“محددات السياسة الصحية” محور ندوة افتراضية بمشاركة خبراء ومختصين بالمجال

هبة بريس

اختتم معهد صندوق الإيداع والتدبير نسخة 2020 من سلسلة ندواته « نظرات نحو المستقبل » بتنظيم ندوة تاسعة عن بعد تمحورت أشغالها حول موضوع الصحة.

و جمعت هذه الندوة خمسة خبراء للمساهمة في مناقشة موضوع : « مراجعة محددات السياسة الصحية »، وهم: غبرييل مالكا، مدير قطب العلوم الطبية والبيولوجية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، رجاء العواد، عضو أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، باحثة متخصصة في الطب الحيوي والصحة العمومية؛ سعد الطوجني، رجل قانون، خبير في الإدارة الصحية والحماية الاجتماعية؛ بيرت بريز، كبير خبراء الاقتصاد الجبائي، لدى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية الطبية، كلية الطب والصيدلة بالرباط.

و شكلت جائحة كوفيد-19 التي يجتازها العالم حاليا أكثر من مجرد أزمة صحية اعتبارا لكونها أجبرت العديد من الدول، من بينها المغرب، على إعادة النظر في طريقة تمثيلها للصحة العمومية. واعتُبرت هذه الجائحة، برأي العديد من الفاعلين الوطنيين، بمثابة تجربة غير مسبوقة وشديدة التعقيد، كما أنها تنطوي على العديد من التشعبات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

و يفترض في المنظومة الصحية الوطنية أن تكون قادرة على امتصاص هذه الصدمات الجديدة مع ضمان التكفل بتلبية الاحتياجات الصحية للساكنة والاستجابة لطلبات العلاج الصادرة عنها. وبناء عليه، فإن توسيع التغطية الصحية قد يعد رهانا ضروريا بهذا الصدد، لكنه غير كاف.

و قد كانت للأزمة الصحية الحالية تداعيات سلبية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، غير أنها أيضا يمكن أن تعد فرصة ممتازة للقيام بإصلاح شامل وعميق للنظام الصحي المغربي.

« أعتقد أن هذه الأزمة تشكل مناسبة للتساؤل حول مكانة الصحة الشمولية في حياة الإنسان، في حياة منظمتنا وفي حياة مجتمعنا »، يقول غبرييل مالكا، معتبرا أنه من الضروري أيضا أن نفهم بشكل جيد رهانات ومفاهيم تشجيع الصحة والتنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، أصبح بناء نظام صحي مغربي- مغربي، بسياسة مغربية، من الضروريات الملحة اليوم، وأصبح مطلوبا من المغرب أن يبتكر نظامه الخاص الذي يأخذ ثقافته وخصوصياته بعين الاعتبار. ومن بين أبرز السبل التي تم التطرق إليها خلال الندوة في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى النقاط التالية: تطوير البحث العلمي في مجال الصحة، والذي يبقى الاستثمار فيه ضعيفا، وذلك من خلال التقريب بين الصناعيين والعالم الجامعي.

وأورد غبرييل مالكا كنموذج على ذلك جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية التي أسست حول قطب البحث العلمي والبحث التطبيقس، الجهوية الصحية، نظرا لأن لكل جهة خصوصياتها وحالتها المرضية، وبالتالي فمن الأساسي إمداد الجهات بالوسائل اللازمة لتلبية الحاجيات الصحية لسكانها؛ تكوين العاملين في المجال الصحي داخل مناطق سكناهم بهدف تشجيعهم على البقاء في جهاتهم، من أجل ضمان تغطية ترابية أفضل للشبكة الصحية؛ الاحتياجات التمويلية الإضافية الضرورية لمواجهة تحديات المجال الصحي، من خلال الضرائب.

« يمكن الحصول على موارد إضافية عبر إصلاح نظام الانخراطات الصحية وتعبئة رسوم الإنتاج المفروضة على المواد المضرة بالصحة »، حسب بيرت بريز؛ إحداث معهد لليقظة الصحية، والذي سيمكن من التوقع الاستباقي للجوائح مستقبلا، « إعادة النظر في الهندسة المؤسساتية بهدف الحد من ميوعة المسؤولية »، يؤكد سعيد الطوجني، مشيرا إلى وجود عدد كبير من المتدخلين في الوسط الصحي، الشيء الذي يطرح إشكالية الحكامة المؤسساتية.

« الصحة هي حصيلة مجموعة من الظروف التي يولد فيها الأشخاص ويكبرون ويعملون ويشيخون »، تقول رجاء العواد. ففي الواقع، لا ترتبط صحة الفرد بالمنظومة الصحية الموجودة، وإنما بمجموعة من المحددات، منها الظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد، وأسلوب حكامتها، مختلف السياسات المتبعة في مجالات التربية والحماية الاجتماعية والمعايير الثقافية التي يتطور الفرد في إطارها. فالمنظومة الصحية لا تشكل إلا واحدة من بين محددات أخرى، وهي تعتبر جزءا من بيئة أوسع، تهيء بشكل مسبق شروط نجاعتها ومدى استجابتها لاحتياجات الساكنة.

من جانبه، تطرق عز الدين الإبراهيمي إلى قرار المغرب القاضي باختيار لقاح الشركة الصينية سينوفارم بيكين، والذي ساهم المغرب في تجاربه السريرية.

وأبرز بهذا الصدد أنه « لا يوجد تنوع جيني بين الفصيلة التي استعملت في إنتاج لقاح سينوفارم وفصائل الفيروس الموجودة في المغرب ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى