السّطّاتيون لايمشون على الرصيف

محمد منفلوطي_ هبة بريس

كثيرا ما تلوكه الألسن ويتقاسمه حديث المجالس على مقاهي شوفوني بالشارع العام، وغالبا ما يطرح للنقاش ويُعاب على أصحابه كونهم لا يعيرون لثقافة الطريق وتقاسمها اعتبارا، وأحيانا ما يبلغ الأمر مبلغ التهكم والتطاول على مواطنين وخاصة الراجلين منهم كونهم لا يحترمون قانون السير ولا يسايرون الحضارات وأنهم لازالوا يفضلون المشي وسط الطريق ومع السيارات…ومن الناس من اعتبر الأمر ناتجا عن غياب للوعي وعدم احترام قانون السير ، لكن واقع الحال يثبت العكس.
كسائر العديد من المدن، يجد السطاتيون صعوبة بالغة في تخطي الشوارع والممرات أثناء تنقلاتهم وصغارهم، إذ أن حقهم في الطوار بات شبه مستحيل نتيجة احتلاله من قبل أصحاب المحلات والمقاهي وتجار الجملة وعربات الخضروات، ضمن هجمة شرسة على الملك العمومي، فحتى السائقون بدورهم يعيشون زخم الاكتظاظ وعرقلة السير، فما عسى المرء إلا أن يختار وسيلة أخرى للتنقل مستقبلا قد تتطور إلى حد الطيران جوا.
نعم فالمواطن السطاتي الراجل ليس بمواطن لا يعي ما له وماعليه بالعكس، فهو إنسان في قمة الحضارة والوعي واحترام القانون، لكن نزوله للمشي وسط الشارع العام، راجع بالأساس للهجمة الشرسة التي يقودها أصحاب “البطون المنتفخة” الذين نهبوا وسلبوا الملك العمومي ولم يتركوا له موطئ قدم حتى يسير فوق الطوار، لذلك اضطر للمشي وسط الشارع وتعريض نفسه لخطر السيارات والشاحنات والتريبورتورات… فلاغرابة أن يرى المرء هذا السيناريو يتكرر يوما بعد يوم، ويتساءل في نفسه عن السبب، فالأمر بسيط فحتى السلع والبضائع التي من المفروض أن تكون في مكانها داخل المحلات، فضلت بدورها النزول في عز الشمس والانتصاب وسط الشارع علانية وبكل جرأة كما هو الحال بزنقة الشهداء بدرب الصابون أو ما يطلق عليها “بزنقة اللحايفية”، التي باتت العنوان الأبرز للسطو على الملك العمومي بالمدينة الذي ضيق الخناق عليها وأعاق تحركات المواطنين أمام أعين السلطات والقائمين على تدبير الشأن المحلي مثلها مثل شوارع أخرى وأزقة تفرخت منها شبه أسواق عشوائية.
قد يعتبر البعض، أن تناولنا لهذا الموضوع مجرد كلام مستهلك بدعوى أن الظرفية الاقتصادية والاجتماعية لهؤلاء التجار نتيجة تداعيات كورونا قد تشفع لهم وتمنحهم بطاقة العبور إلى الشارع لاحتلاله ضمن هدنة غير معلنة من قبل السلطات المحلية، لكن الأمر في رأي آخرين يستوجب مساءلة قانونية قد تجر مثل هؤلاء المحتلين للفضاء العمومي إلى القضاء في حالة تعرض أحد المواطنين لاعتداء مادي نتيجة حادثة سير أو غيرها، ناهيك أن ظاهرة احتلال الملك العمومي تخنق المدينة وتعيق برامج التنمية وتساهم في خلق الفوضى والعرقلة بالشارع العام، وتؤثر على جماليتها ورونقها ومحاولات تأهيلها…وهي رسالة واضحة للجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة والعمل على وضع خطة ببعد تبصري تسمح للراجلين من استعمال حقهم في الطوار….لأن السطاتيين لا يمشون على الطوار جهلا بالقانون بل أنهم مكرهين على ذلك.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إنه حال جل المدن المغربية.
    فلقد أصبح هؤلاء هم من يحكم الشارع.
    وهنا يظهر ضعف الأمن والأمان والاستقرار بالبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى