في الحاجة إلى عرض سياسي جديد..

خالد أشيبان – مقال رأي

لا يمكن أبدا استعادة ثقة الناس في السياسة بأحزاب ميتة وفاقدة لكل مصداقية أو شرعية .. فمن جهة، أحزاب يجمعها تحالف حكومي هجين مبني على سراب المصالح. ومن جهة أخرى، أحزاب في المعارضة غائبة عن المشهد ومستقيلة عن ممارسة صلاحياتها، وبعضها ينتظر أول فرصة للالتحاق بتحالف الحكومة واقتسام غنيمة المناصب .. وليذهب الشعب إلى الجحيم !

استعادة الثقة لن تتم إلا بإعطاء إشارات قوية تغير قواعد اللعبة، وتقحم في المشهد لاعبين جدد ذوي مصداقية يمكن أن يعطيهم الناس فرصةجديدة لإثبات صِدق نواياهم. لهذا فنحن اليوم في أمَسِّ الحاجة إلى عرض سياسي جديد، أو عروض سياسية جديدة مختلفة، تعكس خصوصيات المجتمع المغربي، وتتأقلم مع التغيرات السريعة التي يعرفها العالم.

فلم يعد هناك مكان للإيديولوجيات الميتة يمينا ويسارا، بل لم يعد هناك يسار أو يمين في العالم بأسره. ولم يعد هناك أي مجال اليوم سوى ل “شرعية الإنجازات” …

لذلك فنحن في أمَسِّ الحاجة اليوم لعرض سياسي جديد، او عروض سياسية جديدة مختلفة، تقنع المغاربة، وتستوعب العازفين عن الممارسة السياسية، وتجيب على تساؤلاتهم الكثيرة، وتخاطبهم بلغتهم، وتقدم حلولا جذرية لمشاكل بلدهم المتراكمة، بعيدا عن الحشو واجترار المفاهيم …

فالمشاريع السياسية المتواجدة اليوم كلها تنهل من مدارس لم يعد لها أي وجود في العالم، وتجاوزها الزمن بسنوات ضوئية .. لهذا فنحن في أمس الحاجة اليوم لعرض سياسي جديد، أو عروض سياسية جديدة مختلفة، تسائِل الماضي لتجيب على تساؤلات الحاضر مستشرِفةً المستقبل …

وأزمة كورونا التي نعيشها حاليا أثبتت بأن الهوة بين المجتمع والهيئات السياسية الموجودة كبيرة جدا، وبأن كثرة الكلام والشعارات لا تنفع في شيء عندما يكون الناس في أمس الحاجة للفِعل. وأثبتت كذلك بأن الثقة يمكن استرجاعها بالإنجازات التي يحسها المواطن، وليس برفع الشعارات البرَّاقة.

وقد شاهدنا كيف التحم المغاربة وتآزروا لحماية بلدهم، وهذا يعني بأن أمر بلدهم يعنيهم. وقد شاهدنا كيف فرح المغاربة، وعادت ثقتهم في مؤسسات بلدهم عندما أحسوا بأنها تقوم باللازم لحمايتهم. وهذا يعني بأن سبب فقدان الثقة كان ولا يزال كثرة الكلام وقِلَّة الإنجازات …

لذلك فإذا كان من درس يجب استخلاصه من هذه الأزمة، في هذا السياق، فهو أن أي عرض سياسي لا يجيب على أسئلة المواطن ولا يطرح أي جديد لتحسين وضعيته لن يخلق أي امتداد داخل المجتمع. وأن أحسن طريقة للرد على بائعي الكلام هي الإنجازات الملموسة، التي تجعل المواطن يميز بسهولة بين من يخدِمه وبين من يستغبيه …

وأظن أن ارتفاع منسوب يقظة المواطنين، طيلة هذه الفترة الأخيرة، يُعدُّ فرصة لإقناعهم بالانخراط والمشاركة بعد انقضاء الأزمة. لكن الأهم، في تقديري المتواضع، هو أن تُفرِز هذه الأزمة عرضا سياسيا جديدا، أو عروضا سياسية جديدة مختلفة، يمكنها استيعاب كل تلك الأصوات التي تعبأت وتجندت للدفاع عن وطنها.

فلا قيمة لكل ما يحدث اليوم من تعبئة ويقظة مجتمعيتين إذا تبخَّرتا واندثرتا مع نهاية هذه المحنة، ولم تتحولا إلى قوة ضغط شعبية في الميدان …

وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم !

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. العرض السياسي الجديد.
    او العروض السياسية الجديدة.
    وأنه ليس هناك لا يسار ولا يمين و….
    أعتقد أن مثل هادا الطرح هو بمتابة فقدان البوصلة لخدمة أجندة انتضار الدي ياتي ولن يأتي لتبقي الأمور على ما هي عليه.
    كأن المغاربة لا يعرفون مادا يريدون والي أين هم داهبون.
    هادا يا أخي إحباط وتبخيس لنضالات الدين ماتوا في السجون من أجل مغرب ديمقراطي تسود فيه إرادة الشعب من أجل كرامة الفرد والمجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى