تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي بالمغرب

بقلم / الحاج الكوري 

 

يعد الحق في الضمان الاجتماعي من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يتمتع بها المواطن حاليا في كل دول العالم وذلك باعتباره من الحقوق الاساسية للإنسان ولهذا السبب تم تكريسه في العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  لسنة 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 وهكذا فقد نصت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان على (حق كل شخص في مستوى من المعيشة يضمن له الصحة والمأكل والملبس والسكن والعناية الطبية كما أن له الحق في الحماية في حالات البطالة والعجز والشيخوخة والترمل وغيرها من الحالات التي يفقد فيها الشخص مصدر عيشه ) وفي نفس السياق تنص المادة 9 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن ( تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الاجتماعي ) وهكذا لتنزيل هذا الحق تم تكريسه في العديد من القوانين الوطنية والدولية وقد صدر أول قانون للضمان الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1935 وذلك لاصلاح أعطاب الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929 في الميدان الاجتماعي وتحرير الانسان الأمريكي  من الحاجة بعد الأزمة تم توالى بعد ذلك صدور القوانين الأولى للضمان الاجتماعي بعد الحرب العالمية الثانية بحيث صدر أول قانون للضمان الاجتماعي في فرنسا سنة 1945 وفي سنة 1952أصدرت منظمة العمل الدولية اتفاقية دولية تتعلق بالضمان الاجتماعي تحت رقم 102 وقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية وستدخل حيّز التطبيق في يونيو 2020 هذا مع العلم أن هذه المنظمة قد أصدرت العديد من الاتفاقيات والتوصيات الدولية حول الضمان الاجتماعي مثل التوصية رقم 131المتعلقة بمعاش التقاعد والتوصية رقم 176المتعلقة بإعانات البطالة و يعد المغرب من الدول الأوائل التي وضعت قانونا للضمان الاجتماعي وذلك بواسطة ظهير شريف صدر سنة 1959 تم تعويضه فيما بعد بالظهير الشريف الصادر في 27 يوليو1972 وهو المطبق حاليا وقد عرف العديد من التعديلات سواء على مستوى الأشخاص المستفيدين منه أو على مستوى التعويضات الاجتماعية المحددة في القانون المذكور كماصدرت العديد من القوانين والقرارات والمراسيم في مجال الضمان الاجتماعي لكن التطور الهائل الذي حصل بخصوص الضمان الاجتماعي في المغرب هو أنه لأول مرة تم الاعتراف بالحق في الضمان الاجتماعي كحق دستوري وذلك في دستور  2011، الذي جاء في الفصل 31منه مايلي ( تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبأة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في:

– العلاج والعناية الصحية (الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة..). لكن ما هو المقصود بالحق في الضمان الاجتماعي الذي وصل الى هذه المرتبة الدستورية ؟ بصفة عامة يمكن القول أن الحق في الضمان الاجتماعي هو هو حق كل فرد من أفراد المجتمع في الحماية من المخاطر التي تهدد حياته أو صحته أو مصدرعيشه. وتعمل كل دولة حسب مستواها الاقتصادي والاجتماعي على تنزيل هذا الحق لتستفيد منه أكبر نسبة من السكان وذلك بتوظيف العديد من الآليات والمؤسسات لتوفير الحماية الاجتماعية المذكورة لفائدة المواطنين من ذلك مثلا نظام التعاضديات أو التعاضد لموظفي الإدارات والمؤسسات العمومية ونظام الضمان الاجتماعي لفائدة أجراء القطاع الخاص بالإضافة إلى نظام المساعدة الطبية لفائدة بعض الفئات المعوزة كما أن التأمين الحر يقوم بدوره بتوفير الحماية الاجتماعية في حالات كالمرض أو العجز أو التقاعد ، لكن ماهي التحديات التي تواجه تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي وماهي سبل تجاوزها ؟؟ إن ما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن هو ان الفصل الأول من ظهير 1972ينص على أنه يعهد بتسيير الضمان الاجتماعي إلى مؤسسة عمومية هي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتحت الوصاية الإدارية لوزير التشغيل ومن هنا تنطلق عملية تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي ،إن طرح اشكالية تنزيل هذا الحق تعود إلى اسباب جوهرية منها:

– أن تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي هو الذي يوفر الحماية الاقتصادية والاجتماعية للعديد من الأسر المغربية عن طريق استفادتها من التعويضات المحددة في قانون الضمان الاجتماعي وهي التعويضات عن الأولاد والتعويضات عن المرض وعن الولادة وعن الوفاة وعن العجز الصحي الدائم وعن التقاعد ومعاش الوفاة والتعويض عن فقدان الشغل.

– أن تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي يتطلب تحديث عدة قوانين للضمان الاجتماعي اذ نلاحظ وجود بعض المراسيم الاساسية التي تعود الى 1960 والى 1964 وهدا يتطلب كذلك اشراك رجال القانون المتخصصين.

– أن تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي يتطلب مواجهة عدة صعوبات منها ارتفاع نسبة العاملين في القطاع غير المنظم ونسبة العمال المياومين والمؤقتين والعرضييين والموسمييين والعمال المستقلين.

– أن تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي يتطلب كذلك التفكير في وضعية المقاولات التي تواجه بعض الصعوبات الطارئة والتي تفرض عليها التسريح الكلي أو الجزئي للإجراء أو الاغلاق في حالة الضرورة وكمثال على ذلك الإعلان عن تضرر عشرات الآلاف من المقاولات من إجراءات الحد من انتشار وباء كوفيد 19 الشيء الذي يؤثر سلبا على الموارد المالية لصندوق الضمان الاجتماعي بسبب توقف المقاولة والإجراء عن دفع الاشتراكات المستحق لصندوق الضمان الاجتماعي.

– أن تنزيل الحق في الضمان الاجتماعي يتطلب تظافر كل الجهات المسؤولة بِما في ذلك اشراك السلطة المحلية وذلك لوجود بعض البؤر التي لا يستفيد فيها الأجراء من هذا الحق وهم على مقربة من سن التقاعد أو تجاوزوه.

أجل، إن قانون أو نظام الضمان الاجتماعي قد ساهم في بلادنا في توفير الحماية الاجتماعية للعديد من الأسر المغربية مند الستينات من القرن الماضي إلى الآن ولكن التحولات الراهنة وطبيعة التحديات المطروحة تتطلب الآن إجراء حوار اقتصادي واجتماعي لتنزيل شامل للحق في الضمان الاجتماعي باعتباره حقا دستوريا وذلك بمنهجية استباقية وبرؤية جديدة واقعية وطموحة.

 

الحاج الكوري أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية محمد الخامس بالرباط 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لم ارى لا ضمان اجتماعي و لا حق من من هده الحقوق المذكور في المقال، لا انا كمواطن و لا زوجتي و لا ابني الوحيد ذوي احتياجات خاصو و مرض الصرع ذو سبع سنوات لم يستفذ من اي شئ في هدا البلد، حكومة و قوانين لهم و ليس للفقراء رغم انني اعطيت من جهدي و اخلاصي في عملي الذي كنت ازاوله بعقد عمل مع المكاتب الدراسات في اطار المغرب الاخضر، منذ 2013 و انا عاطل في حرب مع لقمة العيش، فكيف لي و لابني ان يستفيد من كل هذه الحقوق، حسبنا الله و نعم الوكيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى