ابتهاج وزغاريد في صفوف العالقين المغاربة بعد ترحيل الدفعة الأولى نحو أرض الوطن

هبة بريس _ يسير الإيحيائي _
ها قد إنتهت محنة العالقين المغاربة بالديار الإسبانية، وانتهت بنهايتها مأساة الآلاف بعد ثلاثة أشهر من الإغتراب الإجباري والبعد عن الأبناء والأحباب، فتمة ولادات حديثة ستحتضن لأول مرة ووفيات للأسف الشديد لم تلقى عليها نظرة الوداع الأخيرة بسبب ظروف الجائحة التي حالت دون ذلك.
حالات أخرى كتب لها أن تموت وتدفن في إسبانيا مرغمون ذووها وليسوا أبطالا، بعدما تعذر نقل الجثامين إلى أرض الوطن، وهنا أستحضر وفاة مواطن مغربي يحمل بطاقة الإقامة لكن عنوان سكناه الإعتيادي في تطوان ،فالظروف أقوى بكثير من وزارة الجالية ومن القنصليات بل حتى من المؤسسة الديبلوماسية التي ترعى شؤون مواطنيها في دول الإستقبال وتدافع عن مصالحهم أحياء كانوا أو أمواتا.
تلك وغيرها من المآسي والمعاناة التي عاشها السياح المغاربة بعدما تقطعت بهم السبل ووجدوا أنفسهم عالقين بدول ليست بأوطانهم، ولغات ليست بألسنتهم، وبيوت ليست بمنازلهم، فكل شيئ يهون في سبيل الحفاظ على الوطن ،وسيذكر التاريخ باعتزاز وفخر ولو بعد حين مساهمات هؤلاء  وتضحياتهم التي لا يمكن أن يستخف بها أحمق ولا عاقل.
الحديث والإعتراف بتضحيات العالقين المغاربة في الخارج لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصلها عن جهود أبطال الظل الذين قاموا بالمواكبة المستمرة لهؤلاء طيلة فترة الطوارئ والحجر الصحي ، ففي  الوقت الذي  كان  فيه الجميع لا يبارح منزله سوى مرة في الأسبوع من  أجل التسوق  ، كانت السيارات الرسمية ذات  اللوحات  المعدنية  الخضراء  والحمراء (CC_50) تجوب الشوارع الإسبانية دون إكتراث بالمخاطر، حيث كانت تقوم بعمليات توصيل المواد الغذائية والأدوية إلى كل المدرجين في اللوائح القنصلية الذين إستفاذوا من الإيواء داخل شقق مجهزة ، ورغم الإنتقاذات وحملات التشويش المتعمدة واصلت هذه المؤسسات التمثيلية عملها دون إنقطاع ولا ملل إيمانا منها بأن الأمر ما هو سوى سحابة صيف عابرة تستدعي تضافر الجهود بين مختلف مكونات الوطن، ولن نكون مبالغين إذا ما قلنا أن هناك قناصلة آثروا خدمة العالقين على حساب فترة راحتهم حتى صاروا يشتغلون ليلا ونهارا وطيلة أيام الأسبوع بعطلتيها، وظل هاتفهم مشغل لإستقبال كل الحالات دون إستثناء، لا بل خرجوا في أوقات متأخرة من الليل لمعالجة بعض المشاكل التي كانت تقع بين أبناء الوطن الواحد الذين لمت شملهم ظروف الجائحة تحت سقف واحد.
ولا أكاد أنسى أن احد القناصلة العامون إستوقفته الشرطة الوطنية في الأسبوع الأول لفرض حالة الطوارئ حيث كانت الشوارع الفارغة تماما تشعرك بأنك في مدينة أشباح، وسألته إلى أين المسير؟،فرد بكل ثقة في النفس أنه متوجه لزيارة العالقين في شققهم،ثم سأله آخر من نفس الدورية : أتشتغلون في هذه الظروف الوبائية؟ تبسم الرجل وقال مبتهجا : لدينا مواطنون عالقون ينتظرون منا دعما نفسيا ومعنويا.وما وجدنا في هذه المناصب إلا لخدمتهم ، فتعجب الشرطيان لقوله وطلبا منه مواصلة المسير ، هذه هي حقيقة الأوضاع التي عاشها العالقون والمسؤولون على حد سواء.
وقد أصبح هذا الملف قاب قوسين أو أذنى من الإنتهاء، لا بد لنا أن ننوه بروح المسؤولية التي أبان عنها العالقون المغاربة طيلة هذه الفترة،ونرفع القبعة لأولائك الساهرين على المواكبة الدائمة والمستمرة حتى عاد هؤلاء إلى أرض الوطن سالمين من كل شر ومكروه.
وكي لا تغضب النساء اللائي كان لهن دور مهم في نجاح عملية المواكبة، يجب التنويه الخاص بالمجهودات التي قامت بها السفيرة “كريمة بنيعيش” منذ بداية الأزمة، وللأمانة والتاريخ نشهد أن هاتفها لم يخرج عن الخدمة ليلا ولا نهارا وفي كل الأوقات، ولطالما تفاعلت بشكل جدي وفوري مع بعض نداءات الإستغاثة التي توصل بها موقع “هبة بريس ” بخصوص العالقين في مختلف المدن الإسبانية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنهم المغاربة أهل الشهامة والمسؤولية وحب الوطن والمواطنين بإسمي وباسم كل مغربي حر نشكركم جزيلا الشكر ونتمنووا التوفيق لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى