هكذا يحتفل اليهود ب ” يوم كيبور ” أقدس أيامهم الدينية

*الصورة من الأرشيف * 

ع اللطيف بركة : هبة بريس

يشكل يوم ” كيبور” أحد أهم أقدس الأيام في الديانة اليهودية، أو ما يصطلح عليه ب “عيد الغفران” ، وهو اليوم العاشر من شهر “تشريه”، الشهر الأول في التقويم اليهودي، حيث أنه اليوم المتمم لأيام التوبة العشرة التي تبدأ في رأس السنة اليهودية أو كما يُعرف عند اليهود بـ “روش هاشناه” أو “غوش هشنه” عند اليهود الأشكيناز.

يحتفل اليهود بيوم كيبور أو ” يوم هاكيپبوريم” بطقوس تختلف تمام الاختلاف عن باقي الأعياد والمناسبات، فتبدأ الاستعدادات له قبل أربعين يوم من موعده، حيث يواظب اليهود المتدينين على الصلوات صباحاً ومساءً وقراءة المزامير وخاصة المزمور 27 (الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي فمن أفزع)، ثم تبدأ ذروة الاستعدادات في “روش هاشناه” أو رأس السنة اليهودية حيث تستمر العبادة والخشوع لعشرة أيام تعرف بأيام التوبة، ثم يبدأ يوم كيبور في ليلة التاسع من شهر تشريه وتستمر حتى بداية الليلة التالية، حيث يقتضي هذا اليوم الصيام المتواصل لمدة 25 ساعة.

وتتشابه بعض طقوس هذا اليوم بباقي الأعياد اليهودية الثلاثة عشر مثل عيد الأنوار “حنوكا” أو أيام السبت مثل التوقف عن العمل أو الكتابة بالأقلام أو إشعال النيران أو تشغيل السيارات، إلا أن ليوم كيبور طقوسه الفريدة أيضاً مثل الامتناع عن ممارسة الجنس أو أية أعمال بهدف المتعة بالمخالفة لباقي الأعياد التي يحتفل بها اليهود بالاستمتاع بجانب العبادة لكنه يتفرد بأنه يوم للعبادة والاستغفار فقط، وبما يتضمن ذلك من عدم تناول الطعام والشراب أو الاستحمام أو الاغتسال أو المشي بالأحذية الجلدية.

يتفرد أيضاً هذا اليوم باحترام اليهود العلمانيين وغير المتدينين له دون سائر الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية وأيام السبت، فعلى سبيل المثال يمتنع العلمانيون من اليهود عن السفر بالسيارات فيه على الرغم من عدم التزامهم بذلك أيام السبت من كل أسبوع، وتصل قداسة يوم كيبور إلى أن عدم صيامه يعتبر إعلان ودليل على ترك الديانة اليهودية أو الانتماء إلى اليهود العلمانيين.

يرجع الاحتفال بيوم كيبور وفق الرواية الدينية اليهودية إلى ما بعد خروج موسى من مصر ومعه اليهود وعندما تركهم وذهب ليكلم ربه عبدو العجل الذهبي كإله، وعندما عاد موسى صعد إلى جبل سيناء مرة أخرى وأخذ في الصلاة والتعبد لمدة أربعين يوماً متصلة، ثم نزل عائداً إليهم وحاملاً معه لوحي الشهادة، ليُعلن لأتباعه بأنّ الرب قد غفر لهم خطيئتهم تلك، ولهذا يقوم اليهود بإحياءً هذه المناسبة الدينية باعتبارها الفرصة الأخيرة للتكفير عن ذنوب العام المنتهي ولتغيير المصير الشخصي أو مصير العالم في العام القادم، لذا فإن البعض يرى بأن التراجم الأصح لكلمة كيبور العبرية هي “تكفير” وليس غفران.

نساء يهوديات يُصليّن في قسم النساء في الحائط الغربي في البلدة القديمة في القدس عشية يوم الغفران المعروف أيضاً باسم يوم كيبور، وهو أقدس أيام السنة اليهودية .

ويستند اليهود في ذلك على ما جاء في الإصحاح 16 من سفر اللاويين في التوراة والذي جاء نصه “وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ، الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ، لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ، سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ، وَالَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ، الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ، وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. وَتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ. فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

وليوم كيبور طقوس غريبة أيضاً، ففي سبيلهم للإشارة إلى التخلص من الخطايا والذنوب والمعاصي التي اقترفوها خلال العام المنتهي يقوم اليهودي بشراء دجاجة في اليوم السابق ليقوم برفعها فوق رأسه والتلويح بها ثلاث مرات مع تلاوة أشعار تلمودية لتنتقل إليها الذنوب والمعاصي ثم يقوم بذبحها أثناء تلاوة الصلوات، أو الذهاب إلى البحر وتلاوة الترانيم والأشعار التلمودية والصلوات التوراتية ثم يقوم بإلقاء ما في جيوبه في البحر لتنتقل الخطايا إلى الأسماك، وقبل الصيام، تجهز العائلات مائدتين وتتبادل كعك العسل وتضيء النساء الشمع على مراحل، لنيل الرحمة للأهل المتوفين، ولطلب المغفرة.

ويشهد يوم كيبور الصلاة خمس مرات بشكل استثنائي بدلاً من المرات الثلاث المعتادة، أبرزها صلاة “كلّ النذور” المعروفة، ويختتمه بصلاة إقفال البوابات عند مغيب الشمس، ويرتدي كبير الكهنة الملابس البيضاء ويشعل البخور ويقوم بالتضحية بثور وماعز، ويرش القليل من دماء الأضحية في الجزء المعروف بقدس الأقداس داخل الكنيس، وهي المرّة الوحيدة التي يدخله في السنة، في استعادة لرمزية تضحية صلاة موسى من أجل خلاص شعبه، ويتخلّل الطقوس اعتراف جماعي بالخطايا أمام الآخرين، كشكلٍ إضافي من التطهّر.

وتنتهي طقوس يوم كيبور بعده بخمسة أيام، بحلول ما يُسمى بـ “عيد العرش” أو المظلات، والذي يستمرّ ثمانية أيام إحياءً لذكرى خيمة السعف التي لجأ اليها اليهود بعد خروجهم من مصر، وذلك ببناء خيم ومظلات من سعف النخيل أمام البيوت، ثم الدخول فيها وإقامة الصلوات والدعاء بنزول المطر.

وقد ارتبط يوم كيبور بذكرى سيئة عند اليهود في إسرائيل منذ عام 1973، حينما قامت جيوش كل من مصر وسوريا بالهجوم على القوات الإسرائيلية المحتلة، حيث استطاعت القوات المصرية أثناء احتفال اليهود بعيدهم عبور خط بارليف والتوغل داخل شبه جزيرة سيناء التي كانت قد احتلتها إسرائيل عام 1967، وكان ذلك هو بداية خروج الجيش الإسرائيلي من سيناء والذي اختتم بالخروج من طابا عام 1982 بعد التحكيم الدولي.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. وشوف لاعلام من كيبغي يبدل ليك الفيستة البسها ليك ويجيب الناس الي يكولو ليك جات معاك داغي ولات الطقوس د اليهود زوينة وغا ديك النهار لاعلام كيكول هدرة دابة هدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى