التومي: المغرب ما بعد كورونا

بقلم أحمد التومي

بعد إطلاق حزب التجمع الوطني للأحرار منصة maba3d corona التي وضعها الحزب بمثابة فضاء للنقاش بين مختلف القوى الحية من فاعلين سياسيين وجمعويين ومثقفين ومواطنين لإدلاء اراءهم وتقديم مقترحاتهم حول طريقة تدبير مرحلة ما بعد كورونا قدم أحمد التومي، نائب برلماني عن حزب الاستقلال بدوره رؤيته لهذه المحطة المهمة من تاريخ المغرب والتي تنصهر فيها الحزازات السياسية بين مختلف المتنافسين السياسيين لتقديم تصور للمستقبل.

أحمد التومي..
مما استرعى انتباهي، ونحن نعيش أجواء الحجر الصحي من جراء فيروس كورونا (كوفيد-19) ما كتبته الجرائد الورقية والإلكترونية والتعليقات الواردة داخل وسائل التواصل الاجتماعي والدروس التي يجب استخلاصها بعد الخروج من هذه الأزمة وضمان انطلاقة سريعة لعجلة الاقتصاد الوطني، وما كتبه السادة نزار بركة وعزيز أخنوش وما رد به السيد ادريس الأزمي الإدريسي بخصوص مواضيع ذات أهمية و راهنية كبيرة.

وَمِمَّا يزيد المتتبع اهتماما بما عبر عليه هؤلاء السادة كونهم رجال سياسة ورجال دولة بالإضافة إلى ممارستهم لمهام دستورية اوحكومية استراتيجية أو هما معا كما هو الحال بالنسبة للدكتور نزار بركة. ومن الصدف كذلك انهم كلهم تحملوا مسؤولية وزارة الاقتصاد والمالية.

وأريد من خلال تفاعلي أن أشارك، بكل تواضع، في هذا النقاش الهام، مساهمة مني بأفكار تعبر عن وقناعاتي بخصوص بعض مواضيع التي أثاروها، واعتذر مسبقا عن اَي سوء فهم قد يصدر بدون قصد مني مذكرا في الوقت نفسه لما أكن لهم عميق الاحترام والتقدير.
ومن خلال قرائتي للمواقف، اجد ان عناصر الالتقاء ظاهرة في العديد من المحاور، أما الاختلاف فيرصد عندما تعلق الأمر بالمقاربات المرتبطة المواكبة المالية للفاعلين الاقتصاديين الذين تكبدوا خسائر كبيرة جراء الحجر الصحي وانقطاع سلاسل التوريد. فإذا كانت الدولة سباقة الى دعم الطلب من خلال برنامج ضمان مدخول محترم للشغيلة التي فقدت مداخيلها وكذلك الشأن بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، فإنه من الطبيعي التوجه الى دعم العرض، اَي دعم الإنتاج. ومن هذا المنطلق هنا تبرز أهمية دعم المقاولات التي تضررت أنشطتها جراء هذا الوباء والتي لن تسترجع عافيتها في فترة زمنية قصيرة جزءا أو كليا بعد الأزمة. وهنا كذلك تكمن أهمية دعم مالية المقاولات وذلك من خلال اولا تيسير الحصول على القروض وثانيا عبر جدولة هذه الاخيرة أو اعادة تمويلها الى ان تتعافى وضعيتها المالية، ولما لا التخلي عنها بالنسبة للمقاولات الصغرى جدا والصغرى والمتوسطة. ولا داعي للتأكيد على ضرورة الإبقاء على نفقات الاستثمار والطلبيات التي تقوم بها الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية . وهذا أقل ما يمكن عمله في الوقت الراهن لتدبير ظرفية الوباء بنجاعة وفعالية. يوميا تطالعنا الصحف الوطنية والدولية عما اعتمدته حكومات بعض الدول الصناعية من تدابير لمواجهة آثار الجاءحة وخاصة ما يتعلق منها بدعم الشركات للحفاظ على مواردها البشرية والإنتاجية، وحتى تأمين انطلاقة سريعة لها بعد خروجها من الأزمة لاقتناص الفرص واكتساح أسواق جديدة.
فالسيدان بركة وأخنوش يلمحان، حسب فهمي، إلى اعتماد سياسة مالية مرنة، إذا دعت الضرورة الى ذلك، من قبيل سياسة “المرونة الكمية” (quantitative easing) تزيغ، حسب الحاجة، قليلا أو كثيرا عن إكراهات ما يعرف بـ “التوازنات الماكرو اقتصادية”، والتي من بينها دين الخزينة (المديونية) وعجز الميزانية والتضخم. وهنا أفتح قوسا لأقول أنه لا مفر منها لضخ الأموال الضرورية في النسيج الاقتصادي عن طريق اللجوء للاقتراض. ومن جهة اخرى نجد ان السيد الأزمي يتمسك بضرورة إبقاء نسبة المديونية في حدود 65% من الناتج الداخلي الخام وأن كل زيادة في هذه النسبة قد تكون لها عواقب على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين.
شخصيا أشاطر رأي السيدين بركة وأخنوش، لطالما وقفت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب وقفت طويلا عند مناقشة حجم المديونية وعلاقتها بالناتج الداخلي الخام. وانا كعضو باللجنة المذكورة لا يعني لي شيئا كثيرا التشبث بنسبة معينة للمديونية خاصة في علاقتها بالناتج الداخلي الخام. فإذا كانت الافتراضات تساعد على خلق الثروة وتمكن من استرداد الذين وفوائده فلا ضير من ذلك. أن سعر الفوائد في السوق الدولية منخفض نسبيا وبشروط ميسرة. ففي أكتوبر الماضي، قامت وزارة المالية، وفِي ضرف وجيز، بتعبئة مليار أورو من السوق الدولية بسعر فائدة لم يسبق له مثيل. وللمقارنة فسعر الفائدة للذين الداخلي كان، أواخر 2018، 4.3% بفرق كبير مع سعر الدين الخارجي الذي لا يتعدى 2.4% (انظر تقرير وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة 2020). مع التذكير أن الدين، في معظمه، دين داخلي متحكم فيه ويمكن تدبيره بسهولة، في حين أن الدين الخارجي يمثل اقل من 14% من الناتج الداخلي الخام. وللإشارة هنا فلا غرابة للمرء أن يلحظ كوّن مستوى المديونية يفوق 100% من الناتج الداخلي الخام في العديد من الدول كفرنسا وإيطاليا واليونان والولايات المتحدة. أما الاغرب من ذلك نجد ان اليابان، وهي من الاقتصادات الكبرى، تتحمل مديونية تقارب 250% من ناتج داخلها الخام.
نرجع إلى ما يصطلح ب “التوازنات الماكرواقتصادية” والتي دخلت إلى القاموس الاقتصادي المغربي غداة خروج المغرب بعد 10 سنوات من برنامج التقويم الهيكلي بداية تسعينيات القرن الماضي. وهكذا فإن ما كان ظرفيا لغرض استرجاع المغرب لعافيته الاقتصادية، اصبح مستداما فيما يخص مؤشرات الاستدانة، وتقليص عجز الميزانية والتحكم في التضخم. والجدير بالتذكير بأن نفس هذه المؤشرات التي تقيدنا بها هي نفسها المعاييرالتي تم اعتمادها بعد اتفاقية ماستريخت التي مهدت للعملة الأوروبية الموحدة “الأورو” والتي تشترط على الدول التي تعتمد الأورو الالتزام بالحفاظ على مستوى المديونية في اقل من 60% من الناتج الداخلي الخام وعجز الميزانية في 3% من الناتج الداخلي الخام والتضخم في أقل من 2% من نفس الناتج الداخلي الخام. و للإشارة فان الجميع يعي بأن هذه الشروط هي ضرورية للحفاظ على نفس قيمة العملة داخل الدول التي تعتمدها. إلا أنه غير مفهوم ان يتقيد المغرب بنفس الشروط ولوأن منطقة الأورو تستوعب أكثر من 60% من معاملات بلادنا التجارية. والواقع الاقتصادي يبرهن أن العديد من دول منطقة الأورو تجد صعوبة في الالتزام بهذه المؤشرات ، خاصة بالنسبة لعجز الميزانية، إذ ترى فيها كبحا لسياستها الاقتصادية وفرملة لطموحها. فلا غرابة أننا نجد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا مثلا، عبرت صراحة عن رفضها التقيد بها. فكيف للمغرب كدولة نامية، تطمح الى الانضمام الى نادي الدول الصاعدة، أن يحرم نفسه من آليات تمويل ميزاناتية ونقدية لخدمة اقتصاده نحن في حاجة اليها اكثر من اَي وقت مضى.
من أهم آليات التمويل الغير المألوفة هو تحديد مستوى التضخم (أي التغيير في مستوى الأسعار). فلقد أثبت نظريات علم الإقتصاد معززة بالتحاليل الميدانية أن هناك رابطا قويا بين مستوى التضخم ومستوى البطالة. وإذا ربطنا البطالة بالإنتاج، من باب أن البطالة تحد من الإنتاج، فهذا الرابط ينطبق كذلك على التضخم وعلاقته بالناتج الداخلي الخام. تجزم هذه العلاقة أن التضخم في علاقة معكوسة مع مستوى البطالة. وبمعنى آخر، فإن ارتفاع التضخم يؤدي إلى انخفاض في البطالة، الذي بدوره يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج ومن تم رفع الناتج الداخلي الخام. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا كان شكل الرابط ينطبق على جميع الاقتصادات، فان التحديد الكمي لهذا الرابط يختلف من دولة إلى أخرى. ففي الولايات المتحدة، مثلا، كل تراجع بنقطة في نسبة التضخم يؤدي إلى ارتفاع البطالة بنقطتين.
ومن الملاحظ ان المغرب، ولسنوات عديدة، ظل يتمسك بمستوى منخفض للتضخم. ففي سنة 2019، انخفض مستواه الى 0.2%، اَي أدنى مستوى له منذ خمسين سنة. وهذا المستوى يقترب كثيرا من منطقة الانكماش الاقتصادي (déflation ) وينذر بعواقب وخيمة على التشغيل والاستثمار ومداخيل الدولة. فهل هذا من بين أسباب بقاء مستوى نمو الناتج الداخلي الخام في المغرب و لعشرات السنين في معدل 3% ، اَي يبتعد كثيرا عن 7 أو 8% التي يتطلبها الانضمام إلى نادي الدول الصاعدة، والتي نادى بها صاحب الجلالة في خطاب العرش لسنة 2015؟ وإذا قمنا بمقارنة مستوى التضخم في المغرب والدول الصاعدة، نجد أن هذه الأخيرة تسمح لنفسها بتضخم قد يفوق مستواه 10%. ولماذا هذا التباين والحال أن المغرب دولة نامية، يرهق نفسه بتحمل مستوى تضخم صارت تتبرأ منه حتى الاقتصادات القوية الناضجة؟ أليس هذا ما يدفعه إلى التقشف والحد من استثمارات ضرورية في البنيات الأساسية، خاصة ما يتعلق بالتعليم والصحة ؟

ونحن نتهيأ للخروج من جائحة كورونا ونتطلع إلى نموذج تنموي جديد، لابد لبلدنا من تحديد ما يعرف عند علماء الاقتصاد بمؤشر “نيرو” (NAI RU) الذي يعطينا المستوى المقبول للتضخم والذي لا يؤدي إلى الزيادة في البطالة. وقد نتطلع بان يصل هذا المؤشر بالنسبة للمغرب الى 5 أو 6 أو حتى 8%. فمن شأن اعتماد هذا المؤشر الجديد أن يمكن بنك المغرب، من خلال عمليات تقنية (لا داعي للخوض في هذا المقال في تفاصيلها)، من تعبئة أموال إضافية لغرض ضخها في الاقتصاد الوطني. مما يسمح للفاعلين الاقتصاديين من توظيف عمالة جديدة، الشيء الذي يحد من البطالة (أقل من نصف الساكنة النشطة هي التي تشتغل الان واغلبها شباب) ويزيد في الإنتاج، وبالتالي يرفع مستوى الناتج الداخلي الخام ويخفض ميكانيكيا مؤشر نسبة المديونية في علاقتها بالناتج الداخلي الخام. فمن شأن انخفاض نسبة المديونية ان يعطينا هامشا آخر لتعبئة مزيد من التمويلات الخارجية، اذا دعت الضرورة الى ذلك، لمزيد من الاستثمار وخلق الثروة. وهكذا ندخل في “دائرة فاضلة”. في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا ودوّل أخرى التي تعرف أدنى مستويات البطالة ( أقل من4%)، هي التي تتوفر على بنوك مركزية تحافظ على علاقة وثيقة للثلاثي: التضخم، سعر الفائدة والبطالة . تجدر الإشارة هنا أن القانون الأساسي الجديد لبنك المغرب لا ينص ( في مادته 6) إلا على استقرار الأسعار كهدف رئيسي، اَي تتبع مؤشر التضخم، علما أن أول قانون محدث لهذه المؤسسة، سنة 1958، كان ينص على التشغيل كأحد ركائز السياسة النقدية المغربية. ولإعطاء بعض الأرقام المعبرة عن العلاقة بين التضخم والإنتاج، ففي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا، كل تراجع/نقص بنقطة في التضخم يؤدي إلى نقص في الناتج الداخلي الخام، على التوالي، ب : 2.93%، 2.92%، 1.50% و 0.75%.
على التوالي، ب : 2.93%، 2.92%، 1.50% و 0.75%.
وَمِمَّا تثير الاستغراب أن المدافعين عن التقيد بنسبة التضخم في أقل من 2% يدفعون بتجنب غلاء المعيشة ، خاصة بالنسبة للفقراء، في حين أنه كان من الاجدى إيجاد فرص الشغل وتحمل تكلفة زيادة في الأسعار. أليس من باب التضامن أن يؤدي من لهم عمل زيادة قليلة فى ثمن مشترياتهم لنضمن فرص شغل لأكبر عدد ممكن من العاطلين؟
تحمل المخاطر من طرف المقاولين عند اتخاذ القرارات الحاسمة في الاستثمار أو تسيير الأعمال شيء عادي جدا. الحكومة كذلك يجب أن تتحمل بعض المخاطر وهي تعتمد استراتيجيات وتتخذ قرارات تؤثر في مستقبل البلاد والعباد، وهذه مسؤولية تحاسب عليها، وإلا فلن يبقى للتدافع السياسي والبرامج الانتخابية اَي معنى. فما معنى أن تفاخر الحكومة في الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والحال أن مستوى النمو والبطالة والخدمات العمومية تبعدنا عن الاقتراب من الدول الصاعدة، رغم أهمية المجهودات المبذولة وما تحقق من إنجازات كبيرة؟ أن تحمل المخاطر لا يعني أكثر من سن السياسات واتخاذ قرارات جريئة من شأنها الاستجابة إلى تطلعات المجتمع. فان أصابت، جددت الثقة فيها وإن أخطأت ، تقدم استقالتها، وهذا هو جوهر الديمقراطية. ماذا استفدنا، منذ الخروج من التقويم الهيكلي، بالتمسك بتوازنات ماكرو اقتصادية مستوردة ولا علاقة لها بواقع مجتمعنا، تمسك على حساب تمويل المقاولات بسعر فائدة منخفض، توسيع التشغيل، الارتقاء بجودة الخدمات العمومية، الرفع من القدرة الشرائية للأسر والحد من تدهور الطبقة المتوسطة؟ فكلمة “التوازنات” هي في حد ذاتها مضللة ، لأن عكسها هو فقدان التوازن والسقوط، وهذا ليس صحيح. تستحضرني هنا تجربة مصر عندما قررت تحرير عملتها الوطنية مرة واحدة. بعد اتخاد القرار، صعد مؤشر التضخم الى حوالي 28% ومر البلد من صعوبات كبيرة. وهاهي مصر تسجل الْيَوْمَ مستويات عالية للنمو تصل الى 6% (فحتى ما بعد كورونا، يتوقع صندوق النقد الدولي ان لا ينخفض النمو في 2020 عن 2% ، في حين ان اغلب الدول ستشهد انكماشا). هذا دليل حي على أن المخاطرة المبنية على الإيمان القوي بنجاعة القرار والاستشراف الدقيق للمستقبل تأتي أكلها، لا محالة.
يكاد الكل يتفق على أن زمن ما بعد كورونا سيكون مخالفا تماما. ستكون الدول مرغمة على مراجعة أولوياتها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية لتقوية مناعتها في مواجهة الأزمات اللاحقة. والمغرب ليس بمعزل عن هذه المراجعات، خصوصا ان جلالة الملك دعا، قبل الأزمة، الى مراجعة نموذجنا التنموي الحالي وأسس لجنة من الخبراء لهذا المسعى. وَمِمَّا لا شك فيه أن النموذج الذي سيخرج إلى الوجود يتطلب مجهودا ماليا كبيرا، اولا لتعويض ما ضاع جراء أشهر من الحجر الصحي، والذي كان ضروريا لإنقاذ حياة الناس، وثانيا لانطلاق عجلة الإنتاج وتأهيل المرافق الصحية والتعليمية وبناء التجهيزات الاساسية ومنها الطرق السيارة الإلكترونية لنقل وتبادل المعلومات وتسريع الرقمنة الشاملة. وهذا، من دون شك، ما يطمح إليه الوطن، اذ ان رفع هذا التحدي يتطلب أموالا، ولتعبئة هذه الأخيرة لابد من تحمل مخاطر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، طالما أننا نتوفر على هامش محترم للاستدانة بالمقارنة من دول عديدة يتعدى مؤشر مديونيتها مستوانا بكثير.
اضافة الى تعبئة التمويل من خلال اللجوء إلى المديونية، هناك ما أسميه استغلال أو صرف “الربح الماكرو اقتصادي” (dividende macroéconomique) الذي راكمه المغرب طوال سنوات من تحمل عبء توازنات ماكرو اقتصادية قاسية، لم تحقق لنا الطفرة المنشودة. بإمكان بنك المغرب أن يزيد من حجم الكتلة النقدية لدعم الاستهلاك وإنقاذ نسيجنا المقاولاتي، وهذا لايتطلب سوى القبول بالرفع من معدل التضخم ببضع نقاط فقط. وهذا لن يطرح إشكالا، شريطة أن نحدد أهدافنا بدقة ونؤمن متابعة لصيقة لإنجازها كما نوفر مناخ أعمال محفز لها.
ما نحتاجه ما بعد كورونا هو تحقيق طفرة اقتصادية واجتماعية، عبر ما يصطلح عليه في القاموس العسكري ” العمل على تحريك الخطوط” (faire bouger les lignes) اَي أننا بحاجة الى اعتماد توازنات ماكرو اقتصادية جديدة لتحقيق توازن جديد ( new equilibrium)، يكون فيها ارتباط قوي ووثيق بين عناصر: التضخم،التشغيل، سعر الفائدة، عجز الميزانية وعجز الميزان التجاري. توازن جديد يمكننا من إقلاع اقتصادي واجتماعي سريع بدل حشر أنفسنا في ” منطقة راحة” غير مستدامة ولا تستجيب لإيقاع متطلبات المجتمع وتستند إلى قراءة محاسبية حصرية للفصل 77 من الدستور.
تبقى الإشارة إلى أن جهود الدولة للمواكبة المالية للمقاولات يجب أن يوازيها مزيدا من الحرص من طرف وزارة الاقتصاد والمالية على الشفافية المالية والمحاسبية من جانب المقاولات المستفيدة. كما يستوجب التفكير في خلق وكالة وطنية لتتبع استعمال الأموال العمومية الموضوعة رهن إشارة المقاولات والحرص على استرجاعها بقيمة مضافة في حال تعافي المقاولات المعنية وتحقيقها لأرباح. يستوجب كذلك التفكير في آلية لدفع الشركات على ولوج بورصة القيم بالدار البيضاء، وطرح كم محترم من أسهمها للعموم، اولا كوسيلة لتوسيع السوق المالية المغربية وثانيا لإشراك المواطنين المغاربة في الاستفادة من ثمار النمو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى