باحث مغربي : الدولة قد تفقد قدرتها في التعاطي مع الاحتجاجات

هبة بريس ـ متابعة 

حذّر الكاتب والمحلل السياسي المغربي، بلال التليدي من أن “الأحداث المؤلمة التي عاشتها منطقة جرادة شرق المغرب، أول أمس الأربعاء، قد تكون نسخة من درس لم يستوعب في التعاطي مع حراك الريف”، مشيرا إلى أنها “تطرح في هذه الظرفية الحساسة أسئلة عميقة ليس فقط عن شكل تعاطي الدولة مع الاحتجاجات، ولكن أيضا عن الاحتجاج نفسه”. 

ورأى التليدي، أن الدولة المغربية قد تفقد قدرتها في التعاطي مع الاحتجاجات الاجتماعية، “إذا لم يتم تصحيح المسار السياسي وإنهاء قوس النكوص، ورفع اليد عن النخب السياسية، وإعادة الاعتبار للمؤسسات، والعودة لأطروحة التوازن الاجتماعي، بدل دولة ينتفع منها عليها رجال الأعمال، هذا هو المخرج، ليس فقط لاحتجاجات جرادة، ولكن لكل الاحتجاجات التي يمكن أن تخرج من الأطراف المقصية”.

وأضاف: “نعم، ثمة إكراهات مرتبطة بالوضع الإقليمي، وثمة ربما ضغوط مؤلمة، لكن، مهما تكن الظروف، فالمغرب، إذا تملك جبهته الداخلية القوية، فإنه لا يعدم الذكاء الدبلوماسي والسياسي لتحصين سيادته وقراره المستقل الخادم لاستقراره، بل، إن ورقة استقراره، بما تعنيه من وجودية ومصيرية مساره الديمقراطي، تشكل أفضل ورقة للمناورة وتجنب الضغوط الخارجية”.

وتساءل التليدي: “كم ستتحمل ميزانية الدولة لو قامت عشرات الأطراف تطلب حقها في التنمية، وكم من لجنة، سيتم إنشاؤها للتعاطي مع مطالب هذا الحراك أو ذاك؟ وكم ستكون قدرة قوات الأمن على التحمل في مواجهة هذه الاحتجاجات؟ وكم ستكون قدرة المحاكم والسجون على استيعاب القضايا والسجناء؟ وكم سيكون لدى وزير الدولة مصطفى الرميد أو الناطق الرسمي باسم الحكومة من طاقة للرد على التقارير الدولية؟”.

وأجاب قائلا: “بلا شك، ثمة خيار أفضل من كل هذه القدرة غير المضمونة، وهو بالتأكيد ليس خيارا سهلا، فبناء الثقة، أو بالأحرى إعادة بنائها، يحتاج لقرارات وسلوكات تختبر في الزمن، كما أن أطروحة التوازن الاجتماعي، تحتاج إلى تغيير البوصلة تماما، من سياسات ينتفع من ورائها رجال الأعمال، إلى سياسات يديرها سياسيون خرجوا من رحم الشعب ومن رحم إرادته الحرة المعبر عنها في الانتخابات بعيدا عن حدب الدولة وعطفها”.

وأكد التليدي أن “الدولة تمتلك قوة الاعتقال وسلب الحرية، بشروط القانون أو بتوظيفه، والمحتجون يملكون سلطة الشارع، وأحيانا أخرى سلطة الصورة.”

وقال التليدي في حديث لـ “قدس بريس”  : “الدولة، أو بالأحرى وزارة الداخلية، تقول بأن تدخلها جاء ردا على العنف الممارس ضد قوات الأمن ومعداتهم، وأنها سبق لها أن أصدرت بلاغات تمنع الاحتجاج، (..) وأن الأمر يتعلق بعناصر تريد “الفتنة وزعزعة الاستقرار”، وساكنة جرادة يقولون شيئا آخر مستوحى من رصيد اللاثقة، ومن واقع التهميش والإقصاء والفوارق بين المركز والأطراف، ومن عنف الدولة في مواجهة الاحتجاج السلمي الحضاري”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى