كورونا والتعليم بين هوس الوباء وهاجس التربية

محمد منفلوطي _ هبة بريس

كورونا، زمن المتغيرات والظروف الطارئة، ظروف ذات طابع فجائي رسمت معالم جديدة على صفحات التاريخ لعلها تروي تفاصيلها للأجيال القادمة تذكرهم بأن البشرية عاشت لحظات وأياما وشهور عصيبة لم تفلح معها الدراسات المعمقة ولا الاستشراف المستقبلي، ولا حتى التنبؤات بالأحداث.

زمن كورونا هذا،  الذي بعثر أوراق السياسات العمومية في مختلف الحقول، الأمنية منها والصحية والتعليمية والدينية، وأعاد صياغة المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بأولويات جديدة شملت اعادة الاعتبار للقطاعات الحيوية التي أبانت عن علو كعبها ودورها المحوري في زمن الأزمات، على رأس ذلك نجد الصحة والأمن، والتعليم…

في زمن كورونا، ونحن نعيش محطة مفصلية ببلادنا التي تعرف تسارعا في عدد الحالات لضحايا هذا العدو الخفي، محطة تتزامن والدخول المدرسي، الذي يعتبر مشتلا للناشئة بمختلف مستوياتها،  دخول مدرسي بنكهة التحدي المشوب بالخطر، حتى الوزارة الوصية على القطاع تعاملت مع الوضع من خلال طرح سيناريوهات عدة، من شأنها أن تساهم في ضمان حق المتعلم من التمدرس حتى في الظروف الطارئة.

فكان سيناريو التعليم عن بعد الذي طرح إبان مرحلة الحجر الصحي، على الرغم من الانتقاذات التي وجهت إليه لكن يبقى حلا مؤقتا في زمن الأزمات تماشيا والمقولة الشعبية” اللهم العمش ولا العمى”.

محمد أوزين القيادي في حزب الحركة الشعبية، بدوره تفاعل مع موضوع التعليم في زمن الجائحة وكتب على صفحته الشخصية على الفايسبوك قائلا: “….. التعليم عن بعد أصبح موضوع نقاش عريض كآلية ضمن التدابير التي إعتمدتها الدول لمواجهة تداعيات العدوى، ولو أنه يعد مطلبا للعديد من الحساسيات منذ مدة في بلدنا، وإذا كانت هذه الآلية تندرج ضمن الحلول الإستثنائية في ظروف لا تقل إستثناء، فإن الكثير لا يخفون تخوفهم من أثر التعليم عن بعد على جودة التلقين والمعرفة لدى أبنائهم، وهي حقيقة تشكل موضوع إجماع عام، ويتضاعف هذا الهاجس عند أولياء التلاميذ خصوصا في مراحل التعليم الأولي والإبتدائي، باعتباره فترة حاسمة في تشكيل شخصية الطفل ونشئته عبر تأطيره عن قرب وكذا إرتباطه بفضاء القسم وشخص المعلم”.

وتابع محمد أوزين قوله: ” هذا الواقع دفع السلطات التربوية أن تعلن عن إرادتها في إستثمار وتطوير وتجويد تجربة التعليم عن بعد، عبر مأسستها من خلال إعتماد مرسوم ينظمها، ولو أن القانون الإطار المنظم للتعليم في المغرب سبق أن شدد على ضرورة تنمية وتطوير التعلم عن بعد باعتباره مكملا للتعليم الحضوري”.

وأضاف أوزين بالقول: ” مهما إختلفت الآراء، في ظرف يصعب الحديث عن القرار الأمثل، بين مؤيد ورافض للخيارات الأربع: البعدي والحضوري والسنة البيضاء وتأجيل الدخول المدرسي، فإنه يحسب للوزارة تأمين الحق الأساسي في التعلم كيفما كانت الظروف، ويحسب لها أيضا، في زمن يصعب فيه الحساب، إعمال المقاربة المجالية في إختيار النمط التربوي الملائم من خلال تخويل السلطات التربوية الإقليمية والجهوية الصلاحيات الكاملة للحسم في السيناريو الملائم والذي يستحضر الوضعية الوبائية والخصوصيات المجالية والتربوية”.

وختم أوزين تدوينته بالقول: “خيارات صعبة في زمن صعب تجاذبت فيه الأولويات: الصحة والتعليم،  وكيفما كان الإختيار فإنه لايمكن أن يحظى بالإجماع والقبول، زاد من تعقيده هوس الوباء ممزوجا بهاجس التربية،  ويبقى الأهم مادامت الخيارات بعيدة عن التطابق، هو أي مضمون وأي تتبع وأي آلية لإنجاح التلقين والتدريس في كلا الخيارين؟ وهذا ما يحيلنا على السؤال الجوهري: فإذا كان التعليم عن بعد يعتبر إختيارا إضطراريا في زمن الإستثناء، بغض النظر عن جوانب النقص فيه، فإن بعد التعليم هو السيناريو الأخطر. وهذا ماوجب الإنتباه إليه والعمل على تلافيه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى