الملك العمومي تضييق على المواطنين وإحراج للسلطات

بقلم مصطفى الذهبي

يشكل الإستغلال المؤقت للملك العمومي، هاجسا للسلطات المحلية، لعدم تطابقه ومسايرته لواقع الحال نظرا لصلابة قوانينه التنظيمية، لأنها شرِّعت في تسعينات القرن الماضي (قانون 12/90) وأقرتها أطر وزارة الداخلية التي كان يرأسها الوزير الحديدي الراحل إدريس البصري، عندما فصل التعمير عن السكنى لأن قطاع التعمير هو مجال للاغتناء لدى المفسدين ويعد الأهم في التنمية المجالية، وبما أن أطر وزارة الداخلية آنذاك كانت تفكر بعقلية تميل إلى القمع والتضييق يتيح لها التدخل الأمني لقمع المواطنين لترسيخ هبة الدولة وهيمنتها وذلك بالقيام بعمليات هدم للبنيات التي يمكن أن تكون شيدت منذ عشرات السنين ولا تشكل أي ضرر، وذلك إعتمادا على المادة 80 من القانون 12/90 المنظم لعمليات البناء والتعمير، وتمثل عمليات الهدم أو المصادرة التي تقوم بها السلطات المحلية فيما يعرف تحرير الملك العام دون سبب مقنع وهي حملات مصادرة كراسي وطاولات المقاهي التي تشتغل على الأقل بصفين لأن الزبناء يحبذون الجلوس خارج المقهى، وأرباب المقاهي مستعدون لتأدية الواجبات الجبائية للجماعة، لكن القانون يفرض صفا واحدا (1.40 متر) وهنا تحرم الجماعة من مداخيل مهمة؛ كما أن للسلطات المحلية الحق في مصادرة أي شيء موجود فوق ما يسمى الملك العمومي، منها اللوحات الإشهارية وعلى إثر واقعة مصادرة اللوحات الإشهارية وتتبعي لقوانينها قررت أن أكتب هذا المقال لأعرض على المسؤولين بوزارة الداخلية والسيد وزير الداخلية هذه الواقعة وهي:
أن سيدة لها شواهد عليا قررت أن تبدأ مشواراها العملي بالتشغيل الذاتي، فاكترت محلا تجاريا وحولته إلى مكتب لطبع البحوث للطلبة والباحثين وتمكنت من كسب عدد لا بأس به من الزبناء رغم أن محلها داخل زقاق بعيد بعض الشيء عن الشارع، وقد استفادت من تأثير اللوحة الإشهارية التي توجد بالشارع، غير أنها تلقت صفعة غيرت هذا المعطى حيث أقدم صاحب مكتبة إقتناها مؤخرا على إزالة اللوحات الإشهارية من الشارع العام بدعوى أنها أمام مكتبته بل كسرها ودخل في مشادات مع المعنية بالأمر كادت أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه لولا تدخل الجيران، مما دفع المعنية بالأمر إلى سلك المسطرة القانونية للترخيص للوحتها الإشهارية بالموقع الذي كانت عليه بالشارع، غير أنها إصطدمت بقانون يرخص فقط لبعض الأنشطة دون غيرها، أما طبيعة شغلها فهو غير متضمن للقانون الأساسي لوضع اللوحات الإشهارية وواقع الحال، أن الشارع محل النقاش هو ممتلئ باللوحات الإشهارية غير مرخصة، هذا الحال دفعها ألا تصدق هذا القانون لأنه يحمل في طياته العنصرية في الأنشطة المهنية .

ومن بين المتضررين كذالك من قانون الاستغلال المؤقت للملك العمومي بائعي الجرائد المحرومين من تراخيص للأكشاك وهم يستغلون الملك العمومي دون موجب قانون لكن هذا يكلفهم شقاء البسط والجمع للكتب والجرائد وهكذا يتضح أن الاستغلال المؤقت للملك العمومي هو غير مطابق لواقع الحال ويجب إعادة النظر في مضامينه وبنوده، كما يجب أيضا مراجعة المبالغ الجبائية التي تفرض على من يرغب الحصول على ترخيص وقوف السيارة أمام مكتبه بالشارع العام كالمحاميين والأطباء إلخ، التي تبلغ 12000 درهم سنويا، بالعاصمة الرباط، وهو أمر غير مقبول وغير منطقي، في مدينة تعرف قلة مواقف السيارات وترغم هؤلاء للبحث طويلا على مكان مسموح الوقوف به .

إن قانون التعمير بصفة عامة والقوانين المنظمة للملك العمومي المعمول بها حاليا لا تتوافق وواقع الحال، بحكم أن قطاع التعمير هو قاطرة للتنمية المجالية والاقتصادية وكذا الاجتماعية، وبما أنه لا يساير الوضع يتحتم إعادة كتابة قانونه بمهنية وعقلانية تحفظ للدولة هيبتها = بدءا بزجر المخالفات في مهدها وليس عند نهايتها والقطع نهائيا مع عمليات الهدم وذالك بتفعيل مساطر زجر المخالفات طبقا للقانون 12.66 ومنها تفعيل مسطرة الصفة الضبطية للمراقبين المحلفين التابعين لأقسام التعمير بالعمالات = وللمواطن اخياراته تواكب الوضعية والعقلية الاجتماعية للمواطنين المغاربة، إضافة إلى المعايير التي يمكن اعتمادها في تراخيص عمليات البناء والتعمير، التي من شأنها خلق ثورة معمارية، وبالتالي ثروة مادية جد مهمة تستفيد منها الدولة والمواطنين على حد سواء.

إن للمواطنين حقوق وعليهم واجبات، فعلى الدولة التي هي ملزمة بتوفير الحقوق لتفرض بعد ذالك واجبات حتى يتحقق منظور دولة الحق والقانون،

وفي انتظار ما سوف تتخذه وزارتكم وشخصية معاليكم المعهود فيها خدمة الوطن والمواطنين، وقد يزكي الموضوع المذكور أعلاه كونكم على علم واطلاع بتجربتي الميدانية ولي الشرف في ذالك . تفضلوا بقبول بأسمى عبارات التقدير والاحترام

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تحية لكاتب المقال على مجهوداته لكن اريد ان اقول ان المقاهي غالبا ما تحتل الرصيف و يضطر الراجلين من السير في طريق السيارات مما يعرضهم للخطر
    وشكرا لهبة بريس القريبة من هموم ومشاكل الناس

  2. ان امثالك يجب ان يكونوا رؤساء جماعات وفي البرلمان حتى يطبقوا مثل هده الافكار والمشاريع بحيث نلمس من خلال كتاباتك ان مطلع عاى مشاكل الجماعات وتملك حلول نيرة فشكرا لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى