صحيح منصف السلاوي : عريس البحث العلمي

محمد الشمسي

يحق للمدرسة العمومية المغربية أن تفتخر وتتباهى بالتلميذ والطالب والدكتور منصف السلاوي الذي نهل أبجديات العلم فوق طاولاتها في زمن الريشة والمحبرة وما قل من الكتب والدفاتر مع كم هائل جارف من الرغبة في المعرفة من أستاذ يقطر علما، وتلميذ يتلهف شوقا لهذا العلم، فاكتملت الصورة، يحق للمدرسة العمومية المغربية أن تظهر للعالم أجمع جودة غلتها ونجاعة منتوجها، عندما كانت مدرسة إذا فتحتها أغلقت سجنا، قبل أن تلفظ أنفاسها بلا شهادة، ولا يتم حتى إكرامها بالدفن، وبقيت جثة ممزقة أسيرة بين حيطان شبيهة بمكان سوق أسبوعي في إحدى البوادي بعدما افرنقع أهل السوق وباعته، وحلت محلها مدارس خصوصية تبيع نسخا مزيفة من العلم، لا يسمن ولا يغني من أمية ولا من جهل.
أطل علينا عالِمنا المغربي منصف السلاوي من خلال القناة الثانية ليلة الجمعة، وهي سابقة لهذه القناة التي تخصصت في تتبع آثار “الشيخات والبنادرية والطعارجية والكوامجنية والكنابرية” وكل من انتمى إلى طائفة أنكر الأصوات، واختزلت الأبطال والبطلات في “الرقص على وحدة ونص”، تريد أن تخلق من تفاهاتهم أشياء تنفع بها الناس بهتانا، أطل علينا عالِمنا ليروي لنا أحاديثه الصحيحة صحة مطلقة متنا وسندا، وعندما يتحدث العلماء تنصت آذان التاريخ ، فنبش الرجل في ذاكرته ليؤكد لنا مغربيته القُحّة التي جادلنا فيها بعض الحاقدين ونازعونا فيه مثلما نازعونا ظلما في غيره من الشخصيات، أوضح هذا العالِم المغربي الرفيع خطورة وباء كورونا لمن بات يساوره شك في مدى حقيقة الوباء أصلا، بعدما نجا بفضل من الله، صرح منصف السلاوي أن اختراع لقاح لوباء استغرق 27 سنة في السنوات الخوالي، لكن اختراع لقاح لفيروس من حجم وصنف إيبولا تطلب ستة أشهرفقط، مُرجعا هذه القفزة إلى الطفرة التكنولوجية التي اختصرت المسافات والأزمنة على الأدمغة، وقياسا عليه تفاءل الرجل بصنع لقاح كوفيد 19 في غضون سنة واحدة أو نصفها، مؤكدا أنه فخور كعالِم عالمي مغربي بأن يعينه الرئيس الأمريكي على رأس نخبة من العلماء لأجل الإعداد لتركيب اللقاح المضاد لهذه الجائحة.
من أصدق ما رواه منصف السلاوي هو تفريطنا في فرض وواجب هو في لب وفي قلب الدين الإسلامي، وهو فرض العلم ووجوب طلبه، وتحمل مشقته بصبر وثبات وإصرار، فالعلم ثروة واكتساب العلم كسب للعالم أجمع، أوصانا منصف السلاوي أن نطلب العلم الذي ننفع به الناس، وليس أن نحترف أشباه علوم لا تقود إلا إلى التفرقة وتمزيق الأمة، فلا خير في أمة تملأ بطونها من ما تصنعه أمم أخرى، وتنتظر غيرها من الأمم لتخيط لها ملابسها الداخلية… ولا خير في حكومة تخصص للتعليم والثقافة والمعرفة والبحث العلمي ميزانية أقل بكثير مما تخصصه لجمع النفايات، ولو استثمرت في العلم لاستثمرت في الإنسان الذي يعفيها من هضاب الأزبال.
شكرا لك أيها العلامة البارع الفقيه العارف، المتمكن المتواضع، على الاقل نشعر بالعظمة والزهو ونحن نقدم للإنسانية كل هذا الصنيع وهذا العطاء، بدون تعصب ولا كراهية ولا ميز، شكرا لك على صحيحك يا منصف، يا عريس البحث العلمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى