عبد الإله الجوهري…عن تأثر السينما و الدراما بأزمة كورونا و رأيه في الأعمال الرمضانية

نجلاء مزيان : هبة بريس

فرضت الأزمة الراهنة التي يعيشعا العالم الكثير من المتغيرات على كافة القطاعات. أحد هذه القطاعات الذي تأثر بقوة هو قطاع السينما، خاصة بعد توقف عمليات الإنتاج بقطاعي السينما والدراما، لاسيما أن المغرب يعد من أهم الدول التي يصور فيها الأعمال العالمية.

توقف قطاع الإنتاج والتصوير ألقى بظلاله على آلاف الأسر التي يعمل أربابها بالقطاع في كافة الوظائف، كما انعكس أيضا على الدخل الذي كانت تدره عمليات التصوير في المغرب، خاصة قبل الموسم الرمضاني الذي كان يحظى بعرض الكثير من الأعمال الدرامية…تساؤلات عدة باتت تفرضها المرحلة الراهنة..لذا كان لنا هذا الحوار مع أحد أهم الأسماء المغربية في عالم السينما ؛ المخرج المتميز والذي بصم اسمه في عالم الإخراج عبر أعمال ناجحة قدمها على مدار الأجيال السيد “عبد الإله الجوهري”.

1- هل بالفعل المادة الدرامية تتأثر فنيا بالإشهار؟ بحكم أن المشاهد ينفر من فرط تكراره؟

– طبعا المادة الإشهارية تتأثر إلى حد كبير بالإشهار، لاعتبارات متعددة، أولها أنه يعرض متتاليا وسط الأحداث، أساسا في اللحظة الحاسمة لتطورها، مما يشتت ذهن المتفرج، ويجعله يفقد التواصل الفعال، كما يحول العمل من متتاليات إبداعية منسجمة إلى وحدات غير منسجمة في بنائها، الأمر الذي يكون له اثرا سيئا في عملية التلقي، وقبل ذلك يضرب البعد الإبداعي للعمل ويفقده مصداقيته. ممارسات تؤكد بالملموس أن القنوات التي تركز على تقطيع الأعمال الدرامية وحشوها بوصلات اشهارية، لا يهمها خدمة الذائقة الفنية للجمهور وامتاعهم، بقدر ما يهمها على وجه الخصوص تمرير بعدها التجاري وجني الأرباح دون وازع أخلاقي أو إبداعي.

٢- أضرار كورونا على الانتاجات المغربية ؟

– الضرر على الانتاجات الوطنية عامة، و خاصة منها السينمائية التي تأثرت بشكل كبير، حيث توقفت العديد من المشاريع التي كانت تصور، و أيضا تلك التي كان الاعداد في صدد التحضير لها لكي تصور، مما أدخل القطاع الفني في حالة عطالة تامة، الأمر الذي كان له الأثر الكبير على العشرات من المشتغلين في الساحة الفنية بالمغرب.
وهي أزمة سترمي بظلالها خلال الشهور القادمة، حتى ولو تجاوزنا المرحلة الحالية، واستطعنا التغلب على الوباء، لأن أثاره وخيمة وستمتد لشهور أخرى. مثلا تصوير الأفلام الأجنبية على أرض المغرب لن تعود حركيته في الآجل القريب. وبالتالي يجب على الدولة أن تجد حلولا لتنشيط الواقع الفني المغربي، ومحاولة تقديم تشجيعات للمنتجين عامة، كي يعودوا لممارسة نشاطهم، بما يتوافق مع شروط السلامة من هذا الفيروس الفتاك ، كي تعود الروح للحياة الفنية.

٣- رأيك ف الأعمال الرمضانية !

– للأسف، هناك نقاش دائم حول الإنتاجات الرمضانية، وهي نقاشات في كثير من الأحيان تكون متهافتة تمتاز بالتسرع في الاحكام لدى العديد ممن يغامر بالكتابة، إضافة لتصفية الحسابات بين الشركات المنتجة، من خلال كراء بعض الأقلام الصحفية والنقدية إما للمديح او الهجوم، الشيء الذي يجعل المتفرج يقع تحت طائلة التأثيرات السيئة وهو يتابع هذه الأعمال.
الأعمال الرمضانية، وكما نعرف، يحكمها في الغالب العام البعد التجاري، من خلال التهافت على المستشهرين، الشيء الذي يجعلها تميل في اختياراتها للمنتوجات الشعبية، إن لم نقل “الشعبوية”، التي تستقطب أكبر عدد من المشاهدين، من خلال المراهنة على ” الاضحاك “بكل أشكاله، الشيء الذي يفتح الباب في كثير من الأحيان، لبعض الموهوبين كي يلجؤوا لعالم الدراما ويصيبوها بعدوى التفاهة. لكن بالمقابل هناك أعمال رمضانية، وإن كانت قليلة، تستحق التنويه والتصفيق لأنها تقدم منتوجا مقبولا رغم ما نعرفه من ظروف الإنتاج المرتبطة بالشهر الفضيل.
فعموما، هناك الغث والسمين، وإن كنا نقر بأن الغث حاضر و بقوة، أكثر من حضور السمين.

٤- هل انت مع ” أن الشاشة المغربية ببعض برامجها تزرع قيم دخيلة محل القيم الحقيقة التي يجب أن يتحلى بها المواطن المغربي” كالاستهزاء والسخرية…؟

– الدراما الرمضانية، وكما يجب ان يفهم المسؤولون عن القنوات التلفزية المغربية، قبل شركات الإنتاج والمخرجين وكل الفنانين المغاربة، أنه ليس الهدف منها هو “الاضحاك ” و”تعمار الشوارج”، بل ممارسة إبداعية تتطلب الكثير من الخلق والإبداع. إضافة أنه ليس من المفروض أن يكون”الضحك”طاغ على الدراما في الشهر المبارك، خصوصا تلك السيتكومات الفجة، القائمة على “تعواج” الوجه…
لهذا يجب إعادة التفكير في إطار إبداعي يضمن الربح المادي من خلال جلب المستشهرين،و في نفس الوقت يضمن تلبية ذوق المشاهد وكذلك يجعل الذائقة الفنية للبلد تعرف تحسنا و تطورا، مع احترام القيم التي ليست” الأخلاقية ” بالضرورة، و إنما القيم الإبداعية البعيدة عن كل فجاجة، وقول يترجم بالصورة أو الحوار.
إذن يجب أن نراهن أكثر على إنتاج مسلسلات وسلسلات، تنتصر للتاريخ وللشخصيات التراثية، سواء منها السياسية أو الأدبية أو حتى الشعبية القادرة على جعلنا نستعيد تلك اللحظات المشرقة في مسار بلادنا.

5- رأيك في تواجد نفس الوجوه في كل القنوات، هل يستحقون، أم “باك” صاحبي” تطغى على الفن والإبداع؟

– للأسف، هناك بعض الشركات الإنتاجية تشتغل بمنطق الشللية، وبالتالي تستعين في اغلب أعمالها بنفس الوجوه الفنية، الشيء الذي يكون له الأثر السلبي على المشهد الإبداعي بالمغرب، حيث نعيش بشكل دائم مع ممثلين معينين، دون أن تتجدد الدماء، كما أنك تصاب بالدوخة في بعض الأحيان، خاصة عندما تنتقل من قناة لقناة، تجد نفس الممثلين هنا وهناك، وبنفس السحنة وطريقة الأداء، لحد أنك في بعض الأحيان تتساءل، هل لازلت تشاهد نفس العمل أم أنك أمام عمل آخر. والأمر لا يعود دائما لثقافة “باك صاحبي”، ولكن يعود في كثير من الأحيان، للثقة والتفاهم والارتياح في الاشتغال.
صحيح هناك أعمدة للتمثيل في المغرب يجب تكريمهم والحفاظ على حضورهم، بما يتلاءم مع تاريخهم الفني المحترم، لكن وجب أيضا وفي نفس الآن، أن نجعل منهم قاطرة للجذب ومساعدة الشباب، من خلال البحث والتقصي، لاكتشاف مواهب أخرى، واعطائها الفرص لتقول كلمتها، خاصة وأن المغرب اليوم، يعج بالمواهب التي درست وتخرجت من المعاهد الوطنية والدولية.

٥- جديدك ؟
هناك مجموعة مشاريع أنا بصدد دراستها واختيار منها ما يتلاءم مع تصوراتي الفنية والفكرية، وهي مشاريع في الغالب الأعم سينمائية. أتمنى أن أتوفق في اختيار الأحسن، وقبل ذلك أن نجتاز جميعا، كمغاربة، مرحلة الوباء الذي حد من انطلاقة الممارسة الفنية بالمغرب. والعودة في القريب العاجل للواجهة كبلد معروف بالفن والسلم والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى