عظيم سلامنا لجيش “النيطويوغ” في زمن كورونا

محمد الشمسي

كان كل الناس ولازال جلهم يسمونهم ب”موالين الزبل”، علما أن هؤلاء الناس في الحقيقة والواقع هم”موالين الزبل” الأصليون ومنتجوه، أما هم فجامعو أزبال الناس، وساترو عيبهم، هم جيش ألفنا مروره في الحي خلف شاحنة مهترئة تعصر الأزبال عصرا، فتذهب بالقشور وتنفث سوائل مسمومة.
حين دب دبيب الجائحة، وانتشر الرعب في الأفئدة، بات كل شيء مثار ريبة في أن يتخذ منه كورونا ملاذا ومستقرا، كنا نتناول من الخضار والبقال الطلبيات فنرشها رشا في مدخل البيوت، أما أكياس القمامة وحاويات الأزبال فتضاعفت الشكوك حولها، نحملها بتقزز وقشعريرة ونقذفها في جوف حاوية عملاقة إلى أن تصل كتيبة من “النيطويوغ”، رجال لا يعافون أزبالنا ومخلفاتنا، يجمعونها بتفان وإخلاص، دون غش أو خداع، يرمونها في قلب الشاحنة وتمضي الشاحنة والعمال عالقون على جنباتها أو في مؤخرتها، في مغامرة متكررة ومسترسلة ودائمة.
لا يرتدون لباسا واقيا لا من الفيروسات ولا من البكتيريا ولا من الروائح المقرفة، لا يضعون قفازات ولا أقنعة ولا ينتعلون أحذية خاصة بتلك المهام الشاقة، ليس لهم طبيب مختص يكشف عنهم، ولا تأمين يخص مخاطر محيط تحيط به كل المخاطر، الشركات الجديدة غيرت لهم ألوان الملابس دون أن تغير لون واقعهم الأسود القاتم، نمضي بقربهم ولا نسأل،كم هو راتبهم؟، كيف هي ظروف عملهم؟، كيف هي الحياة في غيبتهم؟، هل تلتزم الشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة بكناش التحملات ؟، و هل يتضمن هذا الكناش ما يصون لعامل النظافة كرامته وحقوقه وصحته؟، أم أن السلطات المختصة أحالت أوراق عمال النظافة على التجمعات النقابية وتركتهم ما بين تكتيكات النقابة وجرافة الشركة؟…وإذا كانت من بنود تحمي هذا الكائن فهل هي على سيبل إلزام الشركة تحت طائلة فسخ عقد التدبير أم أنها مجرد توجيهات مهادنة بعبارات أليفة ولينة من قبيل “ينبغي ويتعين ويمكن ويجوز …”؟، ثم هل قدمت السلطات المعنية الشباب والرجال لقمة سائغة لشركات جمع الأزبال تعاملهم معاملة الحاويات وسلال القمامات؟، هل دافعت عقود التدبير المفوض عن راتب العامل وحددته في مبلغ لا يمكن الهبوط عنه، وأقرت زرع الروح فيه فيتحرك كلما دارت الأعوام ولا يبقى مثل جبال أزبال المطارح؟.
براتب يتأرجح بين الضعيف جدا والضعيف، يستهل “عامل النظافة” غمار العمل في أجواء غير نظيفة، وتحت وابل من الشعور ب”الحكرة “، يكون على “جامع الازبال” أن يمتلك قلبا واسعا وفضفاضا يتسع لمهانة من يعامله “بحال شي زبل” ــ معاذ الله ــ، في ما يشبه رحبة “تجارة العبيد”، حيث يستغل “أعداء الإنسانية” وفرة اليد العاملة وتضخم سوق البطالة، و وهن الاقتصاد الهش المنهك، وضغط وثقل “كروسة الزمن” بحاجياته ومستلزماته التي لا تنتهي.
بكل احترام ووقار وإجلال نرفع القبعة ونضرب عظيم سلام لعمال النظافة، “الله يسمح لينا من شقاكم، ولا سماحة لمن باعكم وغدركم” …

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما هذا العنوان المقزز. أية لغة هذه اللتي سميتموهم بها. ألا تستطيعون كتابة : عمال النضافة.
    لهم مني كل تقدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى