلاء الشباب إلى الهجرة هو إيجاد وظيفة شريفة وشروط عيش أفضل.

وفي استطلاع حديث، أجرته بوابة التوظيف ” روكريت .كوم ، تم رصد أن 91 في المائة من المغاربة مستعدون لمغادرة المغرب والاستقرار في الخارج.

وأفاد الاستطلاع، أن الشباب المغربي أقل من 35 سنة بنسبة 66 في المائة يرغبون في مغادرة المغرب في أقرب فرصة من أجل تحسين عملهم، و56 في المائة لضمان جودة عيش وبيئة عمل أفضل.

الشيء الذي تؤكده وقائع وفواجع قوارب الموت التي تحصد أرواح العشرات من الشباب هربا من شبح الفقر وبحثا عن لقمة عيش كريم خارج الوطن .

– ترفيه موسمي غير منظم وتغطية صحية شبه منعدمة

حسب معطيات رسمية، فإن 75 في المائة من الشباب المغربي لا يتوفرون على أية تغطية صحية، بينما 20 في المائة منهم مهددون بالإصابة باضطرابات نفسية وصحية.

وأن 82 في المائة من شباب المغرب لا يمارسون أي نشاط ترفيهي أو نشاط رياضي أو ثقافي.

– العمل السياسي…احتكار وتضييق

أما المعطيات الصادمة أكثر فهي تلك المتعلقة بمشاركة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية الرسمية، والتي لا تتعدى نسبتها 1 في المائة .

كما أوردت دراسة للاتحاد الاوروبي المشار إليها سابقا أن السخط من السياسة مقلق جدا فحوالي 60 في المائة من الشباب المغاربة الذين هم في سن الاقتراع لم يقوموا بذلك في انتخابات 2016.

ورغم كل التوصيفات التي تتحدث عن سلبية الشباب المغربي وعزوفه السياسي ومشاركته المجتمعية فإن الحراك الشعبي لسنة 2011 وما تلاه من احتجاجات شعبية قادها الشباب في مختلف ربوع الوطن، فند فرضية العزوف السياسي لدى الشباب وأكد حقيقة مفادها أن ذلك العزوف والمقاطعة العريضة للانتخابات لم يكن إلا موقفا سياسيا ورد فعل شبابي رافض لشيخوخة المشهد السياسي المغربي .

فغياب فئات عريضة من الشباب عن الفعل السياسي، ليس إلا نتيجة لثنائية الاحتكار والإقصاء اللتين يمارسهما شيوخ الاحزاب اتجاه الشباب. فهؤلاء باتوا يحتكرون الفعل السياسي ويتحكمون في تشكيل اللوائح ومنح التزكيات بما لا يسمح بمشاركة فعالة ومنتجة ومجدية للشباب. مما ميع الممارسة السياسية و التلاعب بقواعدها بشكل يفقدها المعنى والجدوى. ثم يعمل زعماء الاحزاب على إستجداء الشباب بعد ذلك للمشاركة الانتخابية وينتقدون في نفس الوقت عزوفه، وهم أول من يعلمون حجم الدمار الذي لحق أوصال العمل السياسي، متجاهلين وعي الشباب ونضجه ومطالبته بحقوقه السياسية المصادرة وحرياته العامة المقيدة .

– الشباب والمخدرات والانحلال الاخلاقي

أرقام ومعطيات جد مخيفة ومقلقة تلك التي كشفت عنها مديرية الأوبئة فيما يخص آفة إدمان الشباب المغربي على مختلف أنواع المخدرات، حين تحدثت عن أن حوالي 600 ألف مغربي يدمنون على تعاطيها بشكل يومي وخاصة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة .

مخدرات وأقراص مهلوسة تنتج انتحارا وجريمة ودعارة، وهي نتائج متوقعة من الشباب عندما يشتد حوله خناق اليأس والتهميش، وعندما تضعف مؤسسات احتضانه وتربيته وتوجيهه، وعندما تقابل حاجياته بالإهمال.

من خلال ما تم تناوله في هذا الملف الاسبوعي حول واقع شباب المغربي ، يجعل من مستقبله هما مقلقا يقض مضجعه ويسرق أحلامه ويفقده استقراره النفسي والمادي، مما يولد لديه اليأس والإحباط والسلبية وضعف الثقة.

واقع شبابي يعكس الفوارق الاجتماعية الصارخة ويفسر تنامي الاحتجاجات الشبابية والشعبية المستمرة في العديد من مدن وقرى المغرب بعد فواجع الموت غرقا من أجل لقمة العيش، حيث أصبح الشباب يرفع شعارات مطلبية واضحة بمضمون سياسي واجتماعي تدعو لبناء مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى