كورونا يرسم الخط الفاصل بين “التعليم الخصوصي” و”التعليم اللصوصي”

محمد الشمسي

حفر كوفيد 19 برزخا عميقا ما بين “تعليم خصوصي” فاضل كريم متأصل شريف، من عفة أهله تحسبهم أغنياء، وهم كذلك أغنياء بالوعي والحكمة والحس الوطني والإنساني، هذا التعليم الخصوصي السخي أثبت أنه معطاء في الابتلاء كما في الرخاء، وما بين تعليم ثقب “قناع الخصوصي” واخترقه ليخرج على التلاميذ والآباء والأمهات ب “الوجه اللصوصي”، فاقدا لبوصلة التربية والتعليم، متاجرا في التهذيب والتأديب بلا أدب ولا حمرة خجل، فجاء كورونا ليرفع عنه “الكمامة”، ويكشف سوءاته وفواحشه، وبرز هذا التعليم انتهازيا استغلاليا منذ الساعات الأولى من اشتمامه رائحة “وليمة” صندوق التخفيف من الجائحة، حيث زحف سربه على البطن والظهر، مندفعا للانقضاض على ما تيسر له من صيد نجس وسخ، مُصْدِرا بيانه المشؤوم الذي جهر فيه بالسوء، وأبان عن نقص حاد في المروءة ومحاسن الأخلاق وجميل العادات وهي”فرض عين” لكل مؤسسة تحمل “التربوية والتعليمية” اسما وصفة.

شاءت الأقدار أن يُظهِر و يُشِيع فيروس تافه مقيت آيل للزوال، خزي هذا”التعليم اللصوصي” وعاره، فلكم انتحب الآباء والأمهات من ذي قبل، وبكوا وشكوا شرهه، دون أن تجد صيحاتهم صدى أو آذانا، لكم قالوا إنه يجري ابتزازهم واستلاب أموالهم داخل تلك “المدارس” بالخداع والمراوغة، تحت مسميات وهمية صورية من قبيل “واجب إعادة التسجيل” و”واجب التأمين”، بمبالغ مالية كبيرة بلا فاتورة ولا تبرير، و يذعن المساكين ويستكينون لحكم وقرار تلك المدارس إذعان الجبناء حينا، واستكانة البلداء حينا آخر.

ولأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، فإنه لا ينبغي التفريط في عظة هذا الدرس وحكمته، ولا يمكن للذاكرة أن تنسى أو تُفَوت ل”آل التعليم اللصوصي” خرجاتهم وبياناتهم وبلاغاتهم التي سخّروا فيها اللغة بنحوها وصرفها وتحويلها للتنابز بالألقاب و تهديد التلاميذ وإجبار ذويهم على تسليمهم ما في جيوبهم كما يفعل قطاع الطرق في زمن ” رعاة البقر” في أمريكا.

سنحاسبهم منذ السنة الدراسية المقبلة عن كل “درهم” يترصدوننا للسطو عليه من جيوبنا، ويغنموه حراما من لامبالاتنا، سنحتكم معهم للقانون ،”فالمال مقابل التعليل والفاتورة”، مع إلزامهم بمراجعة الواجبات المدرسية التي لا يبذلون فيها كثير مشقة، فأطرهم إما مستقدمة من التعليم العمومي أو هي بدون تكوين في المعاهد المتخصصة، ومقرراتهم تملأ أسواق الكتب كالجبال، هم يبيعون فقط “صباغة الحيطان” وبأغلى الأثمان، وإلا فحسبنا مدارسنا العمومية التي أنجبت منصف السلاوي قاهر الفيروسات ومخترع اللقاحات، وكمال الودغيري عالم الفضاء المغربي في وكالة الفضاء “ناسا”، ومرابط الخمار مدير الأمن والسلامة النوويين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكريم التويجر خريج كلية الحسن الثاني للطب والصيدلة وهو أفضل طبيب في نيويرك ، والشابة سارة بلالي خريجة كلية بنمسيك بالدارالبيضاء هي ركيزة من ركائز فريق البروفيسور راوول ديدييه، وغيرهم كثير…

لقد طال الغش العملية التربوية عندما داهمها” اللاهثون خلف الربح”، ممن تشابهت عليهم عجول البقر، بصغار البشر، ورحبة السوق بساحة المدرسة، حتى بات لدينا ” تعليم خصوصي” يستحق التمجيد، و”تعليم لصوصي” يستحق العقاب.

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. مقال لمح للخطوط العريضة للمشاكل التي تعيشها الاسر مع التعليم الخصوصي وترك التفاصيل للجميع كل وهمه مع احدى المؤسسات التي استاسدت بتاتيرها في القوانين المؤطرة لها في غياب لتمثيلية للاسر المهمشة من طرف الوزارة اولا لانعدام قانون ينظمها ويحدد مجال تدخلها مع اجباريتها في كل المؤسسات ، مؤسسات خصوصية تركب على الادغان دون ولو حيز صغير لاراء الاسر ، فهي لا تقبل اي راي يخالف قراراتها بل وتعتبره نشازا قد يدفع صاحبه ثمنا من مسار فلذات كبده
    اما النتيجة فهي من ضرب الحظ

  2. والله سلمت وغنمت وحفظك الله بما حفظ به الذكر الحكيم ، ربي قَوِّ أزره واشدد عضضه واجعل كلماته في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، اللهم اجعل قلمه سيفا لنصرة الغافلين مثلنا حتى نُفيق ، اللهم ارحم والداه اللذان رباه كي لا يخاف في فول الحق لومة لائم . اللهم انصرنا على القوم الظالمين ، وشكرا

  3. لك الحق في مقالك.
    في القادم من الايام ستنقشع الغشاوة.
    ردوا الاعتبار للمدرسة العمومية…

  4. تحليل صائب فلقد استلبوا منا اموالا ضد إرادتنا لاعوام عديدة دون أن نلقى الاذان الصاغية لردع هذا الغدر الماكر.لقد ظهر الحق وسيزهق هذا الباطل الذي لطالما استغله أصحاب الشارة قصد الربح السريع على حساب الضعفاء وغير الضعفاء لمص دمائهم دون خجل ولا خوف. لقد كشف هذا الوباء عن حقيقة التعليم الخصوصي في البلاد ومدى مردوديته ونجاعته. شكرا لكل جاهر بالحق مناهض للانتهازية وعدم الشفافية وعدم روح الوطنية والمسؤولية.

  5. الله يرحم ليك الوالدين تنصل وزيرنا ولم يقدر على مقاومة اللوبيات اللدين هم أمامه خلال تلك الاجتماعات وأمسك العصا من الوسط وتركنا تاءهين بين مطرقة الحظر حيث لا يمكن تنظيم وقفات احتجاجية أمام المدارس من جهة ووصد الابواب في وجوهنا من طرف أصحاب الشكارا والجشع فخرجت علينا اخي الكريم بهذا المقال الدقيق عله يشفي غليلنا ويمكننا من القول أنه مازالت هناك أناس فيهم خير لهذه البلاد لان منتخبونا وبرلمانيونا تخلوا عنا.

  6. السي الشمسي لقد وضعت يدك على الجرح وقد أصابه ما أصابه من التعفن وان الوقت للبتر او ان يصيب العفن باقي الجسم
    لقد تطرقتم للموضوع بشمولية ودقة في نفس الوقت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى