سور المستشفى المنهار عنوان لواقع الصحة بإقليم سطات “صور”

محمد منفلوطي_ هــــبة بريس

” قالوا باك طاح، قالوا من الخيمة مشى مايل”، مثل شعبي تعارف الناس على تداوله نظرا لحمولته الثقيلة، يلجؤون إلى ترديده حين يصابون بخيبة أمل، أو بصيغة العامية ” لَبَان المعنى لافائدة من التكرار”.

المثل ذاته، وكأنه ينطبق على حال وواقع الصحة بإقليم سطات، الذي لايكاد يختلف معه كثيرون من المدافعين عن كرامة المواطنين من المرضى البسطاء، فقبل ولوجك لمستشفى الحسن الثاني بسطات، تستوقفك صورة مقززة لجانب من سور منهار لسنوات عدة، ومركز تشخيص صرفت عليه الملايين صامدا في وجه الطبيعة دون أن تطأه أرجل المرضى، كلها صور توثق المشهد من الخارج، فما بالك من الداخل.

المرضى القادمون من مختلف المناطق القروية من حاملي بطائق راميد، يأملون من القائمين على قطاع الصحة بالإقليم أن يضعوا حدا لمعاناتهم، وهم تائهون بين مرافق المستشفى بحثا عن تشخيص أمراضهم، ومنهم من يرغب في اجراء عملية جراحية ” العظام ازالة المرارة….” ومنهم من يبحث عن طبيب مختص ومنهم من أكل منه الدهر أكلا وهو ينتظر موعده لتشخيص علته.

ويرى العديد من المواطنين المرضى المنهوكين الحاملين لبطائق راميد من الفقراء البسطاء، أن هذه السياسة التدبيرية لقطاع الصحة باقليم سطات، لم تحقق آمالهم المنشودة بقدر ما عقّدت الأمور وراكمت المشاكل، وجعلت مختلف المرافق الصحية بالاقليم بمثابة بنايات بلا روح ولا معنى … أطباء غادروا الخدمة طواعية أو مكرهين، وآخرون فضلوا الاشتغال بالقطاع الخاص بدل خدمة “عبــــــاد الله” من البسطاء بالقطاع العمومي، في مقابل ذلك، تجد أطباء وممرضون شرفاء يكدون ويشتغلون دون لومة لائم، فيما آخرون باتوا يعاملون مرضاهم بنوع من الازدواجية في الخطاب، تراهم يقمعونهم على أبواب المرافق العمومية،  ويأخذونهم بالحضن والكلام المعسول على أبواب المصحات الخاصة التي كُتبت على أبوابها عبارة “الهدوء من فضلكم احتراما لراحة المرضى.

هنا من داخل مستشفى الحسن الثاني بسطات، ضمن رحلة لأناس بسطاء تخلى عنهم الجميع حتى “الساسة الذين لازموهم أيام الانتخابات كورقة لصندوق انتخابي” تاركينهم على أبواب القاعات يبحثون عن أول خطوة تقودهم للوصول إلى مبتغاهم.

منهم من يحلم بدخول قاعة عملية لإزالة “المرارة” أو غدة من الغدد، او إجراء عملية جراحية على العظام، ومنهم من اشتد الألم عليه وبات يحن إلى زمن الكي والتداوي بالأعشاب.

في خضم الأحداث المتتالية، والقيل والقال، هناك أطباء شرفاء قاربوا على التقاعد ولازالوا منخرطين بجدية في العطاء ويقطعون المسافات للوصول إلى قاعات الفحص واستقبال مرضاهم، في الوقت التي رفضت فيه فئة أخرى من هؤلاء الأطباء وخاصة من ذوي الاختصاصات ركوب قطار الصباح القادم من البيضاء صوب سطات لتخفيف المعاناة عن مرضاهم تاركة إياهم تائهين يحملون خيبة الأمل عائدين إلى قُراهم ومساكنهم، مفضلين العمل داخل المصحات الخاصة بدل خدمات الطب العمومي.

نعم، قد نتفهم حساسية المرحلة وزمن كورونا، نعم، نتفق مع كل الأفكار والأصوات التي تدافع عن هذه الفئة من أصحاب الوزرة البيضاء التي توجد في الصفوف الأمامية في مواجهة ضحايا فيروس كورونا، نعم، نحترم هؤلاء ونشد على أيديهم بحرارة على وطنيتهم واخلاصهم ونبل أخلاقهم، لكن أن يظل المرضى الآخرون الباحثين عن موعد لتشخيص أمراضهم والاستفادة من اجراء عملياتهم الجراحي تائهين ينتظرون ويعانون ويشكون ويبكون على حائط المستشفى وعلى بابه الرئيسي بدعوى حساسية المرحلة والضغط الكبير على المرافق والقاعات، فتلك قصة أخرى لن يرضى عنها من يملك في قلبه ولو مثقال ذرة من رحمة وشفقة ومواقف إنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى