كورونا والعيد .. مهن موسمية تتحدى الفيروس

محمد منفلوطي_ هبة بريس

رغم برودة أجواء استقبال العيد لدى كثيرين ممن كانوا يسابقون الزمن لاقتناء أضحية العيد وتوفير مستلزماتها من ألفها حتى يائها، ورغم أجواء الترقب والحذر من تفشي عدو خفي يتسلل خفية في حين غفلة من ضحاياه، وفي زمن كورونا وتداعياته المرعبة كهادم للذات وكمفرق للجماعات حتى في عز اللحظات، رغم ذلك كله، لازال الكثير من الشباب العاطلين عن العمل يبحثون عن لقمة عيش كريمة، محافظين بذلك على طقوس العيد عبر امتهانهم لمهن موسمية، فمنهم من حول بعض الشوارع والأزقة وحتى الأحياء السكنية إلى أمكنة مخصصة لعرض علف أضاحي العيد ومستلزمات الذبيحة، وكلهم أمل أن يستيقظوا على غد أفضل ينسيهم كوابيس كورونا وتداعياتها المرعبة.

شباب آخرون اختاروا طريقة أخرى لكسب الدريهمات، فنصبوا أنفسهم حراسا للأسواق وعلى مواقف السيارات، ارتدوا جيليات صفراء، ببادجات غير مفهومة، ليستوقفوا السائقين مع ارغامهم على أداء واجبات المرور وكأنهم يفرضون حالة من التجوال، مع العلم أن الكثير من أصحاب السيارات لم يلجوا باب السوق أصلا ولم يقوموا بالتسوق داخل أروقته ذنبهم الوحيد هو مرورهم بمحاذاته.

مهن أخرى لاتختلف عن سابقتها، تتعلق بالبيع بالمزاد، أو ما يطلق عليها ” الشّناقة”، وهي عبارات تصادفك وأنت تلج سوق المواشي بحثا عن أضحيتك، عبارات وكأنها تحمل في طياتها إشارات تحذيرية من سقوط المرء في قبضة هؤلاء المحترفين.

العيد في زمن كورونا، بدوره لم يخل من هذه الممارسات، فحسب آراء العديد من المواطنين، فقد تحولت معظم الأماكن المخصصة لعرض أضاحي العيد، إلى ملتقى للشناقين الذين يمارسون ابتزازات و مساومات على العارضين لإجبارهم على بيع معروضاتهم تحت طائلة البيع بالمزاد العلني مساهمين في الرفع من لهيب الأسعار بطرقهم الاحتيالية، إذ ينطلقون في تبادل المعلومات المتعلقة بالأسعار فيما بينهم هاتفيا، وبعدها يلجؤون إلى شراء أعداد كثيرة من الأكباش في الساعات الأولى من الصباح ليعيدوا بيعها إلى المواطنين، وقد تباع الأضحية لأكثر من مرة واحدة، و يسلك بعضهم أسلوب الشنق الاحتيالي في بعض الأحيان حيث يعمد إلى إضفاء نوع من الجودة المزيفة على خرفانهم.

حتى في زمن كورونا، تبقى مثل هاته المهن الموسمية صامدة، وتأخذ صورا متعددة، منها ما يقدم أصحابها خدمات جليلة للمواطنين وتخفف حجم الأعباء عنهم، وهي مهن يستحق أصحابها الشكر والثناء على ما يبذلونه من مجهودات لمكافحة شبح البطالة والعطالة والروتين اليومي، ومنها ما تأخذ أبعاد أخرى غير سابقتها، بعد أن يعتبرها أصحابها مطية لتصريف مشاكلهم وهمومهم وعطالتهم على حساب الأبرياء، فيعمدون إلى طرقهم الاحتيالية لكسب دريهمات على حساب البسطاء، وهو أمر مرفوض يتنافى والقيم والأخلاق وحساسية الوضع الاستثنائي التي تمر منه بلادنا كسائر بلدان العالم، مما يتطلب تقوية العلاقات الاجتماعية وتقديم يد العون في زمن الأزمات بعيدا عن منطق الربح ولو بأساليب احتيالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى