الفضاء الغابوي بالشاوية.. رئة تطالها مقصلة الإعدام

محمد منفلوطي_ هبة بريس

يعتبر المجال الأخضر رئة العالم الذي يتنفس بها نسيم الهواء العليل، إذ أن ضمان استدامته يتطلب منا جميعا التخلص من الأنانية وحب الذات، والعمل على تغليب المصالح الوطنية على المصالح الشخصية الضيقة، عبر تداخل كافة القطاعات الحكومية فيما بينها لرسم معالم سياسة موحدة ببعد تبصري ذات طابع استعجالي من أجل وضع أسس الحفاظ على استمرارية مرافق الترفيه والمجال الغابوي والحد من تقزيمه وتقريعه وحمايته من مخلفات البناء الاسمنتي وما تحمله من مواد سامة وكيميائية من شأنها أن تهدد البيئة.

ولعل أبرز موقف سجلته “هبة بريس” بالغابة الصغيرة المتواجدة بمحاذاة مستشفى الحسن الثاني بسطات، إذ تم إعدام مجموعة من الاشجار التي عمّرت عُمرا طويلا وظلت لسنوات عدة بمثابة الرئة التي تنعش مرضى هذا المرفق، لصالح انشاء ساحة تضاربت الأنباء عن الهدف من إنشائها هل لعرض السيارات المستعملة أو مكانا لتعليم السياقة حسب ما تداوله المتداولون، في الوقت الذي كان بالأحرى على القائمين على هذا المشروع الإبقاء على هذه الثروة الغابوية بالموازاة مع تأهيل الفضاء لإضفاء نوع من الجمالية عليه دون النيل من هذه الأشجار التي ظلت لعقود من الزمن شاهدة على تاريخ المدينة.

مشهد آخر لا يختلف عن سابقه، والمتعلق بالتخلص من مخلفات مواد البناء من قبل بعض من عديمي الضمير الذين لايهمهم سوى قضاء مآربهم ولو على حساب مصلحة البلاد والعباد، إذ يعمدون إما خلسة أو جهارا نهارا إلى رمي أكوام من بقايا الحفر والهدم على جنبات الطرقات أو داخل الفضاء الغابوي بمختلف مداخل المدينة، ضمن ظاهرة خطيرة باتت تلقي بظلالها على المشهد بصفة عامة تتطلب تدخلا صارما وتفعيلا محكما لأدوار الشرطة الإدارية وكافة المتدخلين في هذا الصدد لوقف هذا النزيف الذي يهدد الفضاء البيئي ويحدث أضرارا بصحة الانسان، لاسيما الأطفال الصغار الذين يجدون أنفسهم منهمكين في عمليات فرز هذه المخلفات التي غالبا ما تحتوي على مكونات خطيرة كالقطع الحديدية والخشبية والزجاجية من المحتمل أن تسبب لهم ضرراً بالغاً.

فمدينة سطات كسائر المدن السائرة في طريق النمو، بدورها تعرف نموا وتوسعا ديمغرافيا وعمرانيا، الأمر الذي ساهم في اتساع رقعة المدينة على حساب فضائها الغابوي الذي يعتبر رئة المدينة الأساسية ومتنفسا للأسر، غير أن هذا المعطى الجديد ناهيك عن فتح شهية المنعشين العقاريين من جهة وانشاء بعض المرافق من جهة أخرى، من شأن ذلك أن يعرض هذه المؤهلات البيئية المتمثلة في الثروة الغابوية لمشاكل متعددة على رأسها ظاهرة إعدام أشجارها، فضلا عن انتشار ظاهرة التخلص من مخلفات البناء التي تحولت إلى آفة مرعبة تدق ناقوس الخطر ايذانا بإتلاف المجال البيئي نتيجة قيام العديد من أعداء البيئة من التخلص من أكوام المخلفات على جنبات الطرق والأحياء السكنية وبالعديد من المساحات الداخلية الفارغة التي بالعادة تكون داخل الأحياء في ظل عدم وجود الرقابة من الجهات المعنية المختصة التي من المفروض عليها تكثيف من دورياتها للحد من الخطر المتنامي في صمت الذي يسائل حماة البيئة.

خطر كهذا يتطلب عقد لقاءات وحملات تحسيسية تروم احترام الفضاءات البيئية والدعوة إلى خلق مساحات خضراء داخل التجزئات السكنية والاقامات تماشيا وتصاميم التهيئة، وهذا لن يتأتى دون خلق بيئة سليمة للتواصل والعمل وفق مقاربة تشاركية مع كافة المتدخلين لتعزيز المسيرة التنموية التي يشهدها المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى