مهاجرو دول افريقية.. تسوُّل وتوسُّل على إشارات المرور

محمد منفلوطي_ هبة بريس

يصطفون مع كل صباح، وعند ساعات الذروة، وجهتهم المفضلة إشارات المرور، بتوسلاتهم المعتادة الممزوجة بنظراتهم الثاقبة بوراء الكمامات، لعل ذلك يلين قلوب العباد لتقديم دريهمات. هذا هو حال العشرات من مهاجري دول افريقية اتخذوا من مختلف المدن المغربية معبرا لهم ومستوقفا، لجمع مبالغ تسمح لهم بالمرور إلى الضفة الأخرى من المتوسط.

تجمعات من مختلف الأعمار والأجناس، همهم المشترك هو كسب أكبر دخل يومي، منهم المرأة الحامل والشاب القوي ذو العضلات المفتولة، كان بالأحرى البحث عن منصب شغل، إما بمهن البناء او الحدادة أو الخبازة، أو غيرها من المهن الموسمية الفلاحية التي تتطلب أيادي عاملة، عوض ” التسمر” على مستوى التقاطعات والممرات والشوارع وعند الاشارات الضوئية، يتوسلون المارة وأصحاب السيارات دريهمات، ومنهم من يبدي عنفا وردة فعل عند رفض الطرف الآخر مدّه ضالته.

هبة بريس بسطات، قامت بجولة بمختلف نقط الاشارات المرورية، وبملتقى العديد من الشوارع وخاصة بشارع الحسن الثاني وقبالة المؤسسات التعليمية، حيث ينشط هؤلاء القادمون من مختلف دول العمق الافريقي، منهم من يحمل طفله على عنقه أو بين يديه، ومنهم يتأبطه على ظهره وجدوا في هذه النقط التي تعرف تجمعات للسيارات والشاحنات ، غايتهم، لينطلقوا كالسهام مجرد ما أن يتوقف السائق بسيارته عند الاشارة الضوئية، متسولين ومتوسلين دريهمات تقي شر الجوع والفقر والعطالة.

إحدى السيدات قالت: ” هذه الظاهرة عرفت انتشارا كبيرا بالمدينة، وساهمت في رفع منسوب البطالة بين الشباب، خاص المسؤولين يديرو شي حل، …وفي المقابل هؤلاء المتسولون تضيف السيدة، علاش كيرفضو العمل ببعض المهن كمساعدين للبنائين أو بعض الحرف الأخرى، أو يشتغلون مثلا في قطاع الفلاحة…علاش تعلمو العگز والكسل والطلبة”.

في المقابل يجد هؤلاء المهاجرون تعاطفا من قبل مواطنين أشفقوا لحالهم…”الله يحسن العون…الفقر صعيب والغربة واعرة…أحد السائقين المهنيين يضيف، خاصنا نعونوهم وخا راهم ولاو بزاف والمدينة صغيرة فين ما مشيتي كتلقاهم، خصك ميزانية..وحول ظاهرة العنف يضيف ذات المتحدث، صراحة فيهم المسالمون بزاف وفيهم لعزيزة عليه نفسو ومشى قلب ليه على خدمة”.

طالب جامعي وباحث في سلك الدكتوراه استنكر الظاهرة، واعتبر تمددها بشكل مخيف من شأنه أن يشجع ظاهرة التسول بالمدينة ويجعل الشوارع تعيش فوضى وتسيبا عارمين، مطالبا السلطات بالتدخل العاجل، مشيرا بالقول: ” واش المدينة تكافات حتى مع الفقراء ديولها من المغاربة المنتشرين بمختلف الاحياء والشوارع وعند الاشارات الضوئية معظمهم أطفال ونساء بصغارهم، أضف عليهم جنسيات أخرى ، إذ تخيلو المدينة كيفاش غاد تولي”.

نعم نقدر الظروف التي صاحبت هجرة هؤلاء من بلدانهم نحو دول شمال افريقيا في انتظار اقتناص الفرصة للمرور إلى الوجهة الأخرى، ونعرف حجم المعاناة التي عانوها وهم في طريق للبحث عن موطن جديد لتحسين ظروفهم الاسرية والاقتصادية والمعيشية، لكن أن تتحول الشوارع والأماكن العامة إلى مجمع رسمي لهؤلاء في صورة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والعبر، فتلك صورة تسيء لجمالية مدننا وتزيد من حدة الفوضى ومظاهرة السيبة، وهي مظاهر لها الوقع السلبي على واقع السياحة ببلادنا، مما يتطلب وضع خطة محكمة للتصدي لهذه الظاهرة والعمل، وحث هؤلاء على البحث عن مناصب شغل ولو موسمية، بدل الجلوس على حائط المبكى في انتظار دريهمات من مواطنين وهم بدورهم مشمئزين من الظاهرة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى