النساء في زمن كورونا.. شقيقات الرجال في حماية الوطن

محمد منفلوطي_هبة بريس

إنهن شقيقات الرجال، حرائر الوطن تشتغلن في الخفاء والعلن، منهن ربات البيوت العفيفات، ومنهن الموظفات الشريفات اللواتي كرسن حياتهن لخدمة بلدهن…منهن كثيرات مرابطات بمختلف المرافق العمومية وداخل المقاولات، ومنهن على نقط التماس الحدودية، تقارعن الموت حفاظا على أمن الوطن وصونا لحدوده، إنهن شقيقات الرجال آثرن على أنفسهن خدمة البلاد والعباد بعيدا عن اللحظات العائلية..انهن النساء في زمن كورونا.

من لا يشكر الناس لا يشكر الله، أصل الحكاية والرواية هنا، الغاية منها هو رد الاعتبار لمثل هذه الطاقات خاصة وأنهن أظهرن مواقفهن النبيلة كل واحدة منهن من موقعها، بدءا من الأمهات والزوجات داخل البيوت اللواتي قمن بدور رائع في احتضان افراد عائلتهن في زمن الجائحة، صبرن على آلامعن ومعاناتهن، وكرسن انفسهن في الاشراف على متطلبات الحياة اليومية والسهر على اعداد موائد الافطار في رمضان، والتكفل بمتابعة الدروس لابنائهن في زمن التعليم عن بعد.

منهن الصحافيات والموظفات داخل المكاتب والطبيبات والممرضات من اقسام الانعاش والرعاية الطبية، منهن الاستاذات والمربيات ونساء الأمن والسلطات المحلية وموظفات المؤسسات السجنية وموظفات المحاكم والمؤسسات الاستشفائية والتعليمية واللائحة طويلة… كلهن تجدهن بقلب الإدارات العمومية، يواجهن مشاكل العمل اليومي ، يفتحن أبواب الأمل لمعانقة الحياة من جديد، يحملن مشعل الإصلاح والتغيير والقيادة، منهن الاعلامية المتمرسة والحريصة على نقل الخبر والتحقق من مصداقيته، منهن الطبيبة المكافحة التي تشتغل في ظروف مزرية من سب وشتم وإهانة في حقها.. منهن الممرضة الشريفة العفيفة التي وان قاربت على التقاعد تجدها في الصفوف الأمامية حاملة سيف النصر وبيدها ضمادة تلملم بها جراح البسطاء، منهن الأستاذة التي أخذت من إحدى أركان قسمها مسكنا له بالعالم القروي بعيدة عن أهلها وصغارها خدمة لتلامذتها، منهن الجندية المحاربة الممتدة على الرمال الذهبية تحرس كل حبة من حباتها لا تبالي لسم أفعى متربصة وعلى لرصاصة عدو طائشة.

وسط هؤلاء تعيش فئة اخرى، تختلف أدوارهن ووضعياتهن الاجتماعية عن سابقاتهن إنهن عاملات النظافة المرابطات داخل اروقة المكاتب من بينهن شريفات تعيلن صغارهن من لقمة عرق جبينهن، معرضات حياتهن للخطر بثمن بخس دراهم معدودة.

نموذج من نماذج شتى في زمن كورونا

نموذج اليوم لسيدة ومنذ الوهلة الأولى من اعلان توقف الدراسة في زمن كورونا، وضعت نفسها رهن اشارة الجميع لتتقاسم معهم ظروف العمل والاشراف على انجاح محطة التعليم عن بعد، انها الاستاذة سمية الرياحي رئيسة مصلحة الشؤون التربوية بالمديرية الاقليمية للتعليم بسطات، المرأة التي توصف بالمرأة الحديدية، تبادر بالبكور في التحاقها بعملها ولا تغادره إلا وهي مطمئنة البال مساء، عملت على انجاح محطة انتاج الكبسولات التعليمية بمشاركة مجموعة من الاساتذة الشرفاء والاستاذات الشريفات وتحت اشراف تام للمدير الاقليمي الذي بدوره قدم نموذجا رائعا لرجل الادارة بامتياز ..مقدما بذلك نموذجا يستحق التشجيع والتنويه

قد يقول قائل جاحد، أو متعنت جاهل، إن كل هذا إنما هو تطبيل وتنميق ومسحوق تجميل من كاتب المقال، ونحن نقول له على مهلك يا هذا، فهدفنا واضح ماهو إلا قول كلمة حق لانريد لاجزاء ولاشكورا من أي أحد كان، لايهمنا في ذلك سوى رضى الرب، وتشجيع الطاقات وشكر العباد، حيث من لايشكر الناس لايشكر الله.

نموذج اليوم لسيدة موظفة عينت مؤخرا على رأس مصلحة الشؤون التربوية بمديرية التعليم بسطات، تزامن ذلك ودخول البلاد في زمن الحجر الصحي والتعليم عن بعد، لم تتخل أبدا عن مهامها حضوريا وحتى عبر لقاءات تواصلية عن بعد مع باقي شركائها، تشتغل خارج اوقات العمل وبوثيرة مسترسلة، حتى حققت الأفضل…إنها نموذج لسيدات أخريات عاهدن ربهن على خدمة البلاد والعباد، عكس ممن اعتادوا من صنف الرجال على ” السليت”، لايظهرون إلا إذا كانوا على موعد مع كاميرا شوفوني.

إنه زمن كورونا، زمن الشدائد الذي أبان عن المعدن الحقيقي للرجال والنساء، وأعاد ترتيب الأوراق وتصنيف الفئات، وكشف عن زيف العلاقات والمواقف، إنه زمن كورونا الذي اختفى فيه أصحاب المصالح الشخصية الضيقة، وبقي في الساحة رجال ونساء الوطن الاوفياء للمساهمة في انجاح المبادرات والاجراءات والتدابير التي اتخذها الدولة على جميع الأصعدة..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى