النِّساءُ الحَوامِل.. قٍصَّةُ مُعاناةٍ لاتَنتهِي بإقلِيم سِيدي سلِيمَان

هبة بريس- سيدي سليمان 

معاناة لاتنتهي، تلك التي تعيشها النساء الحوامل بإقليم سيدي سليمان، خاصة تلك النساء المنزويات في أطراف العالم القروي، حيث الافتقار إلى أبسط مقومات الخدمة الصحية، الأمر الذي يجعل فئة عريضة من النساء الحوامل يفضلن الولادة داخل “خيامهم” بدل تحمل معاناة الخدمة الصحية “المريضة” التي يوفرها المستشفى الإقليمي بسيدي سليمان، مع مايرافقها من تحمل لمعاناة التنقل إلى المستشفى الإقليمي بالقنيطرة في حالة الاضطرار.

“السعدية العكال” اسم مستعار لإحدى النساء القرويات بجماعة أزغار الواقعة بالنفوذ الترابي لإقليم سيدي سليمان، والتي سبق لها أن عاشت مرارة ومعاناة شديدة، وهي تبحث عن مكان آمن يليق ببني الإنسان، من أجل وضع مولودها البكر، وهي التي لاتزال في ريعان شبابها، -تحكي- وقد بدا وجهها شاحبا وهي تتذكر لحظة حملها على “تريبورتور” (دراجة ثلاثية العجلات) مهترئ، سلك بها الطرقات الملتوية للمدشر الذي تقطن فيه، في جو مظلم مع برد قارس، لم يخفف من شدة برودته إلا التحافها بصدر أم زوجها التي رافقتها وهي المرأة الثمانينية الطاعنة في السن.

تتذكر “السعدية” لحظة ولادتها كما لو أنها تتذكر كابوسا مزعجا، خاصة أثناء حديثها لحظة “استقبالها” من طرف الأطقم الصحية، التي قالت أن معظم الأقسام والوحدات الطبية كانت فارغة، ولاترى إلا فتيات صغيرات منشغلن بهواتف ذكية، ويرتدين وزرة بيضاء عليها صليب أحمر، فهمت فيما بعد أنهن غير معنيات بموضوع الولادة ولا حتى الاستشارة، وأنهن مجرد متعاونات يؤثثن “ديكور” المشهد، داخل المستشفى الاقليمي بسيدي سليمان، الذي لم تجد فيه رائحة طبيب الولادة، اللهم إلا ممرضة “بئيسة” أنهكها تعب الليل وضغط الزوار، هاته الأخيرة التي قررت مباشرة وبدون أدنى تردد إحالتها على وجه السرعة للمستشفى الجهوي بمدينة القنيطرة، خاصة وأن لحظة ولادتها كانت قد اقتربت، والفحوصات تظهر أن حالتها ليست طبيعية، مايستدعي تدخلا عاجلا من طرف طبيب مختص، لتنطلق بعد ذلك معاناة شديدة للغاية، مع سيارة الاسعاف، وسائقها والطريق إلى القنيطرة، خاصة وأن إقليم سيدي سليمان لم يكن حينها يتوفر حتى على عيادة خاصة للولادة، الأمر الذي يجعل معاناة النساء الحوامل تشتد أكثر فأكثر، تحكي “السعدية”.

من جهته اعتبر “عثمان العبّار” فاعل جمعوي بمدينة سيدي سليمان، أن الحديث عن قطاع الصحة بإقليم سيدي سليمان لاينتهي بالنظر إلى المشاكل الكبيرة التي يعيشها، غير أن وضعية النساء الحوامل، تعرف تعقيدا كبيرا وخطورة بالغة، خاصة وأن حالة وفيات النساء أثناء الولادة، والخطورة التي من الممكن أن تحل بالرضع هي خطورة متوقعة للغاية، وأي امرأة بإقليم سيدي سليمان في طريقها إلى الولادة عليها أن تضع نصب عينها هاته المخاطرة، قبل أن يستدرك حديثه بالقول “غير أن افتتاح إحدى العيادات الطبية الخاصة بالنساء والتوليد خلف كارفور وسط المدينة، من شأنه أن يخفف من هاته المعاناة، ويعطي الأمل في ولادة آمنة ومطمئنة للنساء الحوامل على مستوى إقليم سيدي سليمان” في إشارة منه إلى إحدى العيادات الخاصة بأمراض النساء والتوليد حديثة النشأة، والتي لقيت ابتهاجا كبيرا من ساكنة المدينة خاصة وأن صاحبها ابن المدينة، في الوقت الذي كانت فيه جل النساء السليمانيات يتحملن عناء التنقل للعديد من المدن الكبرى لإجراء الفحوصات الطبية وعمليات الولادة.

وبالرغم من أن النساء السليمانيات تنفسن الصعداء بافتتاح هاته العيادة، إلا أن عشرات الآلاف من ساكنة الإقليم، يأملون في التدخل العاجل من أجل الإسراع في بناء المستشفى الإقليمي، وتجهيزه وتأهيله بمختلف الأطر الصحية والإدارية أملا في خدمة صحية ترقى إلى تطلعات المواطن السليماني.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى