في نقد الرؤية الكلاسيكية للقضية الفلسطينية

الكاتب : مصطفى تاج

لطالما كان وظل “ياسر عرفات” شخصية تحظى بإجماع الفصائل الفلسطينية على تلاوينها، بمساره النضالي ومواقفه الشجاعة وحسه الوحدوي ورؤيته المستقبلية الثاقبة.

كانت هذه هي قيمة “ياسر عرفات” داخل فلسطين وخارجها، قبل بدء المفاوضات بداية التسعينات وبعدها، وظلت كذلك وتعاظمت بعد وفاته في مخيلة الصغار والكبار.

لكن المرحلة التي لم تسلط عليها الأضواء في مساره، هي المرحلة التي تم تخوينه فيها ونعثه بأشنع النعوث من داخل الفلسطينيين أنفسهم ومن فئات كثيرة من العرب، فقط لأنه دشن اتفاق سلام باسم منظمة التحرير الفلسطينية مع دولة إسرائيل شتنبر 1993، إذ لم تستسغ مجموعة من الفصائل والتنظيمات أن يجنح عرفات للسلم عوض الاستمرار في المقاومة وحرب العصابات.

اليوم نشهد نفس الشيء تقريباً، ونفس الاتهامات تقريباً اتجاه المغرب الذي قرر فتح قنوات التواصل مع إسرائيل تحت أرضية الاعتراف الأمريكي الرسمي بمغربية الصحراء، والقبول الإسرائيلي بمواقف المغرب الثابتة والمستمرة من القضية الفلسطينية، فما أشبه اليوم بالأمس، وما أقدر جهات بعينها على التخوين والتنديد قبل التحليل والتمحيص والاستشراف.

اليوم وبعد مرور قرابة الأربعين سنة على اتفاق ياسر عرفات وإسحاق رابين، يحتاج كل داعم للقضية الفلسطينية إلى وقفة تأمل وتقييم، حيث لا يمكن البثة إلا الاعتراف بحكمة عرفات وتبصره وقراءته الواقعية والعقلانية لمصير القضية، إذ لو كتب لذاك الاتفاق التفعيل على أرض الواقع بعيداً عن الانقسام الداخلي والتشنج الخارجي لكنا اليوم أمام دولة فلسطينية قائمة الذات على أراضي حقيقية، ليست كاملة أي نعم، ولكنها على الأقل أشسع وأوسع مما تم تحصيله الآن.

لو تم وضع الثقة في عرفات إبانها والالتفاف حوله لما راح الآلاف من الشباب الفلسطيني ضحية الانتفاضة الثانية ولما تمكنت إسرائيل من تدشين مخطط المستوطنات التي لا زالت مستمرة، ولما تمكن اليمين في إسرائيل من اعتلاء الحكم بتاتاً، ولكن للأسف الشديد، القضية كتب لها أن تبقى ضحية إيديولوجية تنظيمات داخلية وخارجية توظفها لجلب التعاطف حولها من خلالها ولو على حسابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى