في ظل الأزمة الحالية.. طلبات العروض بالمغرب تدخل مرحلة الجمود

هبة بريس – الدار البيضاء

أدى إعلان حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي إلى اندلاع أزمة اقتصادية غير مسبوقة في أزيد من نصف دول العالم، الشيء الذي نتج عنه توقف شبه تام لنشاط المقاولات في كل القطاعات.

ومن أجل مقاربة وقع هذه الوضعية على الديناميكية الشاملة للاقتصاد، أنجزت البوابة الإلكترونية المتخصصة في نشر طلبات العروض العامة والخاصة “سوديريس” باشتراك مع مكتب دراسات التسويق دراسة تحليلية حول التوجهات العامة لنشاط إعلان طلبات العروض في المغرب خلال فترة الأزمة، و بناءا على ذلك، قامت باستشراف التطورات المرتقبة لهذا النشاط في مرحلة ما بعد الحجر الصحي وعودة الحياة الطبيعية.

بهذا الخصوص، ونظرا للوقع المُشِل للحركة الذي ميز الأزمة الصحية، فقد لوحظ، بشكل قبلي، أن الآثار كانت متفاوتة حسب مختلف القطاعات والبلدان، غير أنه من المؤكد أن الوقع الشامل للأزمة أحس به الجميع، إذ اتخذ شكل انتشار موجة صدمة كاسحة لم يسلم من تأثيرها أحد، و أدت إلى توقف الديناميكية الكلية التي تقود النسيج الإنتاجي على الصعيد العالمي، و في المغرب، كنتيجة لذلك.

ولكي تكون هذه الدراسة معبرة عن سلوك الفاعلين الاقتصاديين بالمغرب، فقد تم اعتماد تقييم يرتكز على مقارنة المعطيات المتوفرة على مدى فترة 12 شهرا، مدعومة بمقارنة تفاعلية لنتائج “سوديريس” الأسبوعية، وعلى معطيات متأتية من مصادر أخرى، الشيء الذي مكن من مطابقة المعطيات التي تم تجميعها حول مختلف القطاعات والجهات.

وخلصت الدراسة إلى أن التوجه العام البارز خلال هذه الفترة هو الانكماش التام للعرض والطلب في جميع قطاعات النشاط، حيث كشفت الدراسة عن وجود توجه انخفاضي ملحوظ في مجال الإعلان عن طلبات العروض، مبرزة أن الوقع المدمر للأزمة كان جليا منذ بداية فرض حالة الطوارئ الصحية، أي ابتداء من منتصف مارس 2020، إلا أن انخفاض إعلانات طلبات العروض لم يكن بنفس الشكل على مستوى جميع فروع النشاط، و قد بدأ الشعور بالانخفاض حسب القطاعات انطلاقا من 15 أبريل من نفس السنة.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذا التوجه عرف تفاوتا ملحوظا كذلك بين مختلف جهات المملكة، علما بأنه تميز، بشكل عام، بمعاودة نشاطات خجولة على مجموع التراب الوطني انطلاقا من بداية مايو.

في هذا السياق، تميزت الجهة الجنوبية بانطلاقة ديناميكية أعادت الارتباط مع الوضعية التي كانت عليها قد أزمة كوفيد-19، فيما تراوحت نسبة معاودة نشاط نشر طلبات العروض في باقي المناطق بين 60 و75 في المائة خلال نفس الفترة.

وبشكل عام، حسب ذات الدراسة، يمكن القول بأن إعلان طلبات العروض سيعود بشكل تام إلى مستوياته العادية خلال يونيو 2020، كما خلصت الدراسة إلى أن التراجع كان أقوى في قطاعات البناء والأشغال العمومية والدراسات والاستشارة، فيما كان الأثر منخفضا خلال فترة التحليل في قطاعات “المعلوميات والاتصالات والكهرباء والإلكترونيات والتجهيزات المكتبية” (- 27%) وفي القطاع الفلاحي (- 23%).

ويتضح من هذا التحليل المقارن أن المنحى الارتفاعي لنمو الطلب سينعم بالاستقرار ابتداء من شهر يونيو، و يشير التوجه الثالث الذي يتجلى من هذه الدراسة إلى أن معاودة ارتفاع النمو ستتأكد بالنسبة لمجموع القطاعات خلال 30 يوما المقبلة، أخذا بالاعتبار أن الفترة الممتدة من 15 مايو إلى 15 يونيو ستكون حاسمة في تحديد خط التوازن المناسب الذي سيؤكد هذا التوجه.

خلاصة القول وبشكل عام، يتضح من هذا التحليل أن الطلبيات العمومية ستستمر في تشكيل الرافعة الأساسية المؤثرة والمهيمنة بالنسبة معاودة النشاط، الشيء الذي يعكس السيطرة على الأزمة الصحية وتداعياتها، وبالتالي، إقلاع الاقتصاد الوطني، و كنتيجة لذلك، يرتقب أن تولي المقاولات اهتماما خاصا لتتبع ورصد إعلانات طلبات العروض العمومية، باعتبارها عاملا حاسما في إطلاق مسلسل متحكم فيه لمعاودة النشاط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى