ليس دفاعا عن رجل السلطة .. لكن ..

بقلم كريم الخالدي

بعد أن لمع نجم رجال السلطة في ميدان المعركة، رفقة باقي الزملاء، في عمل متواصل و دائم، بروح وطنية عالية، و بقدرة قل نظيرها على التضحية و نكران الذات؛ خرجت علينا بعض الاقلام المتناثرة هنا و هناك، المعروفة و المجهولة، و التي سرعان ما سيتبين لكل عاقل ولبيب ترابطها الموضوعي، و سهامها الموجهة، و ستكشف لنا عن حملة افتراضية منظمة و منتظمة، جاءت لتنسي البعض بكل التضحيات.

أحد هذه الاقلام شخص يسمي نفسه باحثا في العلوم السياسية، الذي سلط كل سهامه من أجل جلد جسم رجال السلطة، بعصاه “البحثية” نسبة إلى صفته المقدمة كباحث. و إذا كان المعني بالأمر قد نسج محور اقواله، هاته، للدفاع عن نظرية التسلط، دون أن يعتمد فيها على ميكنزيمات البحث العلمي، لا من حيث التجرد و الموضوعية، و لا من حيث مناقشة هذه النظرية من أدبياتها العلمية كما أصل لها روادها من المفكرين و المنظرين ..

“إن العاقل نصفه احتمال، ونصفه تغافل.. ”
دعوني اتغافل كثيرا، فقد انساني التغافل ما قاله فلان، و اتركوني احتمل كثيرا كي أرد على افتراءات ” الباحث” فلان .
ليت “الشرخ” الذي حاولت أن ترسمه في بداية مقالك بين أجهزة الدولة و أطرها، قد كرسته لتبرز، و لو في جزء قليل منه، لمجهودات هذه الاجهزة في زمن الكورونا، لتساهم من خلال ” “تنظريك” هذا، في مسايرة مجال البحث العلمي لدور السلطات في زمن كورونا، ليكمل بعضهما الاخر، و لو اقتصر الأمر على ما هو نظري، كمجال معرفي تشتغل فيه، و يبدو أنك لا تتفنن فيه كصاحب اختصاص، فبالك باختصاصات أخرى تبقى بعيدة عن التنظير !
اختصاصات لا تميز بين العام و الخاص !
مهام لا تميز بين الليل و النهار!
صلاحيات متعددة و متنوعة !
وظائف الكل في الكل !
قالوا سكتَّ وقد خوصِمْتَ قلتُ لهم ..
إن الجوابَ لبابِ الشرِّ مفتاحُ..
إن الوزارة التي تحدث عنها بشر و سوء منذ بداية مقالك الموجه، الذي لا يقبل التصنيف لا كبحث علمي، و لا كمقال موضوعي، و إنما يندرج في خانة ” الغير مصنف”، هي الوزارة التي كانت تخطط و تنفذ لمختلف التدابير و الإجراءات المتخذة، التي شهد بها الداني و القاصي، عندما كنت انت “كباحث علم” مختفيا في منزلك، و كان أطرها بمختلف تخصصاتهم و مراتبهم، من جهة، ينظرون (من التنظير)، يفكرون (الفكر)، و ينسجون الخطط (صناعة الاستراتيجيات) …، و يعمل أسياد الميدان، رفقة باقي المصالح، من جهة أخرى، على التجسيد العملياتي و التنفيذ الميداني لما تم التفنن في وضعه، لكي تبقى محميا انت و عائلتك و محيطك…

وكم جاهلٍ بي وهو يجهَلُ جهلَهُ … ويجهَلُ عِلْمي أنه بيَ جاهلُ..
.. دعوني أتجاهل جهله بعمل السلطة، و أتجاهل نفسي عن جهله، و أرد تباعا عن اقاويله، التي قد تصنف في خانة الجهل، و نعتبره معذورا و نبعده عن هذه التهمة، و قد تدرج في خانة الاستهداف، و يكون أولى بذلك..
دعوني اناقش بمنطق إحصائي بسيط الفهم، أول “أفكاره” حتى يستوعب !
كم من إستهداف ممنهج – كما سميته- قام به رجال السلطة ؟
واحد، اثنين، ثلاثة، عشرة أو عشرون على الاكثر؟
منها ما يدان، طبعا..
كم من تدخل يقوم به رجال السلطة في اليوم على طول وطننا العزيز؟
ثلاثة تدخلات لكل رجل سلطة، او أربعة، او خمسة أو عشر ؟
ما هو مجموع تدخلاتهم في اليوم ؟
ألف، ألفين، ثلاثة آلاف، أربعة ألاف في اليوم،؟
كم بلغ مجموع التدخلات خلال المرحلة الأولى من الحجر الصحي؟
نوجزها في 30000 ألف تدخل من أجل فرض حالة الطوارئ الصحية، و ما يتفرع عنها !
يعني مجموع “الانزلاقات” لا يتعدى عشر و أثارت غيرة قلمك .. و تغاضيت عن ما يقل 30000 تدخل على الأقل!
ما هي نسبة هذه ” الأفعال المهينة” في مخيلتك الحسابية؟
70% أو 80% من مجموع تدخلات السلطة، و باقي المصالح، أو أكثر ..
إنها يا سيدي “الباحث” لا تتعدى نسبة 0,06 %..
منها ما يستحق الادانة فعلا، و منها ما هو حق و صور على أنه باطل !
أراه صغيرًا قدرها عظم قدره .. فما لعظيمِ قدره عنده قدرُ.
أولم يتراع إلى مقالك هذا، حالات الاعتداء اليومية على رجال السلطة أثناء مزاولتهم لمهامهم، و أثناء سهرهم على تنفيذ القانون؟ و التي تتجاوز حالات ” الانزلاقات” التي بنيت عليها مقالك !
او لم تر من كل هذه التدخلات خيرا، أو جزء من الخير ، حتى تتنكر له !
لم تر خوف و بكاء رجل السلطة على الساكنة خلال حملات التحسيس !
لم تر مجابهة التجمعات بصدر عار !
لم تر تنظيم الأسواق و المحلات ووو..!
لم تر السهر على ضمان التموين!
لم تر وظيفة التتبع ” الصحي” للمخالطين، حتى لا يغادروا أماكنهم ! و هي من أخطر الوظائف المستترة !
لم تر الإشراف على تنظيم الخروج الاستثنائي من المنازل !
لم تر تنظيم عمليات توزيع المساعدات الغذائية و المالية على الأسر!
لم تشاهد تقدم رجال السلطة، رفقة باقي المصالح، في تنفيذ جميع تدابير حالة الطوارئ..
اظن أنك رأيت، فتجاهلت و تعاميت .
لا تزهد في المعروف، فالدهر ذو صروف..

سيعاتبك الآخرون على صمتك الطويل .. و تناسو أن في صمتي حمل ثقيل..
قلت “خطايا كبرى” و “مجلدات ضخمة”، و انت لم تكتب بحثا علميا رصينا متخصصا في مجالك التخصصي، فما بالك، بمجال بعيد عنك..
فباستثناء تدوينات أو مقالات صحفية هنا و هناك؛ لم نر للباحث المنظر والمفكر أي مؤلف أو دراسة علمية خاصة بشأن الموضوع المثار..
فادعاء المعرفة أشد خطرا من الجهل ..
حللت و شخصت اسباب عرقلة التنمية في بلادنا، بسرعة و بديهة علمية رزينة، وفق منهجية مختصرة .. و وجدت أن سببها رجل السلطة..
اجلدوه فهو السبب في كل شيء ..
قلت التعمير و البناء .. فقلنا يوجد رجال السلطة في طليعة مراقبيه، في ظل تعدد متدخليه ..
قلت الاستثمار .. فقلنا له أهله و اناسه ..
قلت الانتخابات .. فقلنا يدبرها رجال السلطة بعز و شرف ..
قلت التنخيب.. فقلنا أنتم أهله، و أنتم ” مثقفوها”.
قلت اختلالات المجتمع .. فالكل جزء منها ..
قلت الوساطة .. فقلنا يمارسها رجال السلطة بمسؤولية و ضمير، رغم وجود من هم أصحابها و أهل الاختصاص فيها ..
قيل قديما “راحة الحكماء في وجود الحق، وراحة السفهاء في وجود الباطل”.

تحدث عن ثقافة و تكوين رجل السلطة بحقد و سوء نية، و به اختم، فأقول لك :
أن اجتياز مباراة الولوج الى السلك العادي لرجال السلطة، بالمعهد الملكي للادارة الترابية، هو أصعب من اجتياز أي مباراة، بمراحلها الأولية في الانتقاء، و امتحاناتها الكتابية و الشفهية و النفسية و الرياضية و العسكرية…، و التي تتعدى عشرة مراحل…، قبل أن تقبل و تحمل شرف الانتماء إلى هذه الهيئة ..
هل تعلم أن النتائج النهائية لهذه المباراة، عادة ما تفرز نخبة النخبة في تخصصاتهم المتعددة و المتنوعة؟ من خريجي كليات الحقوق، الاقتصاد،و العلوم… ، من معاهد الهندسة و التكنولوجيا، من المدراس العليا للاقتصاد داخل المغرب و خارجه ..!
هل تعلم أن التعليم الذي يتلقاه رجال السلطة، بشقيه الإداري و العسكري، يوجد في طليعة المقررات المعتمدة في المعاهد العليا، و بأحدث أساليب التدريس و التعليم في العالم ؟
فجهل الإنسان بجهله و اغتباطه بهذا الجهل يجعله جاهلا !

و أخيرا و ليس آخرا، لا يهم رجل السلطة تقييمك له بالفشل أو النجاح، و لا يزيد شكرك و انتقاصك له في شيء، لأنك تحدتث بمنطق الحاقد، و ليس بمنطق الباحث الناقد، ولأن رجل السلطة سيبقى وفيا لشعاره الخالد، و سيقوم بواجبه في خدمة ملكه و وطنه على أكمل وجه ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى