سفير المملكة بهلسنكي : “المغرب داعم للقضية الفلسطينية والبوليساريو تنتهك حقوق المُحتجزين “

 

فنلندا بالعربي من هلسنكي

سلط سفير المغرب في هلسنكي ، السيد محمد أشكالو ، الضوء على التقصير في المسؤولية والتجاوزات في القيام بالواجب ، والتي تبقي سكان المحتجزين في مخيمات تندوف الواقعة فوق الأراضي الجزائرية في أوضاع إنسانية تعرف تدهورا مستمرا ، مقدما بسطا شاملا ودقيقا حول الوضعية المزرية واللائنسانية في مخيمات تندوف وحقيقة نزاع الصحراء والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والقرارات المتعلقة بالعلاقات مع إسرائيل خلال حوار أجرته معه فنلندا بالعربي.

وقال الديبلوماسي المغربي في حوار لـ “فنلندا بالعربي ” إن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية يأتي انطلاقا من المعرفة بتاريخ المغرب وبأن الصحراء كانت جزءا منه على الدوام.

وأوضح ، أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء وتدعيم ذلك بفتح قنصلية في مدينة الداخلة المغربية وبوسائل النشر والتبليغ القانونية سواء على المستوى الوطني الأمريكي أو لدى الأمم المتحدة ، هي أفعال سيادية لها أبعاد قانونية ودلالات سياسية عميقة مؤطرة في القانون والعلاقات الدولية ، معتبرا أن هذا المستجد يعمق مسلسل انهيار الأساطير المؤسسة للبروباغندا التي دامت أكثر من 40 سنة ودأبت الأطراف الانفصالية وداعميها الدائمين على تسويقها من أجل مغالطة المنتظم الدولي، وإسكات انتفاضة سكان مخيمات الذل والعار بتندوف الجزائرية.

وتساءل الديبلوماسي ، أيضا، حول عدم تمكين المفوضية السامية لـلاجئين حتى الآن من إحصاء السكان المحتجزين في حين “تنتهك هذه المجموعة حقوق ساكنة مخيمات تندوف ، وتستخدم وسائل غير لائقة لإدامة سيطرتها على المخيمات”.
وفي معرض رده أفاد محمد أشكالو ، أن المغرب متشبث وداعم للقضية الفلسطينية، الشيء الذي أكده الملك خلال محادثته الهاتفية بمعية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشددا أن لا مقايضة بين الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والعلاقات مع إسرائيل. وعلى من يشكك في ذلك أن يراجع معطيات الأمم المتحدة والعلاقات الثنائية بين المغرب وفلسطين ليتعرف أكثر على تضحيات المغرب و المغاربة وجهود جلالة الملك في المحافل الدولية والمبادرات الإنسانية والتنموية المتخدة على أرض الواقع من خلال بيت مال القدس ولجنة القدس وغيرها من آليات التعاون بين البلدين.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف يمكن تقييم التطورات الإقليمية الأخيرة بالنسبة للمغرب في ظل السياق الراهن؟

إن المبادرة الأمريكية بالإقرار الكامل بمغربية الصحراء وتدعيم ذلك بفتح قنصلية في مدينة الداخلة المغربية وبوسائل النشر والتبليغ القانونية سواء على المستوى الوطني الأمريكي أو لدى الأمم المتحدة، هي أفعال سيادية لها أبعاد قانونية ودلالات سياسية عميقة مؤطرة في القانون والعلاقات الدولية، اتخذتها دولة عضو دائم في مجلس الأمن وفاعل أساسي في السياسة الدولية انطلاقا من قناعاتها بمشروعية قضيتنا الوطنية ووجاهة مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا الصراع المُفتعل. وبالتالي الاعتراف بمغربية الصحراء بهذه الطريقة بما لها من قوة القانون يعتبر مفصليا في تكريس الحقوق التاريخية المشروعة للمغرب على كامل ترابه خاصة وأنه يأتي في سياق افتتاح 19 دولة لتمثيليات قنصلية لها في كل من الداخلة والعيون ، وكذلك بعد تكريس مجلس الأمن في قراره الأخير رقم 2548 للجزائر كطرف رئيسي في هذا النزاع، وإقباره موضوع الاستفتاء بشكل نهائي. ومن جهة أخرى فإن هذا الإعتراف التاريخي يعمق مسلسل انهيار الأساطير المؤسسة لبروباغندا دامت أكثر من 40 سنة دأبت الأطراف الانفصالية وداعميها الدائمين على تسويقها من أجل مغالطة المنتظم الدولي، ومن أجل إسكات انتفاضة سكان مخيمات الذل والعار بتندوف الجزائرية.

على ذكر مخيمات تندوف، ماذا تتوقعون أن يحدث هناك بعد هذه المتغيرات؟

واقع الحال هو أن هناك أطفالا ونساء وشيوخا يعيشون ظروفا مزرية في أكبر سجن مفتوح تحت سلطة السلاح والعنف والتهديد المتواصل أمام مرأى ومسمع الدولة المستقبلة. ولاحظنا مؤخرا أن هده الممارسات اللإنسانية تتكرر كلما حاول أحدهم مخالفة الرأي الأحادي المسير للقادة الانفصاليين الحاملين لأسلحة كان من المفترض أن يعود ما يصرف عليها من طرف الجزائر بالنفع على السكان المحتجزين. وبما أن هؤلاء لم يحصلوا بعد من بلد الاستقبال حتى على حقهم في أن تكون لهم حقوق كبشر أولا، بحيث يتم استعمالهم لأغراض سياسية واديولوجية بالية، فإن التكهن بما سيحدث هناك مفتوح على كل الإحتمالات بعدما بدأت الحقيقة تنجلي حول أوهام تم تسويقها لأغراض سياسية عدائية وتوسعية مغرضة لمدة عقود.
فرغم الإغلاق التام الذي تفرضه الجبهة الإنفصالية على هؤلاء السكان فإن الوضع يثير العديد من التساؤلات حول عدم تمكين المفوضية السامية لـلاجئين حتى الآن من إحصائهم ومعرفة مآل المساعدات المقدمة إليهم. أمام هذه المعادلة التي يختلط فيها القانوني والإنساني بالمسؤولية الأخلاقية لبلد الإستقبال فلا شك أن نسبة كبيرة من هذه الساكنة تريد أن تعود إلى وطنها المغرب وتساهم إلى جانب إخوانها في المناطق الجنوبية في مسيرة التنمية في ظروف الكرامة التي حُرمت منها فقط لأن دولة جارة قررت لأسباب سياسية واديولوجية حرمانهم منها، كما قررت أن تربط مستقبلهم بمصير جماعة مسلحة انفصالية عقيدتها العنف والتخريب كما شهد على ذلك العالم في منطقة الكركرات حيث لم تستثني حتى الأطفال الأبرياء من الاستغلال الفظيع لأغراض سياسية. فالفرق واضح بين من يبني طريقا ومن يخربه، ومن يدعو إلى السلام والتنمية ومن يعاكسهما بشتى الوسائل.

بخصوص عملية الكركرات، كيف تصفون الوضع هناك؟

المنطقة الحدودية بين المغرب وموريتانيا منطقة آمنة بالكامل ومفتوحة تماما لمرور الأشخاص والبضائع بين أوروبا وافريقيا وكذلك للمشاريع التنموية بعد أن أعادت القوات المسلحة الملكية هذه الحقوق إلى طبيعتها بطريقة سلمية واحترافية. وفي نظري فإن ماحدث هناك هو دليل على أننا أمام مقاربتين مختلفتين تماما، مقاربة العنف والتخريب التي ينهجها الإنفصاليون بدعم كامل من الجزائر، ومقاربة التنمية والجنوح إلى السلم التي ينهجها المغرب مع الحزم والصرامة إن اقتضى الحال. وللملاحظ في ردود الأفعال الدولية والمحلية والقارية المؤيدة للتدخل المغربي مايزيد من قوة هذا الطرح الذي يضع الآخرين أمام مسؤولياتهم الكاملة ويقوي المغرب في مواقفه وتصرفاته.

نعود إلى الإعتراف الأمريكي وتزامنه مع القرارات المتعلقة بالعلاقات مع إسرائيل، هناك من يعتبر ذلك مقايضة، ماردكم على ذلك؟

في كلتا الحالتين، المختلفتين تماما من الناحية القانونية والتاريخية والواقعية، يجب التأكيد على أن الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك مؤسسة على مبادئ وثوابت تؤطر مواقفها وعلاقاتها الدولية، وبالتالي فلا مجال في الممارسة الدبلوماسية المغربية للمقايضات ونظريات الدبلوماسية السلبية التي ينهجها البعض ويحاول إسقاطها على المغرب.
فعودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل إلى ما كانت عليه في السابق لا يمكن تفسيره إلا في إطار مضمون الإتصال الهاتفي ليوم 10 دجنبر 2020 بين جلالة الملك و الرئيس الفلسطيني، وهذا المضمون لا يقبل أي تأويل، علما أن المملكة التزمت على الدوام بالدفاع عن القضية الفلسطينية في الخطاب وفي الفعل والممارسة. وعلى من يشكك في ذلك أن يراجع معطيات الأمم المتحدة والعلاقات الثنائية بين المغرب وفلسطين ليتعرف أكثر على تضحيات المغرب و المغاربة وجهود جلالة الملك في المحافل الدولية والمبادرات الإنسانية والتنموية المتخدة على أرض الواقع من خلال بيت مال القدس ولجنة القدس وغيرها من آليات التعاون بين البلدين.
فالمغرب صادق ويقرن الأقوال بالأفعال عندما يتعلق الأمر بمبادئ وثوابت سياسته الخارجية.
وبناء عليه فالمملكة ستواصل التزاماتها الدولية سواء فيما يخص قضية الصحراء التي لا تتحمل شيئا آخر سوى السيادة الكاملة للمغرب على كامل ترابه ، وفي نفس الوقت سيواصل المغرب الدفاع عن مواقفه الثابتة حول القضية الفلسطينية بما في ذلك حل الدولتين.

في الأخير ماهو انطباعكم حول الكيفية التي استقبلت بها الجالية المغربية التطورات الأخيرة التي عرفها ملف الصحراء؟

بطبيعة الحال مغاربة فنلندا واستونيا كانوا كالعادة في الموعد كباقي مكونات الشعب المغربي وتعددت الإتصالات مع السفارة بهذا الخصوص للتعبير عن الفرحة والاعتزاز بالنجاحات التي حققتها بلادنا تحت قيادة جلالة الملك ومنهم من فكر في وسائل أخرى للتعبير غير أن الظروف المرتبطة بالجائحة حالت دون ذلك.

وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم لهم جميعا بالشكر على هذا الإلتزام الوطني الراسخ وأدعوهم في نفس الوقت إلى مزيد من الحرص على الترافع المؤثر من أجل الدفاع عن قضايا بلادنا وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى وعلى العموم الصورة المشرقة لبلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى