المسؤولية الشاردة في مواجهة كورونا …!!!

ادريس الحبشي 

 

عندما نمر بقراءة معمقة على دينامية تفشي الوباء وأدواتها ببلادنا في ظل القرارت الاسترتيجية والسيادية المتخذة في حينها آنذاك …من إغلاق الحدود أولا….ومنع الإلتحاق بالمدارس وفرض حالة الطوارئ الصحية …وظاهرة التظامن الجماعي الذي افتقدناه نسبيا …الخ…يبقى تسجيل الحالات على المستوى المجالي جهويا ومحليا فيه نوع من التفاوت نظرا لعدة عوامل… منها الخصوصيات الاقتصادية لبعض المدن…و كذلك الكثافة السكانية…..و تنشأة و سيكولوجية القاطنين بها في تطبيق ضوابط الحجر الصحي وقبولها ….والاحترازات الوقائية والتدبيرية في تنزيلها الصحيح وفهمها كذلك …كل ذلك جنبنا الأسوأ والحمد لله…ومازلنا في مستوى معين متحكم فيه مع وجود برامج استباقية أخرى موازية كالرفع من عدد التحاليل اليومية لتفوق 10000 تحليلة يوميا..انطلاق عملية المختبرات المتنقلة كقيمة مضافة إلى الاستراتيجية الوطنية تدعيم المستشفيات والمختبرات المعتمدة الخ….كل ذلك شيء جميل لا ينكره إلا جاحد…..ويساعد على التطويق والتشخيص المبكر والعلاج المبكر…الشيء الذي أعطانا مؤشرات جد إيجابية في انخفاض الوفيات وارتفاع حالات الشفاء كما تطرقنا لذلك سابقا ضمن المنحنيات الترقبية السابقة …

و كنا نركز دائما على المسؤولية الفردية والجماعية لإنجاح كل مرحلة على حدة …و كل من موقعه جماعة وفرادى لأن نجاحها فهو نجاح لنا جميعا….ولكن يجب ان لا ننسى الاكراهات و الإسقاطات السوسيواقتصادية للركود الاقتصادي بمجال التصنيع والتجارة والتي جزء هام منهما يجب أن يستمر لاكتفاء على الأقل تلبية طلبات السوق الداخلية وللتنفيس كذلك من خسارات عدة قطاعات خصوصا الصناعية وبعض المهن الضرورية كما عملت كل الدول على ذلك…لأنه يجب ان نعي جيدا أن ما بعد رفع الحجر الصحي مسألة التعايش مع الفيروس مع فرض الضوابط أصبح أمرا حتميا و مسلما به من الآن عبر العالم و لعدة شهور…. وليس مقصورا علينا فقط…. رغم التصريحات الدولية فيما بينها والتي تدخل في إطار المزايدات السياسية والاستعراض أمام الدول المستهلكة تهييئا لفرض الذات وإيجاد موقع جديد لمرحلة ما بعد كورونا….!!! …تلك المدة قد تصل إلى السنة وأكثر إلى ان يتم اكتشاف اللقاح للفيروس في المرحلة الأولى ….وانتظار شهور أخرى لدخوله إلى المغرب عبر مساطر إدارية طويلة و كذلك وسط تهافت السوق الدولية عليه حينها ومنافسة شركات bigpharma فيما بينها وتلبية الدول المصنعة لحاجياتها أولا قبل التصدير ..!!! …لذلك فالسياقات تفرض نفسها على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية….و تفاديا التكلم او الحديث على المسؤولية الجماعية لجهات داخلية وأخرى خارجية التي تلزم الصمت عند الإيجابيات و تتربص فقط في التقاط الخطأ وتهويله دون اقتراح الحلول…وهي معروفة..!!!

ولكن ما يعنينا حاليا….و هو ما يلزم العودة إليه محليا ببلادنا و التركيز عليه… بوضوح تام وبكل موضوعية…وكذلك توضيحه في إطار المسؤولية و الانخراط الجماعي وبعيدا لأي تأويل كيفما كان نوعه….و هو فهم المسؤولية الفردية والجماعية في ظل الجائحة…وهذا ما يهمنا داخليا لكي ننجح دون مساعدة من أي كان خارج بلادنا كما فعلنا جميعا لحد الآن ونحن قادرون على ذلك واثبتناه على عدة مستويات ومجالات…
فالمسؤولية الفردية هو أن ينطلق الفرد من قناعته للوقائع ومدى انضباطه وفهمه لتطبيق الاحترازات بكل ضوابطها على الذات أولا…. وعلى المحيط كذلك …وبشكل مستمر في إطار الانخراط الجماعي ….من جهة أخرى المسؤولية الجماعية هي ملقاة على الجميع….و موزعة بين مجموعات المجتمع بكل فئاته وطبقاته وفصائله ….بما في ذلك المواطنين…ولكن لا يجب غض النظر على أن هناك مسؤولية الدولة عبر مؤسساتها التنفيدية ولجانها المشتركة الجهوية و المحلية…..و من هنا أعرج إلى مسؤولية بعض أفراد السلطة واللجن كل من موقعه في بعض المدن الموبوءة في رفع العدد الحالي نسبيا…رغم القرارات التراتبية للسلطة نفسها…!!! …

إن العدد الحالي به نسبة مهمة من المصابين الذين اصابتهم العدوى بالمصانع والأسواق التجارية الكبرى…ولهؤلاء مخالطون تحولوا إلى بؤر عائلية بالاحياء الشعبية والتي لم يكن بها عدد كبير قبل ظهور البؤر الصناعية وهو ما حدث مثلا بعمالة البرنوصي وعمالة الحي المحمدي عين السبع بالبيضاء ومدينة المحمدية التي تشكل أكثر من 60% من المصابين بالجهة كاملة …!!!….

تليها عمالة آنفا التي اغلب المصابين بها هم بالاحياء الراقية منذ بداية الوباء بالمغرب نظرا لعدة ممارسات وسلوكيات غير ظاهرة للعيان وتغيب عن أعين السلطة ..!!! والتي لا داعي لذكرها…اما باقي الأقاليم والعمالات بالبيضاء التي بها كثافة سكنية كبيرة جدا يبقى العدد ضئيل أو مقبول لحد ما ..بل هناك من الأحياء ذات الكثافة من بها صفر حالة لحد الآن …!!!!…مقارنة بالكثافة السكنية الموجودة بها وهي كثيرة و ذلك رغم عدم احترام الحجر الصحي من فئة عريضة منها…خصوصا من فئة الشباب… نظرا لعدة أسباب نلمسها ونعرفها عن قرب وموجودة بعدة مدن مغربية كذلك كطنجة والرباط وسلا ومراكش وفاس…تلك العوامل منها الموضوعي بحكم الضغط السوسيواقتصادي والاجتماعي المحض خصوصا .. وكذلك السكن الضيق أو غير اللائق أحيانا الذي لا يسمح بحجر عائلة بها عدة أفراد تفوق أكثرها عشرة أفراد وما فوق…!!!!…وهناك كذلك عامل التهور الإرادي عند فئة من المتهورون والتي سنجدها أفقية بتفاوت النسب والتي لها اسبابها منها النفسية كذلك .. وهكذا دواليك ….

لذلك نستخلص أن هناك مسؤولية السلطة كذلك…..ومسؤولية المقاولين الذين سمح لهم بالعمل دون التنزيل الصارم للاحترازات الوقائية والتدبيرية والتنزيل الصحيح لكل الضوابط والشروط….و ذلك ساهم بشكل كبير في ظهور البؤر بها ورفع عدد المصابين ونقلها للبيوت وللمخالطين…موازاة زادت من انهاك كل المشرفين والمتتبعين والمنخرطين..وكذلك الأطر الصحية المكلفة بالعلاج والتشخيص…يجب ان نكون صرحاء بأن هفواتهم وتراخيهم سبب أساسي….زيادة على المتهورين في رفع أرقام المصابين…من جهة أخرى هناك مؤسسات و التي معهود بها الصرامة في كل شيء…!!!..رفعت هي الأخرى من العدد الإجمالي للمصابين من بعض الثكنات والسجون و التي و الحمد لله تم تطويق الوضع بها بسرعة….و سببها غالبا انفلاتات فردية للبعض الذين كانوا خارج المراقبة في تطبيق الضوابط…..

وعليه يجب أن نستنبط الدروس جميعا في هاته المرحلة بالذات من التمديد…..لأن أكثر من نصف عدد المصابين لحد الآن أصلها بؤر بعض السجون وبعض الثكنات….التي غابت عنها الصرامة والمراقبة والاحتراز من البعض بسلوكيات فردية منسلة…..!!!!…و كذلك البؤر الصناعية والتجارية الكبرى التي بها شروط النظافة والوقاية المحتشمة والغير المستمرة…اننا نتفهم الضرورة الملحة في عدم اقفالها…ولكن الغير المقبول هو التراخي في تطبيق الضوابط بصرامة……والمراقبة المستمرة لها…لأن الأمر سيتفحل أكثر عند رفع الحجر الصحي التدريجي مستقبلا أن لم نستدرك الأمر الآن….لذلك لا يجب التركيز في التحسيس على جانب واحد…. أو رمي المسؤولية على جهة دون الأخرى…بل ختما هناك مسؤولية الفرد وهناك مسؤولية المقاول وهناك مسؤولية المسؤولين المباشرين كذلك في شرودهم أحيانا …أقول الشرود..و بعدة نقط بالمدن الموبوءة…راه كاين للي مالاعبش معانا… سالينا…

 

ادريس الحبشي : إطار مهندس رئيس درجة ممتازة مسؤول عن مختبرات الكمياء التحليلية والتسممات بمعهد باستور المغرب بالدار البيضاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى