سلسلة أطفالنا انتظاراتنا
عبد اللطيف مجدوب
تروم ” سلسلة أطفالنا انتظاراتنا ” ؛ المندرجة ضمن علم النفس التربوي Educational Psychology ؛ تسليط الضوء على ظواهر وحالات باتت بالكاد تسكن أسرتنا المغربية ، وتشغل بال الكثيرين من أمهات وآباء وفاعلين تربويين واجتماعيين .. بل ؛ وفي أحيان كثيرة ؛ تؤرق راحتهم وتلقي بظلالها على مستقبل أفراد الأسرة الواحدة .
هذه الظواهر والحالات التي تأوي منازلنا ، أتت فكرة عرضها ومناقشتها في سياق عالم مضطرب بقضايا عميقة ، يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي والتكنولوجي والحقوقي .. عالم لا سبيل لمعايشته والتوافق مع قيمه إلا بالمعرفة والتعرف إلى حقيقة الوضعيات ومحاولة تدبيرها وعلاجها بأناة وروية وبعد نظر ، بعيدا عن الارتجالية الفجة والفكر المتحجر الغوغائي أو المنساق مع الوجدان العاطفي ، مع الاستئناس ؛ في آن واحد ؛ بخصوصيتنا الثقافية التي تحبل بها عاداتنا وتقاليدنا وكذا أعرافنا .
وسترافقنا ؛ في هذه العروض ؛ لغة ميسرة هي وسط بين الأكاديمية الصرفة وبين الوظيفية التي يقرأها ويعيها الجميع .
نماذج من الظواهر النفسية التربوية
فيما يلي نسطر نماذج من القضايا والظواهر والحالات النفسية التربوية التي نقترح تداولها ومناقشتها ، وماهية الجرعات التربوية الكفيلة للحد من جموحها والوقاية منها .
* الطفل المشاكس ؛
* الطفل المدلل (ولد الفشوش) ؛
* الطفل العدواني والألعاب الإلكترونية ؛
* الجهازين العصبي والنفسي والألعاب المنزلية ؛
* الطفل الشارد ( ضعف الانتباه وتشتته ) ؛
* الطفل المتمدرس ؛
* تلبية حاجيات الأطفال ( ما لها وما عليها ) ؛
* العلاقة بين المدرسة والطفل والأسرة ؛
* الطفل ومراقبته ؛
* الطفل بين أبويه (من هم ، وأينهم ) ؛
على أن سيكون للأسرة المغربية خط تواصل لعرض عينات من الحالات التي تعيشها مع أبنائها – مع احترام خصوصية كل منها – والاقتصار على علاج الحالة ؛ بشكل عام ؛ دون الخوض في تمظهراتها التي تختلف من أسرة إلى أخرى تبعا لعدة متغيرات اقتصادية واجتماعية وتربوية ..
1- الحلقة الأولى الطفل المشاكس
من هو الطفل المشاكس ؟ دون أن نغرق القارئ في متاهات مفاهيمية أكاديمية ، سنكتفي بالنظر إلى المفاهيم في ضوء ثقافتنا العامة ومدلولاتها عند هذه الأسرة أو تلك . فالطفل المشاكس هو (اصْليب) ومصدر (اتشيطين) ، المتعنت الكثير الحركة في اتجاه الاصطدام بالآخرين ، كانوا إخوة أو أصدقاء أو رفقاء المدرسة أو الحي ..
وتحدد المشكلة في الصعوبة التي تواجه الأبوين والأستاذ لوضع حد لهذه المشاكسة (والبسالات) والتحكم في مصدرها .
أخطاء شائعة
يلجأ عديد من الأسر إلى أقرب الوسائل للتخلص أو الحد من “بسالات” ابنهم المشاكس ، إما باللجوء إلى العنف والقمع أو إنزال عقوبات مادية/جسمانية/نفسية في حق طفلهم المشاكس ، والبعض منها يرى في “حرمانه” من حاجياته الوسيلة الناجعة لردع سلوكاته المتعنتة وحمله على الالتزام بالنظام والانضباط ، والذي غالبا ما يتماشى ويتوافق مع ميول ونزعات أحد الأبوين أو الأخ الأكبر .
وهناك مراحل سيكوتربوية يجتازها الطفل ؛ تتسم في ظهورها المبكر بالحيوية والاندفاعية ، وحاجة الجسم للنمو وصرف الطاقات المختزنة … إن داخل المنزل والشارع أو المدرسة وداخل الصف تحديدا ، فقمع هذا النشاط الحيوي هو ؛ في واقع الأمر ؛ صد أو اعتراض لنمو لشخصية الفتى وخنق لامتداد نشأته الوجدانية الجسمانية والاجتماعية ، فالأب الذي يتأفف من أسئلة ابنه المتكررة كمن يقتل فيه حب المعرفة وحاجته إلى إدراك ماهية الأشياء من حوله ، بلغة واضحة لا لبس فيها ، ولا هي معتمة أو تجنح إلى التحريف والكذب .
اقتراح مداخل لعلاج الظاهرة ( الطفل المشاكس )
هناك مسارات استراتيجية تحفظ للطفل حيويته ونشاطه ، وتصونها من الزلل والقمع ؛ تقوم أساسا على عدة مداخل أهمها :
* تربية الطفل على تحمل المسؤولية ، كأن تسند إليه مهام توضيب غرفته أو إحصاء حاجياته أو إشراكه في الإدلاء برأيه بخصوص نازلة أو برنامج أو ألعاب إلكترونية تستقطب اهتمامه ؛
* إسناد مهمة إعداد أطباق المائدة ؛
* توظيف المكافأة في حمله على الاضطلاع بمهمة كقراءة قصة أو تلخيص لعبة إلكترونية أو تحقيق نتائج تربوية نوعية ، داخل الصف الدراسي ؛
* مشاهدة مقاطع فيديو لأطفال بغرض الاستئناس بتجربتهم واقتفاء مواقفهم وسلوكاتهم كقدوة أو نموذج للاحتذاء ؛
* كما يمكن للأستاذ ؛ داخل حجرة الدرس ؛ أن يتولى التلميذ المشاكس بإناطته بمهام داخل وخارج المدرسة ؛ كتوزيع الكراريس أو إحصاء غياب المتعلمين أو تولي قراءة تلخيص لما شاهده بالشارع والمدرسة أو المنزل .
الحلقة القادمة الطفل المدلل (ولد لفشوش)