مَشْهَدٌ سياسيّ يَغْرَقُ فِي الضَّباب… بَيْنَ انْطِلاقِ جَذْبَةِ الِانْتِخَابَاتِ وَهَجّانَةِ التَّحالُفاتِ

هبة بريس- الرباط

علق رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة إبن طفيل القنيطرة، على النقاش السياسي الدائر حول الانتخابات السياسية القادمة 2021، ومدى استعداد الأحزاب الوطنية لهذه المرحلة في ظل ما تشهده بلادنا والعالم بخصوص تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد ١٩، إضافة إلى التحالفات الممكنة بين هاته الأحزاب.

رشيد لزرق استهل حديثه، بالتأكيد على وجود ضباب كثيف يخيّم على المشهد السياسي المغربي، الذي باتت تُحرّكه تحالفات سياسية تحت الطلب، تشكّلها أطياف سياسية مختلفة، كانت في حالة خصومات وتناحرات بالأمس، وبنت حملاتها الانتخابية على تبادل الاتّهامات، وإظهار العداوة في ما بينها، ولم يكن هدفها غير تبادل المصالح الضيّقة، والتغطية على ملفات الفساد.

واستسرل ذات المتحدث، مؤكداً أن استعدادات الأحزاب لانتخابات 2021 تدور في ظل إعادة تشكل المشهد السياسي، ضمن “تغيير” في ظل الاستمرارية، مستدلاً ذلك ببرود ملامح موجة التحالفات الهجينة، التي تجمع أضداد السياسة، حيث و فور الإعلان عن أن الانتخابات ستكون في موعدها، انطلقت تحركات القيادات الحزبية، التي يجمعها قاسم مشترك واحد ألا وهو انعدام المدلول السياسي، وشعور جماعي باللايقين، إذ إن كل التحركات مسكونة بهواجس تكاد تكون مشتركة، على حد تعبير ذات المتحدث .

وواصل رشيد لزرق بالقول :”إنه اللامعنى واللاهدف سوى هدف التواجد ضمن الفريق الحكومي كغاية، وليست كوسيلة لتطبيق مشروع سياسي، وهو ما بدأ يظهر بجلاء أن جل الأحزاب الممثلة في البرلمان باتت على يقين بكون التواجد في الحكومة يمكّنها من الاستفادة من ريع الغنائم الحكومية، ومن إطالة عمرها السياسي …وعليه، فإن كل المؤشرات الحالية تؤشر إلى كون تحالفات 2021 ستكون “تحالف الضرورة”، أو “التحالف المصلحي”، القائم على أهداف محدّدة قد تنتهي بانتهائها“.

وواصل رشيد لزرق مسترسلاً بأن العدالة والتنمية كأكبر حزب انتخابي، يعرف تحركات داخلية، تتخللها تجاذبات لا تخلو مناورات سياسية، كترجمة لتوجهاتها البراغماتية ورغبتها في توسيع رقعة اللعب السياسية وعدم تحديد مواقف بخصوص سياسة التحالفات. مُظهرا حزب المصاب أنه يتقن فن البقاء، مما يجعله يغرق في البرغماتية ولا يولي أهمية إلى البرامج أو التصورات السياسية خارج أسطوانته المشروخة التي تتيح له اللعب على شعاراته المكرورة، مع اعتبار تحالفاته السياسية التقاء ظرفيا تفرضه التطورات السياسية المرحلية. على حد تعبيره.

وأضاف متحدثنا على أن الواقع الضبابي في المشهد السياسي يرجع جزء منه لكون مجموعة من القيادات الحزبية الحالية توجد في مرحلة نهاية الخدمة السياسية، و كل ما يطمحون إليه هو الوصول إلى الحكومة، مسترسلا بأن عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، آخر من التحقوا بهذا التكتيك السياسي، وفق براغماتية جارفة، غايته البحث عن شرعية سياسية مفقودة، نظرا للانتهازية المفرطة للرجل، وهي انتهازية سياسية تقوم على الربح القصير، لهذا لا يبالي بالتكلفة في سبيل الوصول إلى الغاية، وهي تحقيق طموحه في الدخول للحكومة، ويظهر ذلك في ممارساته الممزوجة بالسخرية، التي تصل إلى درجة البهلوانية، في غياب الحمولة السياسية لأداته الحزبية.

وأكمل لزرق حديثه لمنبرنا، مؤكداً حسب رأيه، أن مشروع هذا الرجل يعطي انطباعا بكون القيادات الحزبية الآن غير قادرة على العمل السياسي بدون الحصول على مكاسب وغنائم تستفيد منها، بل باتت ترى في الحكومة مجرد غنيمة. وأن هذا الواقع السياسي يفاقم منطق بناء الحكومات وفق منطق الترضيات وتقسيم الغنائم، وهو ما يجعل القيادات الحزبية تمتهن المزايدة بحثا عن ضمان لمصالحها الضيّقة ومصالح قواعدها وقياداتها…

وخلص لزرق إلى أن مهاجمة تيار البيجيدي المزايد لمسألة التقارب مع وهبي، وحديثه عن استحالة التحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة، ليس إلا تسخينا سياسيا، لكون العدالة والتنمية يريد توسيع رقعة اللعب السياسي، ولذلك فالبيجيدي، في الحكومة الحالية، يبحث عن تشكيل تحالف حزبي مع حلفائه في الحكومة، وفي الوقت نفسه عن تحالف حزبي مع معارضيه.

وتوقع رشيد لزرق بخصوص الخريطة السياسية المقبلة أن حزب العدالة والتنمية سيتحالف مع التجمع الوطني للأحرار إذا فاز بالمرتبة الأولى، تحت مبرر استكمال الأوراش الكبرى وتحصين الخيار الديمقراطي، وحلّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها البلاد. وقد عاين الجميع كيف انقلب العدالة والتنمية على كل وعوده الانتخابية وفي مقدمتها إسقاط الفساد، في مقابل البقاء في الحكومة، وذلك ليس جديداً عليه، كما عاينا كيف كان يعتبر تحالفه مع التقدم والاشتراكية تحالفا استراتيجيا، ثم انقلب عليه لاحقاً.

وخلص رشيد لزرق بخصوص حزب العدالة والتنمية، أن الأخير يسعى وراء مصالحه فقط، وهذا ما يواصله العثماني حاليا، فهو يرأس تحالفا حكوميا، وبالتوازي يصنع تحالفاً مع معارضيه، يتكوّن من حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم الاشتراكية، على حد تعبير ذات المتحدث دائماً.