دكاترة و قضاة يناقشون العنف ضد الأطفال و النساء خلال فترة الطوارئ

هبة بريس ـ الرباط

في إطار انخراطه في النقاش الدائر حول تأثير الجائحة على المجتمع عموما والنساء والأطفال على وجه الخصوص نظم الكرسي الأكاديمي لالة مريم للمرأة والطفل بكلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط مؤخرا مائدة مستديرة حول موضوع: “العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي خلال الطوارئ الصحية: العوامل وسبل الحماية”، وهو اللقاء الذي يهدف الى محاولة تقديم أطر تحليلية لفهم أكبر لوضعية المرأة والطفل في ظل كوفيد 19، بغية تجويد الوعي الثقافي وإعادة بناء طرح لأسئلة المهمة داخل المجتمع والتفاعل معها بوعي ناضج.

أشغال هذه المائدة المستديرة تولت تسييرها القاضية أمينة أفروخي رئيسة قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي برئاسة النيابة العامة، وقد استهلت بتقديم عرض من طرف السيدة زهور الحر رئيسة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، أكدت فيها على وجود عدة مؤشرات تؤكد تنامي ظاهرة العنف القائم على أساس النوع خلال فترة الطوارئ الصحية بسبب جائحة كوفيد 19 في العالم بأسره، نظرا لعدة عوامل، منها “عدم الاستقلال الاقتصادي للنساء”، وأن “عددا من الأزواج وجدوا أنفسهم رفقة زوجاتهن والأبناء تحت سقف واحد، في ظل ضغوط اقتتصادية واجتماعية ونفسية، وقد ترجمت هذه الضغوط في شكل عنف مورس داخل فضاء الزوجية أو خارجه، وهو عنف يغذيه الموروث الثقافي المتجذر والذي يقوم على عقلية ذكورية، وعلى النظرة التشييئية للمرأة”، معتبرة أن “المعتدي قد يكون بدوره ضحية عنف أسري يرتبط بالتنشئة الاجتماعية”.

وتوقفت القاضية السابقة والمحامية حاليا زهور الحر عند بعض الإشكاليات التي واجهت عددا من النساء والفتيات في التبليغ عن العنف، بسبب القيود المفروضة على التنقل وصعوبة الوصول الى المحاكم، وعدم التمكن من استعمال الوسائل الحديثة في التبليغ، معتبرة أن هذا العنف أخذ أشكالا متعددة من بينها العنف الذي تعرضت له عدد من العاملات نتيجة عدم احترام بعض المشغلين للإجراءات الاحترازية في فضاء العمل، وهو ما أدى الى ظهور بؤر وبائية.

واختتمت السيدة زهور الحر مداخلتها بتسليط الضوء على الفرص التي يتيحها قانون محاربة العنف الجديد في التصدي للظاهرة سواء على مستوى الاطار المفاهيمي الحديث، أو على مستوى تجريم مجموعة من الأفعال التي كانت غير مجرمة سابقا ومن بينها الطرد من بيت الزوجية والاكراه على الزواج والتحرش الجنسي في الفضاء العام والفضاء الرقمي، فضلا عن الباب المتعلق بالوقاية من العنف، وتدابير الحماية، ولجان وآليات التكفل بالنساء ضحايا العنف، مؤكدة على الدور الذي تقوم به اللجان وخلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف في المحاكم والمستشفيات ومراكز الشرطة في التنسيق فيما بينها قصد ضمان تكفل ناجع بالناجيات من العنف، وهو ما يتطلب التواصل والتنسيق واشراك الجمعيات النسائية التي قامت بدور كبير خلال الجائحة.

من جهته قال الدكتور أنس سعدون أن “العنــف المبنــي علــى النــوع الاجتماعــي يعتبر مــن بـيـن مظاهــر التمييــز الــذي يطــال النســاء والفتيات ويشكل انتهــاكا لحقوقهــن الانســانية، وهو مؤشــر علــى خلــل في العلاقــات الاجتماعيـة المبنيـة علـى سـلطوية الرجـال ودونيـة النسـاء”.  كما أن “الازمـات والأوبئـة تعـد مـن بيـن العوامـل التـي تسـاهم في تفاقـم مآسـي ومعانـاة النسـاء مـع العنـف القائم على أساس النوع بشـتى أشـكاله وتجلياتـه”، وهو ما وقع خلال جائحة كورونا، حيث تعددت المؤشرات التي تؤكد تفاقم العنف القائم على أساس النوع، والذي اتخذ عدة أشكال منها منها العنف الرقمي المتمثل في التحرش عبر الوسائط الالكترونية والتنمر، والعنف الجسدي والنفسي الذي مورس داخل فضاء الزوجية أو داخل الفضاء الأسري، والعنف الاقتصادي المتمثل بالأساس في عدم تمكن العديد من النساء الناجيات من العنف من الوصول الى النفقة أو الدعم الذي تمنحه الدولة، او الاعتداءات التي طالت الملكية العقارية وحيازة الأراضي بسبب القيود المفروضة على التنقل.

وتوقف القاضي أنس سعدون عند الصعوبات التي تواجه النساء المعنفات في الولوج الى العدالة، خاصة ما يتعلق بإشكالية الاثبات، معتبرا أن تحميل الضحايا مسؤولية اثبات العنف الذي تعرضن له، هو بمثابة عقبة إضافية تواجههم، والحال أن المعايير الدولية تجعل عبء الاثبات ملقى على عاتقة أجهزة انفاذ القانون.

ولاحظ المتدخل وجود عدة عقبات تحول دون وصول النساء المعنفات الى الانتصاف، معتبرا أن “غالبية النساء المعنفات لا يلتمسن الحصول على تعويضات مدنية، وفي حالة صدور هذه التعويضات تبقى غير كافية لجبر الضرر اللاحق بهن بسبب هزالتها”، مشيرا الى أن “الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمحكوم عليهم في قضايا العنف ضد النساء قد تؤثر في تقدير التعويضات المحكوم بها لفائدة الضحايا، لأن في حالة العجز عن أدائها يتم تطبيق الاكراه البدني، وتبقى النساء ضحايا العنف دون أي تعويض في غياب وجود صندوق ائتماني يحل محل المحكوم عليهم المعسرين في أداء مبالغ التعويضات المحكوم بها، مما يؤكد محدودية جبر الضرر اللاحق بالنساء الناجيات من العنف بالمغرب”.

واستعرض عضو نادي القضاة أنس سعدون في ختام مداخلته نماذج للاجتهادات القضائية الحديثة المبدئية التي تم رصدها في مجال حماية النساء والفتيات الناجيات من العنف، مذكرا بأن المجلس الوطني لحقوق الانسان رحب في تقريره السنوي الأخير بالتطبيقات القضائية الحديثة لتدابير الحماية الواردة في قانون محاربة العنف ومن بينها “المنع من الاتصال أو الاقتراب بالضحايا”، والتي طبقت في عدة قضايا من بينها حالات العنف الزوجي رغم ما يفرضه عقد الزواج من التزام بالمساكنة الشرعية، مستعرضا نماذج أخرى لاجتهادات قضائية حديثة تتعلق بتجريم التحرش الجنسي في الفضاء العام والعنف النفسي، داعيا الى مزيد من نشر الأحكام القضائية كوسيلة للتعريف بمستجدات القانون الجديد.

وتجدر الإشارة الى أن كرسي لالة مريم للمرأة والطفل بادر مؤخرا الى تنظيم موائد مستديرة تعالج قضايا المرأة والطفولة في ظل جائحة كورونا، في إطار الأهمية القصوى التي يوليها الكرسي لإشعاع المعرفة العلمية، واعتباره الفاعل المحوري في هياكل التنمية المجتمعية، وبالنظر الى المشروع التكويني والتثقيفي الذي يتبناه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا تبتعدوا عن الحقيقة تختبؤوا وراء الكذب. مشكلة العنف هو متقاسم بين الإعلام المعفون والحزقة التي يعاني منها المغاربة. ولنبدأ. كيف يعقل أنك تدفع ثمن السكن والصحة والتعليم والأكل وأشياء أخرى وتحرك لا يتعدى الفين درهم مع العلم ان هناك ناس لا يحصلون حتى على خمسين درهم في اليوم هذه هي حقيقة المغرب اليوم وأرجوا من يهمه الأمر ان يشتغل قبل فوات الأوان. يجب أن تسمعوا للناس أولا ثانيا ان تكون مائدة مستديرة نسمع للناس لكي نقترب منهم بعيدا عن تدخل الوسطاء والسياسيين الفاشلين في رفع الملفات لمناقشتها أو السبب أنهم بدون مستوى ثقافي وبتميكون بالكراسي كالذي سجن سيدة لكونها سرقت بيض . المهم ان الجرح عميق إستمع لي لكي أحبك الكلام مفهوم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى